للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


خاتمة المجلد الثالث والعشرين

باسم الله، وبحمده نختتم هذا المجلد من المنار كما افتتحناه بهما، ونسأله
تعالى أن يجعل كل أعمالنا صالحة له وباسمه، وأن يوفقنا دائمًا إلى التسبيح بحمده،
ويجعلنا من عبيد نعمته وشكره.
ومن فضله ونعمته أن أقدرنا على الاستمرار على إصدار المنار، على فقْد
الأعوان والأنصار، ومطل أكثر المشتركين في جميع الأقطار، بعد أن كان جُلّ
شكوانا من أبناء هذه الديار، ولا سيما الأغنياء الكبار، فليس سبب ذلك القلة، بل
ما يعرفه المتفكِّرون في أنفسهم، وما قصر فيه المسلمون عن شأن غيرهم، فإن
المنار تخصَّص بإصلاح شؤونهم في دينهم ودنياهم، فشأنهم معه - كما قال الأستاذ
الإمام - رحمه الله تعالى في كلمته المأثورة.
ومما لدينا من المواد للمجلد الرابع والعشرين فتاوى ورسائل مهمة لشيخ
الإسلام ابن تيمية لم تنشر بعد، وبقايا ما ننشر مسلسلاً ككتاب (من الخرافات) ،
ورحلة أوربة، وتتمة كتاب (الخلافة الإسلامية) للزعيم الهندي الكبير الشيخ أبو
الكلام أحمد، وتتمة ما بدأنا به من المقال في هذه المسألة التي صارت اليوم أم
المسائل الإسلامية، وأهمها وأحوجها إلى تعاون أهل العلم والرأي في بيان حقيقتها،
ووسائل إقامتها، ومما يناسب هذا تتمة مقالات (مدنية القوانين) ؛ فإن الخلافة
عداوة المتفرنجين، ولدينا ترجمة خطاب ذلك الزعيم الهندي، الذي قدَّمه إلى
المحكمة الإنكليزية، عندما أرادت محاكمته على بعض خُطبه المحرِّضة على
حكومة الهند، وهو خطاب غريب في بابه، لا يتجرَّأ على مثله، إلا مَن كان مثل
موقظ الشرق، وواضع أساس الإصلاح الإسلامي المرحوم السيد جمال الدين
الأفغاني، وسيرى قُرَّاؤه أن خطب زعيم مصر - سعد باشا زغلول - تُعَدُّ في غاية
اللين والاحتراس بالنسبة إلى خطب زعيم الهند، وله مقدمة لمُترجِمه تلميذنا الشيخ
عبد الرزَّاق المليحي في وصف الثورة الهندية السلمية، وخلاصة أعمالها، لا
تستغني بلادنا المصرية وأمثالها عن الإحاطة بها، ولدينا رسالة تاريخية غريبة في
بابها أيضًا، عنوانها (انتداب العرب في سويسرة في القرون الوسطى) للأمير
شكيب أرسلان الشهير، ووعدنا بترجمة ما هو أهم منها عند جميع المسلمين.
وسنعود - إن شاء الله تعالى - إلى تقريظ المطبوعات الحديثة، وكنا كتبنا
في ذلك شيئًا للأجزاء الأخيرة، فاضطرتنا إلى إرجائه مباحثُ الخلافة.
فعسى أن نجد من القراء ما يشدُّ أزرنا، ويكون عونًا لنا على جهادنا من أداء
الحق، والتواصي بالحق والصبر، ولله الحمد من قبل، ومن بعد، وصلى الله
على خاتم الرسل، وهادي الخلق وآله وصحبه وسلم.