للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


قليل من الحقائق عن تركيا
في عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

(تابع المعارف)
تقبل التلامذة في المدارس الرشدية في العاشرة أو الثانية عشرة من عمرهم
ويمكثون فيها أربع سنين، ومواد التعليم في هذه المدارس هي: النحو والصرف
للغات التركية والعربية والفارسية، والإملاء والتأليف والتحرير، وتاريخ الدولة
العثمانية، والتاريخ العام، والجغرافية، والحساب، ومبادئ الهندسة، والرسم
الخطي، ولغة إحدى الطوائف غير الإسلامية المقيمة بالجهة التي بها المدرسة (لا
نعرف فيها غير الفرنساوية، وفَاتَه ذِكر مبادئ الدين الإسلامي) .
أما تعليم البنات فيشمل المبادئ الدينية، ونحو اللغة التركية، ومبادئ النحو
للغة العربية والفارسية، وبعض إشارات إلى فن الإنشاء، والتاريخ والجغرافية،
والحساب، والتدبير المنزلي، وشغل الإبرة والرسم والموسيقى، وهذا الدرس
الأخير بالاختيار.
كل قرية فيها خمسمائة بيت للمسلمين يجب أن يكون فيها مدرسة رشدية،
والتعليم الابتدائي العالي هو أيضا مجاني، إلا أنه ليس إجباريًّا، فجميع النفقات
اللازمة لحفظ المدارس وأجور المعلمين، وأثمان الكتب وأدوات التعليم اللازمة
للتلامذة تدفعها خزينة الدولة.
يتضح من الإحصاء الأخير الذي نُشر من بضع سنين أن المدارس الابتدائية في
العاصمة كانت كما ترى:
مدارس الصبيان٢٦٣ منها ١٤٢ للذكور، و١٢٣ للإناث يتعلم فيها ٦٩٠٩ من
الصبيان، و ٤٧٣٤ من البنات.
مدارس ابتدائية ٤٠ منها ٣٢ للصبيان، و٨ للبنات، وفيها ٦٠١ من الصبيان، و ٩٣ من البنات.
مدارس رشدية ٢٩ منها ١٩ للصبيان، و ١٠ للبنات، وفيها ١١٨٠ صبيًّا،
و٣٥٣ بنتًا.
أما في الأقاليم، فكل قرية مهما كانت صغيرة لها مدرسة للصبيان، والقرى
التي لها نوع من الأهمية لها مدرسة ابتدائية (هذا غير صحيح فأكثر القرى لا
مدارس للحكومة فيها إلا أن يكون هذا مخصوصًا بنواحي الأستانة) يكثر توارد
التلامذة على المدارس الابتدائية في كل سنة، ويمكن للإنسان أن يقول غير مبالغ:
إنه في حكم جلالة السلطان الحالي كل مائة تلميذ فيها ٩٨ على الأقل يتربون تربية
ابتدائية جيدة (مبالغة) وعدد المدارس الرشدية في الأقاليم ٣٧١ مدرسة، ثلاث
منها للبنات - اثنتان منها في بيروت والثالثة في بروسه وعدد التلامذة في تلك
المدارس ١٤٩١٤، وقد زاد الآن عددهم زيادة محسوسة.
