للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الأخبار التاريخية

(سكة الحديد الحجازية)
قد شُرع في مد قضبان الحديد بعد تسوية الأرض في القسم الأول من هذه السكة
التي هي أعظم مآثر مولانا الخليفة والسلطان الأعظم أيده الله تعالى وسدده، ويبتدئ
هذا القسم من (المزيريب) حيث منتهى السكة الحديدية بين بيروت والشام، وطوله
عشرون كيلو متر، وقد احتفل بذلك في المزيريب بحضور صاحب الدولة ناظم باشا
والي سوريا، وصاحب السعادة محمد فوزي باشا مدير إدارة لجنة السكة الحديدية في
ولاية سوريا وأحد أعضائها، ورائف باشا رئيس أركان الحرب في الفيلق السلطاني
الخامس، وذلك في يوم الاثنين ثامن ربيع الأول الأنور، وهو اليوم الذي وُلد فيه
النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم على القول الصحيح، فياله من فأل حسن يبشر
بالإتمام بالخير إن شاء الله تعالى.
***
(رزء علمي ديني)
في يوم الخميس ثالث ربيع الأول توفي إلى رحمة الله - تعالى - أحد أكابر
علماء الأزهر الشريف الأستاذ الشيخ محمد راضي الكبير مفتي ديوان الأوقاف،
وشيخ رواق البحاروة في الأزهر عن نحو خمسين سنة قضاها في التعلم، ثم التعليم
وخدمة الحكومة.
كان الفقيد مالكي المذهب، ثم تمذهب بمذهب الحنفية، وأتقن فقههم حتى عين
مفتيًا لمديرية الدقهلية، ثم مفتيًا لديوان الأوقاف، ومن مزاياه التي لا يشاركه فيها
إلا القليل أنه كان لا يخاف في الحق لومة لائم، فيصرح باعتقاده وإن خالف العامة
وأنكرته الجماهير، وله واقعة مشهورة في ذلك وهو أنه صرح بإنكار ما يأتيه
العامة من المنكرات عند قبور الصالحين مما هو مشهور، وأفضنا فيه مرارًا،
فاتخذ ذلك بعض الحسدة والجهال وسيلة للخوض فيه والسعاية للحكومة وسموه
وهابيًّا، وهم لا يدرون ما هو الوهابي؛ وإنما هي ألفاظ يرمونها من غير فهم ولا
عقل، فعزلته الحكومة بناء على هذه السعاية، ثم تبين أنه ما قال إلا الحق الذي هو
مذهب السلف ولباب الدين، فرقَّاه الجناب الخديوي - أعزه الله تعالى - وجعله مفتيًا
للأوقاف، وما زال مواظبًا على التدريس وإفادة الطلاب في الجامع الأزهر حتى
أصيب بالمرض الذي انتهى بوفاته، وقد شيعت جنازته بالاحتفال اللائق بفضله
تغمده الله برحمته وعزَّى آله وذويه بمصيبته.