(تنبيه) لقد ثقل علينا حمل ما علينا من الحق الأدبي لمن يهدون إلينا مؤلَّفاتهم فنسوف في تقريظها انتظارًا لفرصة نطّلع فيها على ما يمكننا من معرفة مزاياها، وهذه الفرص تفر منا أو تحول بيننا وبينها المسائل الضرورية، وكل ما نكتبه في أبواب المنار لا يتوقف على بذل وقت طويل لإعطائه حقه، فكثيرًا ما نكتب باب الفتوى كله من غير مراجعة شيء من الكتب، بل كتابة التفسير لا يتوقف إتقانها على مراجعة طويلة كباب التقريظ إذا أريد كتابته على علم، لهذا عزمنا على الاختصار في تقريظ لم نقرأه منها، والإعلام بها بالإجمال كما يفعل غيرنا من أصحاب المجلات. *** (تفسير القرآن بكلام الرحمن) تفسير وجيز لأحد علماء الهند المعاصرين المشهورين الأستاذ الشيخ أبو الوفاء ثناء الله الأَمْرِتْسَرِي. وطريقته فيه تُعلم من اسمه، وبيانه أنه يفسر الآية أو الجملة ويستشهد على تفسيرها بآية أو أكثر مما ورد بلفظها ومعناها أو أحدهما بحسب اجتهاده كقوله - في تفسير الفاتحة بعد ذكر البسملة -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ ... } (الفاتحة : ٢) أي قولوا أيها العباد نقرأ باسم الله الرحمن الرحيم لقوله تعالى: {اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (العلق: ١) وقوله تعالى: { ... رَبِّ العَالَمِينَ} (الفاتحة: ٢) الذي خلقهم وخلق أسباب رزقهم لقوله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ العَالَمِينَ} (فصلت: ٩) (وذكر الآية التي بعدها) : {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (الفاتحة: ٣) هو العطف على العباد بالإيجاد والهداية إلى الإيمان وأسباب السعادة والإسعاد في الآخرة لقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ القُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ} (الرحمن: ١-٤) وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} (الأحزاب: ٤٣) ، لعلهما مترادفان، فافهمْ..إلخ. وله في هذه الشواهد أفهام دقيقة وأخرى غريبة. وقد طبع الكتاب في المطبع البرقي انتاب في بلدة أمرتسر سنة ١٣٢٧ طبعًا حسنًا بلغت صفحاته زهاء أربعمائة صفحة وثمن النسخة منه ٣٠ قرشًا، ويطلب من مكتبة المنار بشارع الإنشاء بمصر. *** (كتاب المساكين للرافعي) الأستاذ مصطفى صادق الرافعي صاحب هذا الكتاب أشهر من نار على عَلَم، يراها كل أحد ولا يصل إليها أحد، فهو معروف والمعروف لا يعرَّف، ومجهول لا يوصف، أو نكرة لا تتعرف، أوتي عقله نصيبًا كبيرًا من فلسفة النفس والاجتماع فهو يغوص في أعماقها، وأوتي خياله حظًا عظيمًا من المعاني الشعرية فهو يطير في أجوائها، وأودع ذهنه مادة واسعة من اللغة العربية مفرداتها وأساليبها فهو يُبرز النظريات الفلسفية في صورة من التخيُّلات الشعرية، تتجلى في طُرُز طريفة (مُودَات) من الحلي والحُلل اللغوية، جمع فيها بين الإجادة في المنظوم والمنثور، وقلما تتفق الإجادة فيهما معًا إلا للأقلين كما قال الحكيم ابن خلدون، وبهذه المزايا كان أمة وحده في الكتاب والشعراء والمصنفين، وكان جمهور قراء العربية يشكون شيئًا من الغموض في كلامه، والحاجة إلى التأمل الكثير في بعضه لاستبانة مراده، ولكن لا ينكر أحد من أولي الفهم أن كل قارئ له يرى فيه من فرائد اللغة ودقائق التعبير البليغ عن المعاني ما لم يكن يعلمه، فهو