للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: طه البشري


أصول الإسلام
(الكتاب - السنة - الإجماع - القياس)

جاءنا من الشيخ طه البِشْري الأستاذ المدرس بالجامع الأزهر تحت هذا
العنوان ما يأتي:
إلى الدكتور النطاسي محمد توفيق أفندي صدقي:
بعد أن نحمد الله إليك ونصلي على نبيه المجتبى ورسوله المصطفى وآله
وصحبه:
فلقد قرأنا مقالتك التي ذهبت فيها إلى أن الإسلام هو القرآن وحده، ونشدت
من العلماء من يساجلك القول ويبادلك الحجة حتى ينتهي البحث إلى الحق الذي لا
شبهة فيه، فإذا كنت مصيبًا تابعك وأيَّدك أو مخطئًا خالفك وأرشدك وإني مناظِرك
إن شاء الله تعالى بما لا ترى فيه حرجًا عليك من إلزامك بما قال زيد ورأى خالد،
لكن بالكتاب نفسه أو بما رأيت فيه حجة لنفسك من غيره ملتزمًا جهد المستطيع حد
المناظرة الصحيحة حتى تبلغ منزلة الحق الذي ننشده جميعًا فإما تهدّيًا إلى وفاق،
وإلا فقد بلغ أحدنا من مناظره عذرًا، وكثيرًا ما ابتدأت المناظرة بالمهاترة، وانتهت
بتلاحٍ، والحق ذاهب بينهما أدراج الرياح، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله
تعالى أن يعافينا وإياك من هذا البلاء.
اعلم - وفقنا الله وإياك - أن أصول الإسلام أربعة: الكتاب والسنة والإجماع
والقياس.
أما الكتاب فلا تنازع فيه، بل نراك اتخذته وحده التكأة التي تستند في أمر
دينك إليها والحجة التي تنافح عن نفسك فيما ذهبت بها.
وأما السنة فلأننا نثبتها بالكتاب نفسه فهي منه تستمد، وعليه تستند وعنه
تصدر وإليه ترجع، قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: ٤٤) وليس هناك من معنى لتبيين الكتاب غير تفصيل مجمله،
وتفسير مشكله، وغير ذلك من مسائل الدين التي لم يتناولها الكتاب بالنص، ولم
ينبسط لها بالبيان ومثله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (إبراهيم: ٤) وقال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا
وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (البقرة: ١٥١) . الآية فقال: {وَيُعَلِّمُكُمُ
الكِتَاب} (البقرة: ١٥١) ولو كان المراد مجرد تبليغه لاكتفى بقوله: يتلو عليكم
آياتنا، ولا يذهب عنك أن التعليم غير الأداء والتبليغ، ثم عطف عليه بالحكمة،
وعطفها على الكتاب يقتضي أنها هنا شيء آخر وليس هناك غير السنة، وقال
تعالى في مواضع كثيرة: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (النساء: ٥٩)
وطاعة الله لا شك بالرجوع إلى كتابه، وطاعة الرسول بالرجوع إلى سنته، ولو
كان المراد الكتاب وحده لما كان ثمة داعٍ للتكرار، وقال تعإلى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِث..} (الأعراف: ١٥٧) .. الآية، فنص في هذه الآية الكريمة على الأخذ بما يحل
الرسول والتحرج عما يحظر مطلقًا، وقد ثبت أن السنة أباحت كثيرًا وحظرت
كثيرًا بدون أي نص أو إشارة خاصة من الكتاب ومع ذلك يجب الأخذ بكل ما جاءت
به لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (الحشر:٧) .
وقد صرح الكتاب العزيز بأن كل ما أوجب الرسول وأمر، أو نهى عنه
وحظر إنما هو من الله تعالى يجب اتباعه ولا يجوز اجتنابه؛ لقوله تعإلى: {مَن
يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء: ٨٠) وقد أكد سبحانه وتعالى على الناس
في طاعة الرسول وشدد في مواضع كثيرة من القرآن العظيم بالترغيب في اتباعه
ووعد العاملين بأمره بعد أن قرن طاعته بطاعته في قوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: ٧١) وبتخويف المخالفين لأمره،
والمتجافين عن حكمه بقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ
فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: ٦٣) فمخالفة الرسول - ولا ريب -
مخالفة صريحة لأمر الكتاب الصريح.
