للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


من صاحب الإمضاء في بيروت

(س١٤ - ٢١) من صاحب الإمضاء في بيروت
(بسم الله الرحمن الرحيم)
حضرة صاحب الفضل والفضيلة سيدنا ومولانا العالم العلامة الكبير السيد
محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار الغراء حفظه الله تعالى وأدامه، آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (وبعد) فإني أرفع إلى فضيلتكم الأسئلة
الآتية راجيًا التكرم بالإجابة عليها على صفحات مجلة المنار الغراء ليكون النفع بها
عامًّا ولكم الشكر:
(١) هل المطالبون بإنكار المنكر هم العلماء فقط دون غيرهم، أم جميع
الناس؟
(٢) ما تعريف الكفر والإلحاد، وما حكمهما في الشرع الشريف؟
(٣) هل يجوز ترجمة القرآن الكريم نفسه والأحاديث النبوية نفسها إلى
اللغات الأجنبية كالإفرنسية والإنكليزية واللاتينية والتركية أو غيرها أم لا؟
(٤) هل يجوز كتابة القرآن الكريم على قواعد الإملاء الحديث أم لا؟
(٥) ما قولكم فيمن يقول: لا أعتقد ولا أعمل إلا بالقرآن الكريم فقط، ولا
أعتقد ولا أعمل بالأحاديث النبوية ولو كانت صحيحة معتمدة أو غيرها، فهل هذا
يعد مسلمًا مؤمنًا أم لا؟
(٦) ما قولكم فيمن يعتقد ويقول: إن القرآن الكريم هو كلام النبي صلى
الله عليه وسلم، وليس من كلام الله تعالى فهل هذا يعد مسلمًا ومؤمنًا أم لا؟
(٧) هل صح ما يقول بعضهم: إنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
إلا اثنا عشر أو أربعة عشر حديثًا فقط أم لا؟
(٨) هل جميع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم مروية عنه باللفظ
والمعنى تمامًا أم بالمعنى فقط؟
(٩) هل هذان الحديثان الآتيان صحيحان معتمدان غير منسوخين يجوز
اعتقادهما والعمل بهما أم لا؟ وما معناهما؟ وهما (من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ
مقعده من النار) ، (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ، وفي رواية أخرى (لا
طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف) تفضلوا بالجواب، ولكم الأجر
والثواب.
... ... ... ... السائل: عبد الحفيظ إبراهيم اللادقي، بيروت
(أجوبة المنار)
(١٤) المُطَالَب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمور العارضة المعينة من فروض
الكفاية، وقد يتعين وينحصر في فرد إن لم يوجد غيره حيث يجب ويشترط فيه
العلم بما يأمر به أو ينهى عنه، بل كل عمل شرعي يشترط فيه العلم به لا العلم
بجملة علوم اللغة والشرع التي يعطى متعلمها شهادة رسمية بأنه عالم، فالفرائض
العينية والمعاصي القطعية المعلومة من الدين بالضرورة من شأنها أن يعرفها كل
مسلم، وهي أهم ما يجب الأمر بالمفروض منه كأركان الإسلام الخمسة والنهي عن
المنكر منه كالزنا والسُّكر والسرقة والخيانة والكذب والنميمة، وأما المسائل غير
المعلومة للعوام والخواص من المسلمين؛ فإنما يُطَالِب بها العالم بحكمها، وإذا قام
بها جمهور العوام والخواص من المسلمين، كان ذلك أعظم مؤدب لتاركي الفرائض
ومرتكبي المعاصي، وقد بيَّنا في تفسير قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ} (آل عمران: ١٠٤) أن في
جملة قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ} (آل عمران: ١٠٤) وجهين (أحدهما)
أنه يجب أن تتألف منكم جماعة تتعاون على القيام بهذه الواجبات، وهذه الجماعة
يجب عليها أن تدرس ما يتوقف عليه الأمر والنهي بجميع فروعه (وثانيهما) أن
معناها ولتكونوا أمة تدعو إلى الخير ... إلخ وكل من الوجهين صحيح، والثاني
عام للأفراد كل أحد فيما يعرفه ويقدر عليه (ويراجع التفصيل في الجزء الرابع،
من تفسير المنار) .