(التعليم الثانوي) يشمل هذا التعليم نوعين من المدارس، وهما المدارس
الإعدادية أو التجهيزية والمدارس السلطانية أو الكليات، أما المدارس الإعدادية فهي
مختلطة إذ يقبل فيها التلامذة المسلمون وغير المسلمين الذين تلقوا جميع دروس
المدارس الرشدية ونجحوا في الامتحان، وكل مدينة فيها ١٠٠٠ بيت لها مدرسة
إعدادية ومدة التعليم في هذه المدارس ثلاث سنوات، ومواده هي فن الإنشاء في
اللغة التركية، وصناعة الترسل، واللغة الفرنساوية، وعلم البيان، ومبادئ علم
الاقتصاد السياسي، والجغرافية والتاريخ العام، والحساب والجبر، والهندسة
والمساحة، والطبيعة والكيمياء، والتاريخ الطبيعي والرسم، والكليات يجب أن
تؤسس في عاصمة كل ولاية أو في أَشْهَر بلد فيها، وتنقسم الكلية إلى قسمين:
أحدهما لتعليم نحو اللغة وفيه ما في المدارس الإعدادية من الدروس، والثاني ما هو
أعلى منه ينقسم إلى قسمين: قسم لآداب اللغة، وقسم للعلوم، ومدة التعليم في كل
من هذه الأقسام ثلاث سنين، وهذه الكليات التي ستفتح على التوالي متى ضمنت
الميزانية النفقة اللازمة لفتحها وبقائها ستكون على مثال كلية سراي غلطة أي
المكتب السلطاني في بيرا الذي أسس على نسق الكليات الكبرى للتعليم الثانوي في
فرنسا، وهيئة المعلمين في هذه الكليات مؤلفة من الأوروبيين والوطنيين، والتعليم
يعطى فيها باللغة الفرنساوية إلا أن تدبير أمور هذه الكليات وإدارتها للحكومة
العثمانية، ومدة التعليم فيها خمس سنين غير السنين الثلاث اللازمة للدراسة في
المدارس التجهيزية على التلامذة الذين عند قبولهم في الكلية لا يكون لديهم معلومات
كافية من مواد التعليم الابتدائي.
مواد التعليم في الكليات تشتمل طبقًا لما قررته أخيرًا حكومة جلالة السلطان
هذه الدروس، وهي اللغات التركية والعربية والفرنساوية، والخط التركي
والفرنساوي، وآداب اللغتين التركية والفرنساوية، والترجمة من التركية إلى
الفرنساوية وبالعكس، والفلسفة وتاريخ الدولة العثمانية، ومبادئ اللغة اللاتينية
اللازمة لدراسة فن الصيدلية، والطب والقانون، والجغرافية بأقسامها السياسية
والإدارية والتجارية والزراعية والصناعية للحكومات الشهيرة، وخصوصًا للمملكة
العثمانية، والحساب، والتقييد في الدفاتر، والرسم الخطي، واللغات اليونانية
والأرمنية، والألمانية والإنكليزية، والتليانية، وتعلم هذه اللغات اختياري.
تعطي كلية سراي غلطة لمتخرجيها شهادة بكالوريا تساوي الشهادة البكالوريا
التي تؤخذ من فرنسا.
من المدارس المعدودة من طبقة مدارس التعليم الثانوي هذه المدارس وهي:
أولاً: المكتب الملكي الشاهاني في استامبول الذي أسس على نفقة جلالة
السلطان خاصة، ووضع تحت رعايته وهو الذي ينفق عليه من ماله، وفيه يعلم
الشرع الشريف والإفتاء، وقانون التجارة والقانون المدني، والتاريخ العام وعلم
الاقتصاد السياسي، وعلم طبع الكتب والجرائد والتقييد في الدفاتر والجغرافيا
والفرنساوي، والتاريخ الطبيعي والكيمياء والتلامذة الذين ينجحون في الامتحانات
النهائية ويمنحون الشهادة يكون لهم الحق في نوال وظيفة قائمقام في الإدارة بالأقاليم،
أو نوال وظيفة مساوية لها في الجهات المختلفة للحكومة.
ثانيًا: المدرسة المختلطة العثمانية للبنات الصغيرة، وهي مؤسسة في سنة
١٨٨٠م في استامبول بعناية جلالة السلطان عبد الحميد الذي دائمًا يظهر اهتمامه
الأكبر بتربية البنات، ومواد التعليم في هذه المدرسة هي اللغات التركية والأرمنية
واليونانية والفرنساوية والألمانية والإنكليزية والروسية وتعلم الأربعة الأخيرة منها
بالاختيار، والجغرافية والتاريخ الطبيعي والبيانو والموسيقى الصوتية وشغل الإبرة.
بمقتضى القانون النظامي للمعارف الصادر في سنة ١٨٨٤م يوجد في كل
ولاية مكتب إدارة وتفتيش للمعارف.
(لها بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))