كثير الابتكار والإبداع، بغير مكابرة ولا نزاع، ولو كان جمهور القراء يفهمون لغته حق الفهم لعمّ انتشارها، وأقبل الألوف على قراءتها. له عدة مصنَّفات أجلّها موضوعًا وأوضحها بيانًا (إعجاز القرآن) وقد أعطيناه حقه من التقريظ فنشره معه. وطبع ثلاث مرات، كانت الثالثة منها على نفقة جلالة الملك فؤاد، ويليه (تاريخ آداب العرب تحت راية القرآن) ومنها (حديث القمر) ورسائل الأحزان والسَّحاب الأحمر، وأوراق الورد، وهذه الأربعة كتب فلسفة وشعر، وله شعر كثير، ليس له فيه ضريب ولا نظير. وأما كتاب المساكين الذي جعلناه ذريعة كلها فقد عرفه مصنفه بكلمة بيَّن بها ماأراده منه وكتبها تحت اسمه وهي: (أردت به بيان شيء من حكمة الله في شيء من أغلاط الناس) وقد صدق في قوله وفي مراده، ولقد كنت أعجز كما إخال أن كل أحد غيره يعجز عن تعريفه هذا. ثم وصفه بكلمة أخرى قال إنها من (قلم الغيب) وذكر أنها أُوحيت إليه في النوم، وهي (هذا كتاب المساكين. فمَن لم يكن مسكينًا لا يقرؤه؛ لأنه لا يفهمه، ومَن كان مسكينًا فحسبي به قارئًا، والسلام) . فإن كان صدق في أن هذه الكلمة من قلم الغيب، كما صدق في أن مَن لم يكن مسكينًا لا يفهمه - فأنا أظن أنه لا يوجد مسكين يفهمه؛ بأنني أظن أنني مسكين ولم أفهمه، إلا أن مسكنتي مسكنة أخلاق، لا مسكنة إملاق، ولا أدري أية مسكنة ينتحل منشيء كتاب المساكين، الذي لا يفهمه مَن ليس بمسكين، قرأت صفحات منه ففهمت بعض جمله، وأعجبت ببعض حكمه، واستعذبت بعض استعاراته التمثيلية والتخييلية، ولكني أقر بأنني لا أفهمه كله فهمًا إجماليًا يمكنني تلخيصه به، ولا أفهم فصلاً منه فهمًا تفصيليًا يمكنني من تفسيره لمَن لم يفهمه، ولا تفسير كل جملة من جمله، فالكتاب - في جملته - من قلم الغيب، هبط على عالم الشهادة، وفي الاطلاع على عالم الغيب من اللذة الروحية والإنس ما ليس في الإطلاع على عالم الشهادة، وإن حارت فيه الأفهام، وكان حُلمًا من الأحلام. وقد طبع في مطبعة العصور، وضبط الكثير من كلمه بالشكل وصفحاته ٢٨٧ وثمن النسخة منه عشرة قروش. *** (الإبداع في مضار الابتداع) كتاب جديد صنَّفه أخونا الأستاذ الشيخ علي محفوظ من تلاميذ الأستاذ الإمام، المدرس بقسم التخصص في الأزهر الشريف (طبق ما قرره المجلس الأعلى من مناهج التعليم في السنة الثالثة لقسم الوعظ والخطابة في الأزهر الشريف) فرغ من تأليفه سنة ١٣٤١ وطبع عقب ذلك، ثم أعيد طبعه في آخر سنة ١٣٤٨، وقد ذكر المصنف في آخر الطبعة الثانية سبب إعادته طبعه فقال: (لما ولي صاحب الفضيلة مولانا الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي مشيخة الجامع الأزهر الشريف ورياسة مجلسه الأعلى كان من باكورة أعماله الحكيمة أن وجَّه (حفظه الله) عنايته إلى إصلاح نظام قسم الوعظ والخطابة ومناهجه إصلاحًا يكفل للطلاب النبوغ في هذا الفن، ويتناسب مع روح العصر الحاضر، فأدخل تعديلاً رشيدًا في مواد الدراسة، وأضاف إلى مادة البدع والعادات زيادات ذات شأن. وقد عرض على مجلس الأزهر الأعلى مذكرة بشأن هذا الإصلاح فوافق عليه في جلسة يوم الثلاثاء ١٣ ربيع الأول سنة ١٣٤٧. وقد طُبع هذا الكتاب المرة الثانية في ذي الحجة من السنة المذكورة وهي تمتاز عن الطبعة الأولى بتنقيحات مفيدة مع تلك الزيادات التي أقرها المجلس الأعلى في