(١٥) تعريف الكفر والإلحاد
الظاهر أن مراد السائل بالكفر والإلحاد ما يقابل الإيمان والإسلام، وإلا فإنهما
قد يطلقان على بعض ما لا يُخْرِج صاحبه من الملة، فالمعنى العام الجامع لكل ما
ينافي ملة الإسلام هو تكذيب رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، أو
تكذيب شيء مما علم المكذب أنه جاء من أمر الدين، وهو قسمان: الأول المجمع
عليه المعلوم من الدين بالضرورة ككون القرآن كلام الله تعالى، وتوحيد الله وتنزيهه
عن النقص والولد والشريك في تدبير الكون أو العبادة كالدعاء والذبح والنذر له ...
إلخ، وكون محمد رسول الله وخاتم النبيين، وما أشرنا إليه في جواب السؤال
السابق من الفرائض والمحرمات القطعية، فهذا لا يعذر أحد بجهله إلا من كان
حديث العهد بالإسلام لم يمض عليه زمن كافٍ لتعلم هذه الضروريات منه، ومن
كان في حكمه كرجل أسلم في مكان أو بلد ليس فيه من المسلمين من يعلمه ذلك كله
وطال عليه الزمن وهو لا يعلم أن عليه واجبات أخرى ولا أنه يجب عليه الهجرة
مثلاً.
والقسم الثاني ما كان غير مجمع عليه، أو مجمعًا عليه غير معلوم من الدين
بالضرورة كبعض محرمات النكاح وأحكام المواريث مثلاً مما لا يعرفه إلا العلماء
فهذا يعذر من جهله، فإن علم شيئًا منه أنه من دين الله قطعًا صار حكمه حكم القسم
الأول بالنسبة إليه.
وحكم الكافر بهذا المعنى الذي فصلناه أنه لا يعامل معاملة المسلمين فيما هو
خاص بهم، وهو قسمان:
(١) كافر أصلي من كتابي ووثني، وكل منهما إما ذمي وإما معاهد وإما
حربي ولكل منهما أحكام.
(٢) كافر مرتد وله أحكام أشد إذا استتيب ولم يتب، منها أن امرأته إذا
كان متزوجًا تَبِين منه ويحرم عليها أن تعامله معاملة الأزواج بمجرد ارتداده بأن
تفارقه وتخرج من داره، ومنها أنه لا يرث المسلمين ولا يرثونه، ومنها أنه إذا
مات أو قُتِل لا يُغَسَّل ولا يُصَلَّى عليه ولا يُدْفَن في مقابر المسلمين، وقد حدثت
في العام الماضي ثورة إسلامية في القطر التونسي لمنع المتجنسين بالجنسية
الفرنسية من دفن موتاهم بين المسلمين في مقابرهم؛ لأنهم مرتدون عن الإسلام
بما تقتضيه الجنسية الفرنسية من التزاوج والتوارث بأحكام القانون الفرنسي المخالف
لنصوص القرآن والسنة مما هو مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة، فأرادت
الحكومة الفرنسية الحامية إجبار المسلمين على دفنهم في مقابرهم، وظاهرها بعض
المنافقين على هذا فخاب سعيها، وعجزت قوتها عن ذلك، وانتهى الأمر بإنشاء
مقبرة خاصة بهؤلاء المرتدين المصرين على كفرهم، بل لم ينته من كل وجه،
ففرنسة تريد إكراه المسلمين على مرادها، وقد حدث في هذا الشهر ثورة في تونس
من عاقبيل إرهاق فرنسة لزعماء المسلمين وخواصهم.
(١٦) ترجمة القرآن والأحاديث النبوية باللغات الأجنبية:
قد كتبت في الجزء التاسع من تفسير المنار (ص ٣٣١ - ٣٦٣) بحثًا
طويلاً في استحالة ترجمة القرآن ترجمة صحيحه تؤدي معانيه أداءً تامًّا كما تفهم من
لغته العربية وعقائده الإسلامية، وفي تحريم ترجمته ترجمة تعطي حكم الأصل
العربي المنزل من وجوب اعتقاد أنه كلام الله تعالى، وأنه يُتَعَبَّد بتلاوته في الصلاة
وغيرها كما فعلت الحكومة التركية الكمالية، وقد طبعنا هذا البحث في رسالة
مستقلة، ثم كتبنا مقالاً آخر في الرد على من زعم جواز ذلك من المتهوكين انتصارًا
للحكومة التركية.
