للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقريظ المطبوعات الجديدة

(تصحيح كتاب الأغاني)
كان علاّمة اللغة وإمامها في هذا العصر الشيخ محمد محمود الشنقيطي قد
صحح في نسخته من كتاب الأغاني بالمطبعة الأميرية كثيرًا من الأغلاط التي كان
يعثر عليها عند المطالعة والمراجعة وزاد عليها في بعض الأجزاء بعض الفوائد
والأبيات من الشعر كتبها على الهوامش فعُني (محمد أفندي عبد الجواد الأصمعي)
بجمع تلك التصحيحات والزوائد من نسخة الشنقيطي بعد أن صحح بها نسخة
المكتبة الزكية بإذن واقفها أحمد زكي باشا وإرشاده، وأضاف إليها تصحيحات
وزوائد أخرى لأحمد زكي باشا من نسخته، وطبع ذلك كله مبينًا مكان الغلط
وتصحيحه من طبعة المطبعة الأميرية وطبعة السياسي، وأضاف إلى ذلك
استدراكات على فهرس الكتاب، فبلغ المطبوع سبعين صفحة كبيرة كصفحات
الأغاني، وكل من ينظر في كتاب الأغاني المطبوع من أهل العلم باللغة وفنونها
يجزم بأن فيه من الغلط الكثير الذي لم يذكر في هذه التصحيحات ما لا يخفى مثله
على الشنقيطي، لذلك جزمت بأن الشنقيطي لم يصحح الكتاب كله بل بعض ما كان
يعثر عليه عند المراجعة أو المطالعة.
ولكن جامع التصحيحات ظن أنه صححه كله بقصد، وأن تصحيح زكي باشا
جاء كالاستدراك عليه، فهو مما خفي عليه أو مما ذهل عنه، وإنني أؤيد رأيي بشاهد
واحد بل شواهد كثيرة في قصيدة واحدة وهي قصيدة أبي دلامة الفائية المنشورة في
ص ١٣٠ من جزء الأغاني التاسع من طبعة السياسي، ففي هذه القصيدة أغلاط لا
تحتمل التأويل، وهي منشورة في الجزء الأول من العِقد الفريد، ومن راجعها
عليه يرى بين ما فيه وما في الأغاني اختلافًا كثيرًا وزيادة ونقصًا، والشنقيطي كان
مطلعًا على العقد الفريد، فلو كان ملتزمًا تصحيح الأغاني لصحح غلط
القصيدة وأشار إلى ما خالفت رواية الأغاني فيه رواية العقد، ومن التصحيف
فيها قول الشاعر:
وطالما اختلفت صيفًا وشاتية ... إلى معلمها باللوح والكتف

صحفت كلمتا (صيفًا وشاتية) في الأغاني بجعلهما (ضيفًا وشانية) ومن
التحريف فيها قوله:
والحق طرف والعين في طرف ...
حرفت فيها كلمة العين المراد بها النقد بكلمة الطين؟
هذا وإننا نشكر للأديب الأصمعي هذه الخدمة التي لا يُنقص من قدرها ما
ذكرنا من الحقيقة، وننصح لكل مقتنٍ لكتاب الأغاني بتصحيح نسخته على هذه
الجداول.
***
(تصحيح كتاب لسان العرب)
كتاب لسان العرب لابن منظور الإفريقي أعظم معاجم اللغة التي أتحفتنا بها
المطابع، ولكن فيه غلطًا مطبَعيًّا كثيرًا، على كونه قد طُبِعَ بالمطبعة الأميرية التي
هي خير المطابع العربية تصحيحًا، وأذكر أنه لما سافر الأستاذ الإمام سفره الأخير
إلى تونس والجزائر وصقلية وأوربة أنابني عنه بتصحيح كتاب المخصص مع
الشيخ محمد محمود الشنقيطي (رحمهما الله تعالى) فكان هذا يذكر لي في أثناء
التصحيح كثيرًا من أغلاط لسان العرب التي اعتمد عليها مصححو المطبعة الأميرية
في تصحيح المخصص فأخطئوا، وقليلاً من الأغلاط التي أخطأ فيها ابن منظور
نفسه في النقل أو الاعتماد على بعض الروايات المرجوحة في اللغة. وقد انتدب
صديقنا أحمد بك تيمور الباحث اللغوي الشهير بتدقيقه وسعة اطِّلاعه لجمع ما تيسر
له من تلك الأغلاط وتصحيحها، وكان ينشر ذلك في مقالات متفرقة في جريدة
المؤيد ومجلتي الضياء والآثار، ثم جمع شمل تلك المقالات وزاد عليها ما عثر عليه
بعد نشرها، وأذن لمحمد أفندي عبد الجواد الأصمعي بطبع ما جمعه وحرره منها-
وهو القسم الأول من التصحيح- فطبعه ووعد بنشر ما اطلع عليه من تصحيحات
الإمام الشنقيطي والشيخ حمزة فتح الله والشيخ إبراهيم اليازجي والشيخ محمود
مصطفى والشيخ محمد البلبيسي أيضًا، فنشكر له هذه العناية.
***
(الكوكب)
جريدة سياسية أدبية أسبوعية تصدر في القاهرة بشكل كراسة من قطع الكتب
الكبير ذات ثماني صفحات مطبوعًا طبعًا جميلاً بحروف المطبعة الأميرية الجديدة،
وموضوعها تنشيط الحركة العربية ودعوة سائر عرب الجزيرة إلى القيام بمثل ما
قام به عرب الحجاز للقضاء على سلطة الترك وتقليص ظلهم غير الظليل عن سائر
البلاد العربية، والظاهر أن لها موارد خاصة تستقي منها أخبار مساوئ الترك
وفظائعهم في سورية والعراق وكذا فظائع حلفائهم الألمان في أوربا، وأنها كانت
توزع في بلاد العرب دون مصر، وأول عدد ظهر منها في مصر هو السابع عشر
فقرَّظه المقطم، ثم اطلعنا عليه وعلى أعداد مما صدر بعده. وثمن كل عدد من هذه
الجريدة قرش مصري صحيح (١٠ مليمات) .