للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقريط المطبوعات الجديدة

(النسائيات)
كنا نقرأ في (الجريدة) مقالات في شؤون النساء، عنوانها العام (النسائيات)
بإمضاء (باحثة بالبادية) ، وكنت ظننت عند قراءة أول ما اطلعت عليه بهذا
الإمضاء أن كاتبه رجل، ثم علمت أنه من إنشاء الكاتبة الشاعرة الأديبة ملك
ناصف، كريمة صديقنا حفني بك ناصف وقرينة صديقنا عبد الستار الباسل الزعيم
في قبيلة الرماح العربية التي تقيم في جهة الفيوم، وكأن الكاتبة بدأت بما كتبته
للجريدة وأمضته بلقب (باحثة بالبادية) وهي في دارها التي هناك بجوار القبيلة،
وإن كانت دار مقامها عامة السنة في القاهرة.
تربت الكاتبة في حجر والدها، ومقامه في العلم والأدب والنظم والنثر
معروف، فهو من الرعيل الأول الذين تخرجوا في مدرسة دار العلوم بعد الدراسة
في الأزهر، وأخذ عن الأستاذ الإمام، ثم علم وصنف، ثم صار قاضيًا في المحاكم
الأهلية، فقتل الزمان علمًا وخبرًا، وآثار علمه وأدبه مدروسة غير دراسة،
وتعلمت في المدرسة السنية الأميرية حتى صارت من المعلمات، ثم اقترنت
بالرجل البدوي الحضري الذي عرف أوربا كما عرف القاهرة، وخبر الأحوال
الاجتماعية البادية والحاضرة، وهو من مؤسسي حزب الأمة، ولهذا خصت قرينته
(الجريدة) بمقالاتها. وغرضنا من هذا البيان أن يعرف القارئ بأن صاحبة
مقالات النسائيات جديرة بذكائها الفطري والوراثي، وبتربيتها المنزلية والمدرسية،
ثم صيرورتها ربة بيت وقرينة بعل يعرف قيمة العلم والأدب والإصلاح، جديرة
بأن تكتب ما ترجى فائدته في النسائيات التي هي أهم المسائل الاجتماعية في مصر
والعالم الإسلامي المدني في هذا العصر.
تغيرت حال الاجتماع في المدائن الإسلامية بقدر انتشار التعليم العصري فيها،
واختلاط أهلها بالإفرنج والمتفرنجين، فتجددت لكثير من الرجال آراء ورغبات
فيما ينبغي أن تكون عليه بيوتهم ونساؤهم، والنساء لا يشعرن بالحاجة إلي تغيير ما
في نظام البيوت ولا في معارفهن وآدابهم وعادتهن. واقتضت تلك الرغبات في
بعض الرجال أن يعلموا البنات كما يعلمون الصبيان في المدارس العصرية التي
أنشأتها الجمعيات النصرانية الإفرنجية، ثم المدارس التي أنشأتها الحكومة، ثم
الأهالي لمحاكاة مدارس الإفرنج وتقليدًا لهم فيها، ولما تعلم بعض البنات صار فيهن
من يرغبن فيما يرغب فيه بعض المتعلمين من التغيير، ولكن الراغبات في ذلك من
المتعلمات أقل من الراغبين فيه، على أن المتعلمات أقل من المتعلمين.
يختلف المفكرون في هذه المسالة اختلافًا كبيرًا، فمنهم من يرى أنه ينبغي لنا
تقليد الإفرنج حذو القذة بالقذة، ومنهم من يرى أن ذلك أضر علينا من جهل النساء،
وبين هذين الطرفين آراء كثيرة، والحق الذي لا ريب فيه هو أنه لا يمكن أن
ينتظم حال الحضارة الإسلامية إلا بتربية البنات وتعليمهن، ولذلك قلت في فاتحة
العدد الأول من منار السنة الأولى عند بيان مقاصد الصحيفة: (وغرضها الأول
الحث علي تربية البنات والبنين) ولكنني لم أشرح هذا المقصد كثيرًا كما شرحت
غيره من مقاصد المنار؛ لأنني أرى أن التربية والتعليم لا يفيدان الفائدة التي نحتاج
إليها إلا إذا قامت بهما الجمعيات الخيرية الملية دون الحكومة، ودون الأفراد الذين
ينشئون المدارس لأجل الكسب، فكنت لهذا أطالب الأستاذ الإمام المرة بعد المرة
بإنشاء معهد خاص لتربية البنات بالعمل وتعليمهن، يكون تابعًا للجمعية الخيرية
الإسلامية، وكان - رحمه الله تعالى - يقول: إن المال الخاص بالتعليم في الجمعية
لا يكفي لهذا العمل، فلا بد من انتظار فرصة لفتح اكتتاب لذلك، وكنا ننتظر هذه
الفرصة ونرجئ القول في الحاجة إلى هذا التغيير في حال نسائنا، وفي طريقه
وكيفيته إلى وقت الشروع في العمل، حتى لا يكون القول مثارًا للمراء والجدل.