وقد استدللتَ على أن الإسلام هو القرآن وحده بقوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي
الكِتَابِ مِن شَيْء} (الأنعام: ٣٨) . وعلى تسليم أن المراد بالكتاب هنا هو
القرآن، فإن أردت أن القرآن لم يفرط في شيء من مسائل الشريعة بطريق النص
فلا نستطيع أن نوافقك على هذا احترامًا لمكان الكتاب الكريم من الثقة والصدق؛
فإن القرآن لم يتناول بطريق النص من مسائل الشريعة إلا يسيرًا، وإن أردت أن
الكتاب لم يفرط في شيء من الدين على سبيل الإجمال، قلنا: نعم، فإن القرآن لم
يفرط في شيء من كليات الشريعة، وأنت خبير بأن ذكرها مجملة ليس كافيًا في
استنباط المجتهد ما يقوِّم به العبادة ويحرر المعاملة، على أننا نقول: إن القرآن لم
يفرط في شيء من كليات الشريعة وجزئياتها، فإن ما لم ينص عليه الكتاب منها أمر
باتباع الرسول فيه، فكل مسائل الشريعة على هذا من الكتاب إما مباشرة وإما باتباع
ما يسنه الرسول الأمين.
***
عصمة السنة الصحيحة
وأنها من الله قطعًا
لا نحسبك تخالف في أن الرسول معصوم، وأن كل ما يجري على لسانه أو
يبدو من عمله إنما هو بالوحي السماوي، أو الإلهام الإلهي الصادق، وما كان
للرسول أن يشرع شرعًا يتعبد الناس به من عند نفسه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى *
إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: ٣-٤) فأمر الرسول لا يختلف عن أمر القرآن
وكلاهما معصوم، فلا مجال ثمة للسؤال بأنه هل يفرض علينا الرسول فرضًا لم
يفرضه الكتاب؟ فإن الكتاب والرسول لا يفرضان شيئًا: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ
شَيْءٌ} (آل عمران: ١٢٨) . وإنما الذي يفرض هو الله الحكيم، ومظهر هذا
الفرض إما أن يجري على لسان النبي العظيم أو يتجلى في لفظ الكتاب الكريم،
وليس الأمر بطاعتهما إلا أمرًا بطاعة الله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (آل عمران: ٣١) .. الآية {مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء: ٨٠) فالرسول عليه السلام هو الواسطة إلينا في نقل حكم الله العظيم
قرآنًا كان أو غير قرآن، والقول - نعوذ بالله - بعدم حجية الرسول قول بالأولى
بعدم حجية الكتاب؛ فإننا لم نأخذ الكتاب إلا منه، ولم نلقفه إلا عنه وهو أمين الله
على وحيه، وبعيثه إلى خلقه وحجته على عباده.
السنة إجمالاً مقطوع بها كالكتاب لا شك في أن الكتاب مقطوع به ولم يكن هذا
القطع إلا من طريقه الذي اتصل بنا منه وهو التواتر، والسنة بالجملة جاءتنا من
هذا الطريق بعينه؛ لأن إجماع الأمة من المبدأ إلى الآن منعقد على صحة السنة
إجمالاً عن رسول الله، وأنها أصل من أصول الدين كالكتاب، وإذا كان طريق
السنة هو بعينه طريق الكتاب لا جرم كان مقطوعًا بها إجمالاً كالقطع بالكتاب
تفصيلاً.
قلنا السنة بحسب الإجمال، أما هي الشخص فسيأتي عنها بعض التفصيل في
مراتب السنة الصحيحة.
***
عصمة الشريعة كلها
لنا في إثبات هذه الدعوى وجهان:
الأول: الدلائل الدالة على ذلك من الكتاب مثل قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن
يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَه} (التوبة: ٣٢) ونور الله
شرعه وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: ٩)
ولو فسرنا الذكر بالشريعة كلها كتابها وسنتها لكان الأمر ظاهرًا، ولو قصرنا
تفسيره على الكتاب لجاءت السنة بطريق اللزوم لما علمت من أنها كائنة لتفصيل
مجمله، وتفسير مشكله، ولا معنى لحفظ كليات الشريعة ومجملاتها دون جزئياتها
ومفصلاتها التي هي مناط التكاليف وعليها تدور الأحكام.