وأما ترجمة القرآن ترجمة معنوية تفسيرية على غير الصفة المذكورة آنفًا فله
من المجوزات ما قد يصل إلى حكم الوجوب الكفائي، وأظهرها تصحيح الترجمات
الكثيرة له في اللغات المشهورة المُحَرِّفَة لمعانيه، المشوهة لمحاسنه، التي جُعِلَتْ
وسائل للطعن عليه وبغيه عوجًا، وهو الدين القويم والصراط المستقيم، ومن هذه
الترجمات ما تعمد فاعلوها بعض هذا التحريف والتشويه، ومنها ما وقع بجهلهم
وعجزهم، وقد بينت في مقدمة كتاب الوحي المحمدي أن أشهر مترجميه من
الفرنسيس والإنكليز المعاصرين اعترفوا بأنه معجز ببلاغته، وأن إعجازه يدخل
فيه استحالة ترجمته كأصله.
وأما الأحاديث فلا أعلم أن أحدًا قال بتحريم ترجمتها، وجميع مسلمي الأعاجم
يترجمونها.
(١٧) كتابة القرآن بالرسم العرفي:
المعروف المشهور أن علماء الملة متفقون على وجوب كتابة المصاحف
بالرسم الذي كتبها به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأجمعوا عليها، وقد مست
الضرورة لطبع مصحف مفسر بالرسم العرفي ليقرأه الجماهير قراءة صحيحة غير
محرفة ويفهموه؛ إذ عُلِمَ بالتجربة أن أكثر الناس يخطئوا في القراءة في هذه
المصاحف إلا من تلقاها من القراء وقليل ما هم، وسئلنا عن ذلك فأجبنا عنه بما
رأيتموه في الجزء الثاني من منار هذه السنة من الجواز وتعليله.
(١٨) حكم من يقول: إنه لا يعتقد ولا يعمل إلا بالقرآن دون الأحاديث:
إن الإيمان بالقرآن، والعمل بما أمر الله تعالى وما نهى عنه فيه يستلزم
الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي جاء به من عنده تعالى، ووجوب طاعته
بمثل قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (النساء: ٥٩) وهذا الأمر
مكرر في عدة سور وفي معناه آيات أخرى كقوله تعالى: {مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ
أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء: ٨٠) ومن المعلوم بنصوص القرآن، وبإجماع الأمة أن
الرسول صلى الله عليه وسلم هو المبين لكلام الله والمنفذ له كما قال تعالى:
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: ٤٤) .
فمن يقول: إنه لا يعتقد أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي بين بها القرآن
وبلغ بها الدين واجبة الاتباع، وإنه يستحل معصيته صلى الله عليه وسلم فيما صح
عنه أنه أمر به أو نهى عنه من أمور الدين، وإن أجمع المسلمون على تلقيه عنه
بالتواتر كعدد ركعات الصلوات وركوعها وسجودها، وغير ذلك مما أشرنا إليه آنفًا
في الفتوى (١٥) وإنما يعتقد ويعمل بما يدله عليه ظاهر القرآن فقط - من قال هذا
لا يُعتد بإيمانه ولا بإسلامه؛ فإنه مشاق للرسول غير متبع لسبيل المؤمنين، بل
متناقض يريد بهذا القول جحود الإسلام وتركه من أساسه، فالله تعالى يقول:
{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا
تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} (النساء: ١١٥) .
ولكن إن أراد أنه غير مكلف أن يعرف هذه الأحاديث المدونة ويعمل بها كلها،
أو بما صححه المحدثون منها؛ فإن قوله حينئذ يكون موهمًا لا نصًّا في استباحة
عصيان الرسول فيما علم أنه جاء به من أمر الدين، فلا يحكم عليه بالكفر
والخروج من الملة حتى يبحث معه في مراده من كلامه؛ فإن أئمة المسلمين لم يقل
أحد منهم بوجوب العلم بما في كتاب من كتب الحديث، وكان موطأ الإمام مالك
رحمه الله تعالى أولها تدوينًا واستأذنه الخليفة العباسي في نشره في الأمة وأمر
الناس بالعمل به، فلم يأذن له كما بيَّنا ذلك مرارًا.
وجملة القول أن المعتمد في التكفير القطعي ما أجملناه في الفتوى (١٥)
ومما لا شك فيه أن من يعتقد أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من دين
الله واستحل من هذا عصيانه فيه بدون تأويل يكون كافرًا.