الجلسة المذكورة - اقرأ الدليل) . ويعني بالدليل فهرس الكتاب وهو مؤلَّف من مقدمة وبابين وخاتمة. وفي المقدمة مبحثان: الأول إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بغُربة الدين، والثاني الحث على التمسك بالدين وإحياء السنة النبوية. والباب الأول في النظر في البدع من جهة الأصول والقواعد وفيه سبعة فصول وجُله مستمد من كتاب (الاعتصام) للشاطبي، والباب الثاني في النظر في البدع من جهة فروعها وفيه اثنا عشر فصلاً: (١) في بدع المساجد، (٢) في بدع القابر والأضرحة وزيارة القبور وما فيها من المفاسد، (٣) بدع الجنائز والمآتم، (٤) في بدع الموالد، (٥) منكرات الأفراح، (٦) بدع الأعياد والمواسم، (٧) في البدع التي تقع في العبادات، (٨) في بدع الطرق (أي طرق المتصوفة) ، (٩) في بدع الاعتقادات، (١٠) في بدع الضيافة والولائم، (١١) في بدع المعاشرة والعادات، (١٢) في خرافات العامة وأوهامهم. وفي كل فصل من هذه الفصول مسائل كثيرة لخص فيها كتاب المدخل لابن الحاج وزاد عليه بعض ما حدث بعده من منكرات العادات، وبدع الضلالات ومسائل متفرقة في كتب كثيرة جمعها في زهاء ٣٠٠ صفحة بقطع المنار. ولم تكن كتابته لهذه المباحث كتآليف أكثر المتأخرين من علماء الأزهر وأمثالهم التي لا تعدو اختصار أحدهم لكتاب غيره وشرح آخر لبعض المختصرات بما ينقله من المطولات، هو تصنيف جديد حملته عليه حاجة العصر إليه، وكان له فهم ورأي فيما ينقله عن غيره. وجملة القول إن هذا الكتاب من الكتب النافعة الجديرة بالانتشار، ولعل ما يُنتقد من مسائله قليل، فهو خير من كثير من الكتب التي ينقل عنها ويقول قال الإمام فلان والعلامة فلان، وإذا كان لا يسلم من الخطأ في مسائله فهو أولى بألا يسلم من الغلط في طبعه، وإن قال في آخر فهرسه إنه: (قد استغنى عن بيان الخطأ والصواب فيه لسلامته من الخطأ! !) وسنعود إلى بيان الشواهد على هذا إن وجدنا فرصة. وثمن النسخة منه ١٠ قروش وهو يُطلب من مكتبة المنار. *** مطبوعات دار الكتب المصرية (كتاب الأغاني) أصدرت الجزء الثالث من هذا الكتاب المشهور على نسق ما قبله في الجودة وإتقان الطبع وقد قرظنا الكتاب في الجزء الأخير من المجلد ٢٩ وثمن هذا الجزء كغيره ٢٥ قرشًا. (نهاية الأرب في فنون الأدب) أصدرت الجزء السابع منه وهو في فنون الكتابة ومنها أنواع البديع وصفحاته ٣١٢ وثمنه ١٥ قرشًا. (عيون الأخبار) أصدرت الجزء الرابع منه، وموضوعه (كتاب النساء في أخلاقهن وخلقهن وما يُختار منهن وما يُكره) وهو زهاء ثلاثمائة صفحة. وفيه مقدمة حافلة في ترجمة المؤلف تزيد صفحاتها على الخمسين وفيها كلام على هذا الكتاب وصور شمسية لبعض صحائف الخطية. وثمنه ١٥ قرشًا. (ديوان مهيار الديلمي) أصدرت الجزء الثالث منه ولم تتم به قافية الميم وثمنه ١٥ قرشًا، وكل هذه الكتب تُطلب منها ومن مكتبة المنار بمصر. (الجزء الخامس من فهرس الكتب العربية) ويشتمل على فهرس التاريخ وملحق بالكتب العربية الواردة على الدار في سنة ١٩٢٩م. (جريدة الشورى) أختم هذا الجزء بتهنئة زميلنا الأستاذ محمد علي الطاهر بدخول جريدته الشورى في عامها السابع محمودة الخدمة للأمة العربية عامة وللوطن الفلسطيني خاصة. وقد جاءته التهاني تترى من الأقطار العربية الشرقية والغربية وهو أهل لها، أدام الله النفع بها والترقِّي لها.