والثاني: الاعتبار الوجودي الواقع من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى
الآن، فإن الله سبحانه كما قيَّض للكتاب العدد الجم من ثقاة الحفظة بحيث لو زِيد فيه
حرف واحد لصرفه الآلاف من القارئين، كذلك أقام لكل علم يتوقف عليه فهم
الشريعة من الناس من تأدى بعملهم هذا الفرض أحسن الأداء، فمنهم من استنفد
السنين الطوال في حفظ اللغات والتسميات الموضوعة على لسان العرب حتى
قرروا لغات الشريعة الغراء من القرآن والحديث، وهذا الباب الأول من أبواب فقه
الشريعة التي أوحاها الله تعالى إلى رسوله على لسان العرب، ومنهم من جدّ في
البحث عن تصاريف هذه اللغات في النطق بها رفعًا ونصبًا وإبدالاً وقلبًا وإتباعًا
وقطعًا وإفرادًا وجمعًا إلى غير ذلك من وجوه تصاريفها الإفراد والتركيب، ومنهم
من قَصَرَ عمره - وهو طويل - على البحث عن الصحيح من حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن أهل الثقة والعدالة من النقلة حتى ميزوا الصحيح من
السقيم، وتعرفوا التواريخ وصحة الدعاوى في أخذ فلان عن فلان حتى استقر
الثابت المعمول به من الحديث الشريف، فلا محل لدعوى (حصول التلاعب
والفساد) في حديث الرسول الكريم، كيف وقد علمت أن السنة شطر الدين،
والدين قد جاء إلينا بطريق التواتر القطعي؟ ! وإذا كان نقلة الكتاب العزيز هم
العدول الضُبَّاط الحُفَّاظ الأمناء فإن الحديث ورواته إن لم يكونوا هم بأعيانهم فإنهم لا
يقلون عنهم في العدالة والحفظ والضبط والثقة والأمانة، فمن طعن في صحة السنة
فقد طعن في صحة الكتاب أيضًا.
وقد عللت صحة الكتاب وفساد سند السنة بتعاليل نرى من الحتم علينا الإلمام
بها جملة ونعقبها بما يكفي لدفعها:
(١) كون متن القرآن مقطوعًا به؛ لأنه منقول عن النبي باللفظ بدون زيادة
ولا نقصان.
(٢) كتابة القرآن في عصر النبي عليه السلام بأمر منه.
(٣) عدم كتابة شيء من الأحاديث إلا بعد عهده بمدة كافية في حصول
التلاعب والفساد الذي حصل!
(٤) عدم إرادة النبي لأن يبلغ عنه للعاملين شيء بالكتابة سوى القرآن
المتكفل بحفظه في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} (الحجر: ٩) .. الآية
ولو كان غير القرآن ضروريًّا في الدين لأمر النبي بتقييده كتابةً، ولتكفل الله بحفظه
ولما جاز لأحد روايته على حسب ما أداه إليه فهمه.
ونقول:
(١) أما القطع بالقرآن كله فلا شك فيه، ولكن ليس بما ادعيت من نقله
عن النبي باللفظ بدون زيادة ولا نقصان، فإن هذا ليس كافيًا في القطع بل هو إنما
تحقق بالتواتر اللفظي، وهو الذي استفيد منه عدم الزيادة والنقصان، على أنك إن
عددت مثل ذلك موجبًا للقطع يلزمك أن تعد السنة الصحيحة مقطوعًا بها - بحسب
الشخص - كلها؛ لأنها جاءتنا أيضًا بلا زيادة ولا نقصان بل ولعُدَّ كل خبر ورد من
أي طريق بلا زيادة ولا نقصان - مقطوعًا به وهو غير مُسَلَّم.