(١٩) حكم من يعتقد أن القرآن الكريم كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا
كلام الله:
من يعتقد هذا يكون كافرًا بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله تعالى ولرسوله
صلى الله عليه وسلم ولما هو معلوم من دين الإسلام بالضرورة والإجماع، ولا فرق
بين من يطلق القول بهذا، ومن يزعم أن معاني القرآن وحي من الله أنزلت على قلب
النبي صلى الله عليه وسلم، وأما عبارته وألفاظه فهي من النبي صلى الله عليه
وسلم، فقد أجمع المسلمون على أن القرآن أُنْزِل عليه صلى الله عليه وسلم بهذا
النص العربي المكتوب في المصاحف كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ *
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (الشعراء: ١٩٢-١٩٥) فإن قوله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (الشعراء:
١٩٥) متعلق بقوله (نزل) لا المنذرين؛ فإن المنذرين هم الرسل السابقون، ولم
يكن إنذار كل منهم بلسان عربي مبين، بل كان كل منهم ينذر قومه بلسانهم كما قال
تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (إبراهيم: ٤)
والآيات المصرحة بنزول القرآن باللغة العربية معروفة في سور يوسف والرعد
وطه والزمر وفصلت والشورى والزخرف والأحقاف، وأما الآيات والدلائل على
أن القرآن منزل من عند الله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له منه إلا تبليغه
بنصه العربي المنزل، وبيان معانيه وتنفيذه، وأنه صلى الله عليه وسلم كان عاجزًا
كغيره من البشر عن الإتيان بمثله، فقد بيناها في تفسير سورة يونس وسورة هود
بأكثر مما فصلناها في كتاب الوحي المحمدي
(٢٠) من قال: إنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم إلا ١٢ أو ١٤
حديثًا:
هذا القول غير صحيح، بل لم يقل به أحد بهذا اللفظ؛ وإنما قيل هذا أو ما
دونه في الأحاديث التي تواتر لفظها.
(٢١) رواية الأحاديث باللفظ وبالمعنى:
بعض الأحاديث مروية بلفظها الذي نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ولا
سيما القصيرة، وأكثر أقواله صلى الله عليه وسلم مختصرة كما قال: (أعطيت
جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارًا) ، رواه أبو يعلى من حديث عمر
رضي الله عنه وحسنوه، وناهيك بما اشتهر به العرب من قوة الحفظ، وكذا غيرهم
من الأمم الذين يعتمدون على الحفظ قبل الكتابة، وروي كثير منها بالمعنى لما نرى
في الصحاح وغيرها من اختلاف في ألفاظ الرواية للحديث الواحد الذي لا يحتمل
تعدد موضوعه، وصرح به المحدثون والأصوليون، واشترطوا في قبول المروي
بالمعنى جودة فهم الراوي وحسن ضبطه.
(٢٢) حديثا (من كذب علي متعمدًا) ... إلخ، و (لا طاعة لمخلوق
في معصية الخالق) :
هذان الحديثان صحيحان، بل الأول منهما متواتر بلفظه رواه أصحاب
المسانيد والصحاح والسنن عن عشرات من الصحابة والمهاجرين والأنصار وبما
يزيدون على سبعين صحابيًّا، ورواه غيرهم أيضًا عن آخرين، وفي رواية للإمام
أحمد عن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا (من كذب علي فهو في النار) ولأجل هذا
كان بعض كبار الصحابة يمتنعون من التحديث عنه صلى الله عليه وسلم حتى
بعض المبشرين بالجنة كالزبير رضي الله عنه خشية أن يخطئ أحدهم في الرواية
فيناله الوعيد؛ ولكن هذا لم يمنع بعض الذين عُرِفُوا بالصلاح من تعمد الكذب عليه
صلى الله عليه وسلم بوضع أحاديث كثيرة في الترغيب والترهيب (والثاني) رواه
باللفظ الأول في السؤال أحمد والحاكم عن عمران والحكم بن عمرو الغفاري
وصححوه، وباللفظ الثاني أحمد والشيخان ومسلم وأبو داود والنسائي عن علي
رضي الله عنه.
* * *
جناية حديثية وخيانة دينية
للشيخ يوسف النبهاني
بهذه المناسبة أنبه قراء المنار لاتقاء الاعتماد على أحاديث كتاب (الفتح
الكبير، في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير) المطبوع بمصر سنة ١٣٥٠؛ فإن
الشيخ يوسف النبهاني الدجال المشهور جمع أحاديث الجامع الصغير والزيادات عليه
وحذف منه رموز المؤلف للأحاديث الصحاح والحسان والضعاف؛ ليتوهم المطلع
عليه أن كل ما فيه صحيح أو مقبول يحتج به على أن تلك الرموز لم تكن كافية
للتمييز بينها.