وردت لنا عدة رسائل من سنغافوره تدل على أن بين العرب الكرام المقيمين هناك تنازعًا وتخاصمًا وتباغضًا وتحاسدًا تألم له النفس ويضيق منه الصدر. إن أولئك الكرام أجدر الناس بالوفاق والوئام، كما يليق بهدي دينهم وطيب عنصرهم. *** رسالة أحد أعضاء الجمعية الخيرية فمن هذه الرسائل ما كتبه إلينا أحد أعضاء الجمعية الخيرية هناك وكتب بمثله إلى المؤيد فنشره المؤيد غير مستحسن لهذا الخلاف واعظًا أهله وعظًا إجماليًّا نافعًا لمن تدبره فرمى عن قوس عقيدتنا في ذلك. ينكر الكاتب على السيد حسن بن شهاب ما كتبه في المؤيد يفوق به سهام اللوم على مسلمي سنغافوره وعربها الكرام لتقصيرهم في تعليم أولادهم وغير ذلك مما يرقيهم ويرفع شأنهم ويرد عليه وعلى كاتب آخر كتب مثل ما كتب بإمضاء (حزين) بقوله: (إن مسلمي سنغافوره عمومًا وعربها خصوصًا استشهروا استشهار الشمس في الرابعة بالمحافظة على الشرف والدين والسير على نهج الآداب وتعليم أولادهم لا كما زعم ذوو الأغراض في تينك المقالتين) ثم أيد كلامه بأن الجمعية الخيرية لم تزل منذ تأسيسها (٦ شعبان ١٣١٤) (توالي جلساتها باهتمام فائق فيما يعود نفعه ويجب القيام به في مصالح المسلمين) وذكر من ذلك أنها كانت عزمت على إنشاء مدرسة لتعليم كتاب الله وعلم الكتابة والحساب ولكن السيد محمد السقاف قام بذلك (جزاه الله خيرًا) وأنها تحتفل باستقبال الوافدين إلى سنغافوره من أمراء المسلمين وقناصل الدولة العلية وأنها لم تزل قائمة بالإصلاح بين المسلمين وحل ما يشكل من اختلافهم والسعي في ائتلافهم وأنها أنشأت جمعية أخرى تحت مراقبتها سميت (جمعية مصالح المسلمين) وطلبت من الحكومة دفن وتجهيز مَن يموت من فقراء المسلمين في السجون والمستشفيات وأنها تدير الرأي الآن في القيام بترميم الجوامع التي تحتاج إلى الإصلاح وبفتح مدرسة كبيرة. هذا ما ذكر الكاتب من أعمال الجمعية الخيرية ثم ذكر أنها في آخر جلسة لها قررت فصل السيد حسن بن علوي بن شهاب والسيد محمد بن عقيل من أعضائها؛ لأن الأول نشر كلامًا عن السيد عبد الله بن عبد الرحمن العطاس لا ظل له من الحقيقة، والثاني نقل كلامًا في تخطئة الجمعية. فهذا ملخص الرسالة. نشكر للجمعية كل ما ذكر من أعمالها وندعو الله أن يوفقها لخير مما عملت ونقول لأعضائها الكرام بلسان الإخلاص: إن خير هذه الأعمال التي ذكرت هو إصلاح ذات البيْن ولكن كيف كنتم ولا تزالون تصلحون بين الناس وقد عجزتم عن إصلاح ذات بينكم أليس السيدان اللذان قررتم فصلهما من الجمعية هما من خياركم ومن المعروفين في جميع أقطار الإسلام بالغيرة والفضل. ألم يكن خلاف أحدهما مع السيد العطاس مما يجب تلافيه بالإصلاح بينهما؟ أيجوز أن يهجرهما سائر أعضاء الجمعية لانتقادهما على مسلمي سنغافوره تقصيرهم فيما يرقيهم وعلى الجمعية نفسها تقصيرها فيما يجب؟ أليس كلاهما حقًا؟ أيعدّ الاحتفال بأمراء المسلمين وأمثاله ترقية للمسلمين في هذا العصر. أيكفي ذلك الكُتاب الذي أنشأه السيد محمد السقاف (جزاه الله خيرًا) لترقية أبناء المسلمين وهو لا يُعلم فيه غير ألفاظ القرآن الكريم والحساب والخط؟ أين التفسير والحديث والتوحيد والفقه والأصول؟ أين وسائل هذه العلوم من فنون عربية؟ أين تاريخ الإسلام والتاريخ العمومي الذي ينير العقل؟ أين العلوم العصرية التي هي أساس الثروة والعزة في هذا العصر؟ لعل أعضاء ٍالجمعية الكرام يصلحون ذات بينهم ويعودون إلى الاعتصام، والتعاون على المصلحة العامة والسلام. *** عدة رسائل في تزوّج الهندي بالشريفة وردت لنا عدة رسائل في هذه الواقعة التي سبق لنا القول فيها فرأيناها يناقض بعضها بعضًا، وعلمنا منها أن الناس فيها فريقان كلٌّ يؤيد رأيه ويفند رأي الآخر على اعتقاد أو تحيز، فإن نشرنا هذه الرسائل كلها ولا فائدة في شيء منها كنا ظالمين لقراء المنار. فإن قال قائل: إنك أفتيت في المسألة، ثم نشرت بعض الرسائل فيها فيجب نشر الباقي أو النظر فيه والمقابلة بينها وبيان ما يظهر بعد ذلك أنه الحق. نقول: إن الفتوى كانت على حسب السؤال لا على حسب الواقع الذي لم نطلع عليه. ونكتفي بأن نقول لقراء المنار هناك: إننا لا نرجح قول أحد في المسألة فليكن ما نشر في السؤال وغيره كأن لم ينشر. *** رسالة ذي أذن واعية ملخص هذه الرسالة أن شيخًا معممًا يمقت المنار؛ لأن تعليمه يقلل من كسبه وأكله لدينه - جمع زعنفة لمقاومة محبيه وقرائه وتكلم فيهم بالباطل ثم عقد اجتماعًا دعا إليه بعض هؤلاء المحبين للمنار وبعد أن أسمعهم من الطعن ما ظن أنه أظفره بهم قام عالم منهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (إن كنتم تحبون شأن المؤمنين فقد قال رب العالمين: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ..} (النور: ٥١) الآية، وقال: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ..} (النساء:٦٥) الآية فهلمُّوا إلى حكم الله. وإن كنتم تريدون غير ذلك، فالمحاكم الإنكليزية مفتوحة الأبواب واعفونا من السباب) فبهتوا وعلموا أنهم عاجزون عن حزب الحق من جهة الشرع والقانون جميعًا. هذا ملخص الرسالة وإنما لم ننشرها بنصها؛ لأن كاتبها خالف طريقة حزبنا فطعن بهؤلاء المتعرضين وذمهم ونحن ندعو الله أن يلهمنا وإياهم الأدب والصواب، ويحسن لنا ولهم المرجع والمآب.