(٢) وأما كتابة القرآن بأمر النبي عليه السلام في عصره فلا نزاع فيها
أيضًا، ولكن العمدة في القطع به إنما هي بالتواتر كما قدمنا بحفظه في صدور
جماعة من الصحابة غير ممكن تواطؤهم على الكذب، والذين يلونهم كذلك ثم الذين
يلونهم إلى عصرنا هذا، على أننا لا نهمل ما للكتابة من التوكيد وفوائد أخرى كثيرة:
مثل ترتيب الآيات بعضها إلى بعض بإشارة جبريل عليه السلام، فإن القرآن
نزل نُجُومًا على حسب مقتضيات الوقائع لا بهذا الترتيب. ولا يعزب عنك أن ما
سطره كُتَّاب الوحي من القرآن ليس بين أيدينا شيء منه الآن، بل نحن لم نقطع
بحصول الكتابة في عصر النبي عليه السلام إلا بالتواتر اللفظي المسلسل إلى ذاك
العهد الشريف، وهناك تستوي الكتابة وعدمها في صحة النقل مادام مصدرها موجودًا
وهو النبي الكريم المبلغ آيات الكتاب الحكيم، فإذا كنت تعد الكتابة التي سجلت في
عهده عليه السلام هي الحجة وحدها في القطع بالقرآن، فقد شككت في القرآن المتلوّ
طول هذا الزمان في كل بلاد الإسلام. فإننا ومن قبلنا إلى قريب من ذلك العهد
الشريف لم نحظَ برؤية شيء من هذا الأثر الكريم! وإذا اعتبرت القطع بالنقل عن
ذاك الأثر قلنا: لا نسلم أن هذا موجب للقطع بصحة القرآن؛ إذ إن الكتابة نفسها لا
دليل موجب للقطع بأنها من الرسول بل هي في إثبات صحتها ذاتها محتاجة إلى
التواتر اللفظي المؤيد يقينًا لصحة العزو، فعلمت أن المدار في القطع بالقرآن
هو التواتر اللفظي لا غيره وقد نُقلت إلينا السنة إجمالاً من هذا الطريق، ولا يذهب
عنك أن العرب كانت أمة أمية، أكبر اعتمادها في حفظ مأثورها كان على
الصدور لا السطور.
(٣) وأما عدم كتابة شيء من الحديث في عهده فهو لا يفيد دعوى التلاعب
والفساد، بل ربما كان عدم الكتابة مما يبالغ بالنفس في تأكيد صحة أسانيد السنة،
إذ رواية الحديث الواحد بطرق متعددة وبأسانيد مختلفة مع حفظ وسطه وطرفيه أكبر
مدفع لدعوى التلاعب والفساد. ثم إنك قلت: (من التلاعب والفساد ما قد حصل)
أترمي بذلك السنة الصحيحة المعتد بها، والمعتمد عليها المسطورة في مثل صحيح
مسلم والبخاري وموطأ مالك وأمثالها مما أجمعت الأمة على صحته، أو غير ذلك
مما نص على ضعفه أو وضعه؟ إن كان الأول فقد طعنت فيما أجمع القوم على
صحته في الجملة ومنه القرآن ولا تقول بهذا، وإن كان الثاني فإنا لا نعول منه على
شيء.
(٤) وأما دعوى (عدم إرادة النبي عليه السلام لأن يبلغ عنه للعالمين شيء
بالكتابة سوى القرآن) ففي هذه المقدمة - أو شبه المقدمة - نظر، على أننا لو
تنازلنا بتسليمها لما نتجت النتيجة التي تريدها، وهي أنه لم يُرد أن يبلغ عنه شيء
أصلاً سوى القرآن (طبعًا) والنبي عليه الصلاة السلام أرسل كثيرًا من الرسل إلى
الجهات المختلفة ولم نسمع ولا تستطيع أن تثبت أنه كان يقتطع لهم من صحف
الكتاب ما يكون (الحجة) في دعوتهم إلى الإسلام أولاً، ويعلمهم أحكامه ثانيًا، ولو
كان الأمر كما رأيت ما صح تبليغ أولئك السفراء إلى الدعوة ولا اعتد بإقامتهم بين
الناس أحكام الشريعة، نعم يقال: إنه كان يكتفى بمحفوظهم من الكتاب، ونقول إنه
كان كذلك يكتفى بمحفوظهم من السنة، وإن قيل: إن النبي صلي الله عليه وسلم
أصحب وفوده إلى الملوك بكتابات مرقومة ورسائل مسطورة، قلنا: إن ذلك لم
يخرج عن الإيذان بصحة بعثة أولئك الرسل عن النبي عليه السلام وكل ما فيها لا
يجاوز الإلماع إلى الغرض الذي سرحهم إليه، وأما كونه لم يترك أثرًا من الدين
مسطورًا إلا الكتاب العزيز فقد علمت أن لا يترتب عليه شيء مما نحن فيه، ولو كان
الأمر كما تري فبِمَ كان يتعلم الناس كيفيات الصلاة مثلاً وهي القاعدة الثانية من
قواعد الإسلام؟ !
