جاءنا ما يأتي من أحد علماء سوريا الفضلاء المخلصين فنشرناه مع الحياء والخجل امتثالاً لأمره وطلبًا لرضاه، قال حفظه الله: لقد منَّ الله على المسلمين إذ أقام لهم منارًا يهديهم سبل الحكمة، ووقاهم وعث السبيل، ولو فتح الذين أعرضوا عنه بصائرهم لرأوا أنهم في مكان وبيل، أفسكرت بصيرتهم بل هم مسحورون بما هويت آباؤهم من المناهج، وكم ضل جيل بما ضل من قبل به القبيل، هاهم أولاء تنزفهم أيدي الزمن بما ضلوا عن الحقائق وبما كانوا يتوهمون، أفلم يأنِ لهم أن يفيقوا من سكرتهم وينظروا ما قدمت أيديهم وسعت إليه أرجلهم من الحال الهون، أو لم يأنِ لهم أن ينظروا ما منَّ الله عليهم إذ هيَّأ رشيدًا منهم لرفع (المنار) لعلهم يرشدون. سلام أيها الرشيد بما رفعت (المنار) طوبى ونِعْمَ عُقبى الرشداء الأبرار بشرى، وإن لك مدحًا في الأمصار والأعمار، نُعمى تدوم لك العمر، يُسرى تبقى لك الدهر، حسنى تخلد لك الذكر، فوقى لك في الملأ الغر، مرحى لإصلاحك، أكرم بعملك، لقد جلوت الديجور بالسنا؛ وأرشدت القاصي كمن دنا، وقد عنيت بمن عنى، ولم تعن بمن حسد وشنا، كذلك حزب الهدى، لا يعنيهم السدى، ولا يثنيهم الهوى، ولا يروعهم من جفا، حسبك الحق وكفى، لم يخب من إليه انتمى، إن لديه الآخرة والأولى، إن هذا رجاء أُولي النهى، فاستفتح هذه الثامنة بمثل ذلك الهدى، وتوكل على الذي برأ الحِجى، وأرسل محمدًا بالهدى للورى، ليكونوا إخوانًا في الطريقة المثلى، عليه الصلاة الحسنى، والسلام الأسنى. وسلام عليكم قُراء (المنار) بما طبتم في الملة، إن لكم فيه لَمَا ينفعكم في الدين، وإن لكم فيه لَمَا يرفعكم بين العالمين، وإن لكم فيه لما تعارفون، وإن لكم فيه لما تعاطفون، وإنه لهناء لكم وتبصرة للمستمعين، ولقد من الله علينا ببلوغه (الثامنة) يفيض بالنور المبين. وهذه كلمات لأخ لكم ليهديكم التحيات الطيبات، ويعلن اشتراكه معكم بالمسرات، وتذكرة لعلنا نكون من العرفاء بالفضل، وعسى أن نكون من الشاكرين. ... ... ... ... ... ... ... ... ... (سوري شمالي)