(س٢٣) من أحد المشتركين السوريين بمصر: سيدي الأستاذ الحكيم السيد محمد رشيد رضا دام نفعه. المعروض بعد التحية أن بعض الأفاضل منتقد استعمال كلمة: (الاعتماد على النفس) أو (الاستقلال الشخصي) بمعنى اجتهاد الإنسان، ودليله في ذلك عدم استعمال العرب له، ولما لم يكن يقنع مني بأن ذلك الاستعمال محمول على اجتهاد المرء الذي هو ضد كسله وخموله فقال بأن المستعملين ذلك لا يعنون منه سوى اجتهاده في كل حاجياته بحيث لا يعتمد على غيره ألبتة كما هو ظاهر ذلك الاستعمال. جئتكم بهذه الكلمات راجيًا منكم البيان الوافي المقنع لمثل ذلك المنتقد في المنار الأغر، ولكم الفضل. (ج) قال في القاموس المحيط: واستقله: حمله ورفعه وأقله (أي أطاق حمله وهذا أصل المعنى) والطائر في طيرانه ارتفع. وقال غيره: استقل الطائر: نهض للطيران وارتفع. وقال الزبيدي فيما استدركه على القاموس في هذه المادة من شرحه: والاستقلال: الاستبداد، يقال: هو مستقل بنفسه: ضابط لأمره، وهو لا يستقل بهذا: أي لا يطيقه. اهـ وأما الاعتماد على الشيء فأصله الاتكاء عليه والتورك عليه. ومنه العماد والعمود الذي يقام عليه البناء والاعتماد على المرء عبارة عن الاتكال عليه ونوط الأمور به. ومنه عمدة القوم وعميدهم وعمودهم، وهو سيدهم الذي يعتمدون عليه في مصالحهم. هذا ما يؤخذ من جميع معاجم اللغة. وأما الاجتهاد فهو بذل الجهد والمشقة في تحصيل الشيء. سواء استقل الإنسان بالسعي والعمل أو اعتمد على مساعدة غيره مع بذل جهده. فإذا تدبرت معاني هذه الألفاظ ترى أن المنتقد مخطئ، وأن استعمال كلمة الاستقلال فيما نستعملها فيه فصيح ولا تحل محلها كلمة الاجتهاد.