ترى أننا بعد هذا في غنًى من التماس العلل لكتابة القرآن دون السنة؟ فنحن
نقيلك من أصل العلة التي أوردتها لذلك وتكلفت مؤنة ردها، ولكنا نناقشك في هذا
الرد.
قلت: (فإن قيل: إن النبي لم يأمر بكتابة كلامه لئلا يلتبس بكلام الله. قلت:
وكيف ذلك والقرآن مُعْجِزٌ بنظمه ولا يمكن لبشر الإتيان بمثله؟ !) ونقول: إن
إعجاز نظمه لا يتحقق بقدر الآية الصغيرة مثلاً فلا مانع إذن بأن يلتبس هذا القدر
من الكتاب بالسنة، أو مثله من السنة بالكتاب، وأنت أوعى وأرشد من أن تنبه إلى
المصاب بخروج آية بل آيات متفرقات من القرآن عنه، ودخول أمثالها فيه وليست
منه، على أن عدم التباس القرآن بغيره إنما يتحقق في حق العربي الخبير بأسرار
البلاغة ودلائل الإعجاز، ولكنه غير متحقق أصلاً في جانب غيره أعجميًّا كان أو
من هؤلاء المستعربين.
على أننا نرجع إلى أصل الموضوع فنقول: إن وظيفة النبي صلى الله عليه
وسلم في هذا الباب إنما هي التبليغ من أي طريق كان، وقد قال: (ألا فليبلغ
الشاهد الغائب) وذلك غير مخصوص بالكتاب بل بكل ما سمع منه قرآنًا كان أو
سنة وقد قال تخصيصًا لهذه: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي
عَضُّوا عليها بالنواجذ) .
أما جواز رواية الحديث بحسب ما يؤديه الفهم فما لم نسمعه إلا منك، فإن
المقرر المعروف أن فهم الحديث في ذاته تابع لروايته، لا أن روايته تابعة لفهمه.
وإذا كانت روايات الحديث مسوقة حسبما تبلغ الأفهام فأحرى بها أن لا تساق أصلاً.
وكيف يجول الفكر ويضطرب الفهم في شيء قبل وروده وتقرره أولاً؟ !
وإذا أردت بذلك وقوع اختلاف الأفهام في بعض الأحاديث فذلك ضروري
كاختلافها في بعض آيات الكتاب سواء بسواء.
أما رواية الحديث بمعناه إذا غاب عن الراوي لفظه فجائز؛ لأن المراد منه
هو حكمه لا التحدي بنظمه أو التعبد بلفظه. فلا بأس إذن بروايته بأي لفظ يؤدي
معناه المراد.
***
فساد دعوى الاستنباط
من الكتاب وحده
إن المستنبط من الكتاب مهما صح فهمه وغزر علمه لا بد وأن تعترضه
مواضع لا يرى الكتاب مستغنيًا في تقرير الحكم فيها بنفسه، ولا مفصحًا بما يكون
بُلغة المهتدي وكفاية الطالب، كأن يرى ثمة لفظًا يتبادل أفرادًا مختلفة الحدود على
سبيل البدل لغةً كالقرء في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (البقرة: ٢٢٨) فإنه مشترك لغة بين معنيين متناقضين (الحيض والطهر)
وهنا لا يسعه إلا ترجيح أحدهما بمرجِّح خارجي وإلا لزم إما التوقف أو التعسف
بالترجيح بلا مُرَجِّح، وقد رجَّح الحيض أبو حنيفة بما صح عنده من قوله عليه
السلام: (طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان) ، فإنه يدل على أن عدة الحرة ثلاث
حيض لا ثلاثة أطهار. وكأن يرى المجتهد أيضًا من لفظ الكتاب ما ازدحمت فيه
المعاني واشتبه المراد به اشتباهًا لا يُدْرَك بنفس العبارة، بل بالرجوع إلى شيء
آخر كقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (البقرة: ٤٣) فإن الصلاة
في اللغة: الدعاء. والزكاة: النماء. فأي دعاء وأي نماء أريد في الكتاب؟ !
