للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الجمعية الإسلامية الهندية في لاهور

حملت إلينا جريدة (بيسه أكبر - لاهور) الهندية علاوة تبين فيها حال
هذه الجمعية وهذه ترجمتها:
وصل إلينا التقرير السنوي الذي أذاعه كاتب سر هذه الجمعية ومحصله أن
مسلمي بنجاب أسسوا منذ ١٤ سنة في مدينة لاهور بحاضرة بنجاب جمعية إسلامية
لتعليم أولاد المسلمين وتربيتهم وسموها (أنجمن حماية إسلام لاهور)
والغرض منها:
(١) تعليم العلوم الدينية والتربية عليها؛ لينشأ المتعلمون على الفضائل
والكمالات الصحيحة.
(٢) تعليم العلوم الدنيوية واللغات الأجنبية؛ تسهيلاً لطرق المعاش.
(٣) العناية بتربية اليتامى؛ إنقاذًا لهم من دعاة الديانة المسيحية ومن
الموت بالجوع.
ثم توسعت الجمعية في عملها فأنشأت مدارس للبنات، وأرسلت وعاظًا إلى
كثير من الأقطار؛ ليبينوا حقيقة الإسلام ويثبتوا حقيقته لمن يجهلها من الأنام.
والأمر الذي يستلفت الأنظار هو أن مؤسسي الجمعية ليسوا من الأمراء ولا
من كبراء الموظفين وإنما هم أفراد من عامة أهل العلم والمستخدمين، وكان زعيمهم
وصدرهم أحد مشاهير العلماء صاحب الفضائل الحاج مولوي خليفة حميد الدين
(رحمه الله تعالى) وابتدأ القوم عملهم بالاكتتاب العمومي وكانوا في أول الأمر
يجمعون الدقيق كل يوم من البيوت بواسطة شيوخ الحارات ويأخذون الصدقات من
الولائم والوضائم (طعام الخزن) حتى كان يخيل أن الجمعية إنما هي لإطعام
الفقراء والمساكين المضطرين. ولما شاهد الأمراء وكبراء الموظفين وعامة الناس
ثبات المؤسسين وحسن نظامهم ونجاح عملهم الذي كانوا يعتنون منه بالتربية وحسن
السيرة أكثر مما يعتنون بالتعليم - أقبلوا على الجمعية وتنافسوا في أن يكونوا من
أعضائها حتى إن بعض أمراء الحاضرة رضي بأن يتولى إدارتها وبعض موظفي
نظارة المعارف قبلوا أن يكونوا مفتشين فيها، كانت الجمعية في أقصى الهند، ولما
طار صيتها توالت عليها الوكلاء من كل جانب، وهُرِع الناس لحضور احتفالاتها
السنوية من كل صوب، وتنافس الخطباء والشعراء بإلقاء الخطب المؤثرة وإنشاد
القصائد البليغة في تعظيم شأنها حتى صارت منتجع العلماء ومورد الأمراء، وبلغ
شهود احتفالها ستة آلاف رجل في السنة، وأجمع أهل الحِجَا والفهم وأصحاب الغيرة
والهمة على مساعدتها وتعضيدها، فرسخت جذورها وامتدت فروعها وتشعبت
أفنانها فأنشأت بناءً فسيحًا للدروس الخارجية وشيدت غرفًا خاصة لليتامى، فهم في
معاهدها يأكلون وينامون ويصلون ويتعلمون ويشتغلون ويرتاضون.
أما عدد التلامذة فقد كان في السنة الماضية كما ترى في الأرقام:
أقسام المدرسة ... العدد في أول السنة ... العدد في آخرها
القسم الكلي ... ... ... ٦٢ ... ... ... ٦٣
القسم التجهيزي ... ... ٥٢ ... ... ... ٦٧
القسم المتوسط ... ... ٢٠٥ ... ... ... ١٩٢
القسم الابتدائي ... ... ٥١٦ ... ... ... ٥٦١
المجموع ... ... ... ٨٣٥ ... ... ... ٨٨٣
وأما الواردات والنفقات والتوفير فقد كانت في السنة الماضية كما تراه بحساب
الروبيات والجنيهات:
التوفير من سنة ١٨٩٧ (١٨٩٠٢) ... ... روبية أو ١٢٦٠ جنيه
واردات سنة ١٨٩٨ ... ... (٣١٠٤٣) ... روبية أو ٢٠٦٩ جنيه
المجموع إلى آخر ديسمبر منها (٤٩٩٤٥) ... روبية أو ٣٣٢٩ جنيه
النفقات إلى آخر ديسمبر منها (٣٣٨٣٧) ... روبية أو (٢٢٥٥) جنيه
فيكون الموفر لسنة ١٨٩٩ ... (١٦١٠٨) ... روبية أو (١٠٧٤) جنيه
وتجتهد الجمعية في اقتناء الأملاك وتشتغل بتأليف الكتب المدرسية وتطبعها
على نفقتها؛ لتربح من بيعها. وبيان مجموع ما عند الجمعية من النقود، الكتب
المطبوعة والأملاك المشتراة والتي تبرع بها أهل الغيرة والحمية إلى آخر ديسمبر
سنة ١٨٩٩ ما يأتي:
قيمة الأملاك ... ... ... ٣٢٤٤٥ ... روبية أو ٢١٦٣ جنيه
قيمة الكتب ... ... ... ١٣٩٠٤ ... روبية أو ٩٢٧ جنيه
النقود الموفرة من سنة ٩٨ ... ١٦١٠٨ ... روبية أو ١٠٧٤ جنيه
المجموع ... ... ... ... ٦٢٤٥٧ ... روبية أو ٤١٦٤ جنيه
وقد أسست الجمعية منذ سنتين مدرسة خصوصية لتعليم العلوم العربية والدينية
على طريقة المتقدمين سمتها (المدرسة الحميدية) نسبة لرئيس الجمعية سابقًا
المرحوم مولوي خليفة حميد الدين وتذكارًا له. وتعد هذه المدرسة فرعًا من مدرسة
(أنجمن حماية الإسلام) وكان أكثر الناس تبرعًا بالنقود لتأسيس هذه المدرسة
المولوي خليفة عماد الدين أكبر أنجال المرحوم وأحد مفتشي المدارس الأميرية في
لاهور اهـ. من ترجمة الفاضل عبد الرحمن الهندي مُكاتب جريدة وكيل الهندية
الغراء.
فهكذا تكون الهمم وهكذا تكون العلماء، نجَّح الله مقاصد هذه الجمعية وجزى
الأفاضل الذي أسسوها وعضدوها أفضل الجزاء.