لابد من تعيين المراد بشيء آخر ولقد عيَّنه النبي وبيّنه بيانًا شافيًا تصديقًا
لقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: ٤٤)
فالمستنبط من الكتاب لما ذكر فيه نفسه من الأحكام (إلا ما كان نصًّا) لم يسعه
تبيين المراد منه إلا بالسنة، وهذا فوق الكثير فكيف بما لم تؤمر به في الكتاب مما
انعقد الإجماع على وجوبه كواجبات الإحرام ونحوها؟ بهذا تعلم أن الاستنباط من
الكتاب وحده والتغني به في كل أحكام الدين مستحيل.
***
مراتب السنة الصحيحة
أثبتنا أن السنة بالجملة أصل من أصول الدين كالكتاب وأنها بهذا الوصف نقلت
إلينا نقلاً متواترًا لا شبهة فيه، أما هي بحسب الشخص فمنها المتواتر وهو (ما رواه
جماعة لا يتوهم تواطؤهم على الكذب ويدوم هذا الحد فيكون آخره كأوله وأوسطه
كطرفيه) وهو موجب لليقين كالعيان علمًا ضروريًّا فهو كالكتاب في صحة متنه،
وصدق عزوه بحيث يكفر منكره قطعًا؛ لأنه جحود للمستيْقَن بأنه من الله - وفيها
المشهور (وهو ما كان آحاديًّا في الأصل ثم اشتهر شهرة مستفيضة) - ومنها
الصحيح وهو (ما رواه العدول الضُبَّاط الحُفَّاظ من غير شذوذ ولا علة) . وغير ذلك
من أقسام السنة الصحيحة كثير.
وإذا كان القاتل يقاد منه بسفك دمه في عرف الشرائع - وما أدراك بحرمة
الدم - بمجرد شهادة عدلين، ألا يجب العمل في حكم شرعي بشهادة اثنين أو أكثر
من العدول الثقاة الأوفياء من صحابة رسول الله وتابعيهم. بل لو شئت لأوردنا لك
ما قال الشافعي حجة لنفسه في العمل بخبر الواحد، بل لأوردنا ما قال الله تعالى حجة
علينا في ذلك.
حكم الله بين السنة والكتاب حيث قد ثبت أن السنة الصحيحة شرع من
الله تعالى، مُتَعَبَّدٌ بها فيما كان عبادة ومتعبد بحكمها فيما كان معاملة فهي لا تناقض
الكتاب مطلقًا ولا دليل هناك على دعوى (وقوع التضارب والاختلاف) بين ما
ورد من الأحاديث الصحيحة المعمول بها في شرع الله القويم؛ لأن منشأ هذا
التضارب المدَّعى لا يخلو إما أن يكون من الأصل أو النقل أما من الأصل فمستحيل
لأنك ولا شك تعترف معنا بوجوب الصدق والفطنة والعصمة لجميع الأنبياء وليس
بشيء من هذه الواجبات أن يُحدث النبي في شرع الله بالمتضارب المتناقض، بل هذا
- والعياذ بالله تعالى - كذب لا يجوز لمسلم أن يرمي به نبيًّا معصومًا، وأما من حيث
النقل فقد بينا لك منه وجه الحجة وقلنا: إن نقلة السنة هم العدول الثقاة. وليس
(ولوع المتقدمين بجمع روايات الحديث مدعاة إلى وقوع التضارب والاختلاف فيها)
بل هو أدعى إلى حفظها وصيانتها. ولعلك لم يفُتك قراءة شيء من تاريخ أولئك
الأخيار العاملين الذين تصرمت أعمارهم في هذا السبيل؛ إذ كان يمضي الواحد منهم
الشهر والشهرين والأكثر متنقلاً بين الأقطار والأصقاع تنقُّل البدر بين منازله التماسًا
لتحقيق حديث واحد من أفواه الثقاة الأمناء، ولو أنه ظفر به من طريقه بعد طول
الجهد ثم اختلج في نفسه أقل شبهة من أحد رواته نفض يديه منه وانقلب إلى أهله
خاويًا من ذاك الحديث وفاضه.
وإليك كثيرًا من هؤلاء كالبخاري ومسلم ومالك والشافعي وأضرابهم الذين هم
الحجة في نقل الحديث الصحيح المعتد به والمعوَّل عليه وقولك بعد: (إن المجتهدين
تحققوا أن أكثر الأحاديث موضوعات!) هو حجة لنا أيضًا؛ لأن تمييزهم للموضوع
والضعيف تمييز - ولو بطريق اللزوم - لغيره وهو الصحيح.
قلت: (المجتهدون) وهم إما الصحابة الذين تلقوا الأحاديث بآذانهم عن فمه
الشريف بلا واسطة، والحديث في حق هؤلاء لا يختلف إلى صحيح وموضوع
وضعيف؛ لأن هذه الفروق إنما هي راجعة إلى قوة السند وضعفه ولا يكون هذا في
حال تسمعه من الرسول الكريم، فإن الحديث كله في حق سامعه منه عليه السلام -
صحيح مقطوع المتن كالقرآن، وأما غير هؤلاء ممن لم يتلقَّ الحديث الكريم إلا
بالواسطة، وهذه الواسطة إما أن تكون موجبة لليقين كما إذا كانت التواتر أو الظن
بالخبر أو كما إذا كانت غيره من الطرق المعتبرة التي أقلها موجب أيضًا للعمل وإن لم
يكن موجبًا لليقين؛ إذ التكليف باليقين تكليف بما لا يطاق أو موجب للحرج على
الأقل وهو مدفوع بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} (الحج:
٧٨) بل المجتهد ليس مكلفًا فيما إذا كانت الأحكام غير مقطوعة المتون كما في
الأخبار الأحادية إلا بالبحث والتنقيب للعمل بالأقرب إلى يقينه وهو الأرجح في
ظنه والأخبار الأحادية الصحيحة تبلغ ولا شك هذا المقدار، فالعمل بها على هذا
واجب، وأيضًا كون بعض أحكام الأحاديث ظنية - لأن سندها ليس إلا موجبًا
للظن - لا يقدح في وجوب العمل بها كما لا يقدح في وجوب العمل ببعض أحكام
الكتاب نفسه التي دلائلها ظنية، وإن كانت مقطوعة المتن، كل مجتهد يحملها على
الوجه الذي يؤديه إليه مبلغ علمه وفهمه، فالقول بأن المجتهدين كلهم على حق
ليس (قول باجتماع النقيضين) بل المراد أن الحق على فرض كونه واحدًا دائر بينهم
وتعيينه في جانب واحد دون الباقين تعسف، بل المراد أن كل مجتهد بحث عن
الحق بما في وسعه حتى اهتدى إلى النقطة التي يلزمه اتباعها دون غيرها، وهي
التي يقال: إنها الحق بالنسبة له، والذي لا يجوز له التحول عنه، بل الذي خرج
ببلوغه من عهدة التكليف، فلا بأس إذن بالقول بأنهم جميعًا على الحق من هذا
الوجه.
وليس ثمة تعارض في السنة الصحيحة - كما قلنا - لا للكتاب ولا لبعضها
البعض. فإن الوارد فيها إما مُفَصِّل لما أجمل في الكتاب أو مُظْهِر لما خفي أو غير
ذلك مما يحويه معني التفصيل والبيان. وأما ما يخالف ظاهره منها الكتاب فكما يرد
في كثير من الآيات يخالف بعضه ظاهر بعض فمُؤَوَّل فيه حتى يطابق النص الكريم
سواء أخذنا بقول القائلين بنسخ السنة الصحيحة للكتاب إذا صح التعارض وامتنع
التطابق أو ذهبنا مع الذاهبين إلى أنه لا شيء من السنة بناسخ للكتاب؛ لأنه لا يقع
بينهما التعارض أصلاً، فلا تعارض هناك مطلقًا بين السنة والكتاب أما على الثاني
فظاهر، وأما على الأول ففرق ما بين النسخ وهو إلغاء حكم بآخر- كما في آيتي
العدة - والتعارض ببقاء الحكمين المتناقضين جميعًا، ولا قائل به من هؤلاء أو
أولئك.
وكذلك يقال فيما يرد من الأحاديث مخالفًا بعضه لظاهر بعض أي أنه يتأول
في أحدهما حتى يطابق الآخر أو يكون بعضه ناسخًا للبعض إذا تعارضا ولم يمكن
التطابق. فاختلاف المجتهدين راجع إما إلى الاختلاف في الفهم فيما كانت دلالته
على الحكم ظنية، وهذا يستوي فيه الاستنباط من الكتاب والسنة، وإما إلى
الاختلاف في العلم بأن يتلقى الواحد منهم حديثًا لم يصح عند الآخر - مع طول
البحث وفرط الجهد - أو لم يصل إليه علمه أصلاً. وقد يكون أحدهما ناسخًا أو
مطلقًا والثاني منسوخًا أو مقيدًا مثلاً، ولا يقال: إن أحدهما على الباطل بعد إذ
علمت ما قلنا في هذا السبيل من أن المجتهد مكلف بما يؤديه إليه اجتهاده وإلا للزم
الحرج وهو مدفوع على أن هذا ليس خاصًّا بالاجتهاد من السنة بل ومن الكتاب
أيضًا كما بينا.
أما خبر: (إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق
فاقبلوه وإن خالف فردوه) فغير صحيح على أننا لو سلمنا صحته فلا يمكن أن يكون
معناه أن يحدث بما يخالف حكم الله في كتابه وكيف وهو فوق عصمته أبلغ الناس
للكتاب حفظًا وأعظمهم لآياته تدبرًا، وأكثرهم لها ذكرًا، فتعين المعنى إذا صح
الخبر: إذا روي لكم عني حديث فاشتبه عليكم وجه الحق فيه فاعرضوه على كتاب
الله فإذا خالف فردوه فإنه ليس من قولي، والله أعلم.
أما الوارد من الطريق الصحيح فقد عرفت مبلغ القول فيه وسواء صح هذا
الخبر أو لم يصح فقد سقط الاستدلال به في هذا المقام، وأيضًا لو كان الأمر كما
رأيت من أن هذا الخبر دليل على كفاية القرآن والأمر بعدم قبول شيء من السنة إلا
ما وافقه منها نصًّا (طبعًا) لكان كل ما جاءنا من السنة - وهو بمجموعه متواتر لا
شبهة فيه - عبثًا تصان عنه أفعال العقلاء فضلاً عن الأنبياء ما دام هو بينة الذي
نص عليه صريح الكتاب، ولكان الأليق بمقام الرسول الكريم أن لا يحدث بحديث
مطلقًا حتى ولا بهذا الحديث الذي أوردته على فرض صحته وكذلك خبر: (لو كان
- أي الوضوء من القيء - واجبًا لوجدته في كتاب الله) فغير صحيح أيضًا ولو بما
أثبت ظاهره بالمعنى الذي فهمته ما أسرعنا إلى رده في الخبر المتقدم ولو صح ما
عيينا بتفسيره على ما يوافق إجماع المسلمين على أنه قد وردت السنة الصحيحة
الصريحة في ذاك نكتفي منها بخبر واحد معناه أنه سألت سائلة ابن مسعود - ومكانه
من العلم والدين والثقة مكانه - إني امرأة أصل الشعر فهل يحل ذلك لي؟ فقال: لا
يحل، فقالت: كيف وهذا ليس في كتاب الله؟ ! فقال: لو قرأت كتاب الله لوجدتيه
فيه، فقالت: إني قرأت ما بين الدفتين فلم أجده، قال ألم تقرأي: {وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (الحشر: ٧) فهذا في كتاب الله، فقالت:
بلى.
* * *
الإجماع
وحجته من الكتاب العزيز أيضًا لقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ
مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ
مَصِيراً} (النساء: ١١٥) وليس هناك من سبيل للمؤمنين غير ما اتفقوا عليه من
قضايا الدين ككون فرض الظهر أربعًا والمغرب ثلاثًا، وكون نصاب الضأن أربعين
والبقر ثلاثين ونحو ذلك، وأين وليت وجهك إلى أي فريق شئت في تعريف هذا
الإجماع وأهله فهو حجة عليك في كل المسائل التي خالفت إجماع المؤمنين قاطبة
عليها.
القياس
أثبتَّ القياس فكفيتنا مؤنة إثباته غير أنك أنكرت السنة، ومنكرها منكر للقياس
بطريق الأولى، على أننا نثبتهما جميعًا.
(المنار)
لهذه المقالة تتمة عنوانها (العقل والدين) ويليها بقية الرد وقد نشرنا عبارته
برمتها على طولها لنزاهتها واستيفائها للمقصد.
((يتبع بمقال تالٍ))