ما فتحنا باب البحث والجدل في المسألة، ولكن سخر الله له قاسم بك أمين
ففتحه هنا بكتابه (تحرير المرأة) ؛ إذ كتب في مسألة الحجاب ما أسخط السواد
الأعظم من الناس، فردوا عليه في الجرائد والمصنفات الخاصة، وبينوا آراءهم
في التربية والتعليم النافعين لترقية النساء.
ثارت الرياح في ذلك عند ظهور كتاب تحرير المرأة، ثم كتاب (المرأة
الجديدة) الذي رد به قاسم على المعترضين، ثم سكتت زمنًا وكاد يغلق باب البحث
فيه، لولا أن فتحت (الجريدة) مصراعيه لغير واحد من الكتاب، وفي أثناء ذلك
دخلت صاحبة مقالات (النسائيات) في مضمار البحث مناضلة مناظرة للكاتبين من
الرجال، ومظهرة لهم مالا يعرفون من شؤون النساء، ثم دعت النساء مرتين إلى
سماع خطبتين لها: إحداهما في شؤونهن العامة، وما ينبغي أن يكن عليه في
البيوت. والثانية في المقارنة بين المرأتين المصرية والغربية، وبيان ما يصلح
العمل به، وأجابها إلى سماعهما المئات من المصريات. وقد نشرناهما في المنار.
الحق أقول: إن ما كتبته هذه الكاتبة في بدايتها خير مما كتبه الكثيرون من
الرجال عبارة ورأيًا، فأكثر الرجال جاءوا بالآراء النظرية والأهواء النفسية، أو
تقليد الإفرنج والمتفرنجين، وهي قد بنت كلامها على اجتهاد واستقلال، يرجع إلى
أصول ثلاثة: أحدها الدين، وثانيها الاختبار، وثالثها مصلحة المرأة المصرية،
ومن فروع هذا الأصل الأخير استنكارها تزوج المصريين بالإفرنجيات والتركيات،
وإنا لنقرها على هذه الأصول، وإن كنا نخالفها في بعض الفروع، ونشهد أن ما
كتبته مفيد للقارئين والقارئات، ونشكرها شكر المستزيد من هذه الفوائد، ونهنئ بها
بيت الزوج وبين الوالد.
طبع الجزء الأول من (النسائيات) في منتصف العام الماضي، فكان ١٤٦
صفحة، وطبع معه تقريظ من أرباب القلم المشهورين بلغت ٢٠ صفحة وافتتح
بمقدمة حكيمة لأحمد لطفي بك السيد مدير الجريدة أحسن ما فيها مسألة (المرأة
والدين) ، وثمن النسخة من هذا الجزء عشرة قروش صحيحة، فعسى أن ترى
الكاتبة من رواج كتابها ما يبعث همتها إلى زيادة العناية، ويرغب غيرها من
الكاتبات في الكتابة والخطابة والتأليف.
(البرهان الصريح في بشائر النبي والمسيح صلى الله عليهما وسلم)
جمع هذا الكتاب من نصوص العهد القديم والعهد الجديد أحمد أفندي ترجمان،
وهو رجل واسع الاطلاع في كتب أهل الكتاب الدينية، كثير الحفظ منها، قوي
الاستحضار لها، وأعانه على تحريره وترجمة النصوص من الأصل العبراني
محمد أفندي حبيب صاحب مكتبة برج بابل (بموافقة عالمين من علماء الإسرائيلية
على صحة النصوص العبرانية والكلدانية) وفي الكتاب فوائد كثيرة دينية وتاريخية،
ومقارنات غريبة بين النصوص وتفسير بعضها ببعض، لا يستغني عنها من
تعنيهم هذه المباحث. وثمن النسخة منه قرشان، ويطلب من مكتبة المنار بمصر.
(مصادر المسيحية وأصول النصرانية)
(رسالة لاهوتية تاريخية، تبين المصادر الأصلية للدين المسيحي القديم وما
ورد فيه من توحيد وتثليث واثنينية وتسبيع وتتسيع، ومقبول ومرفوض من
العناصر الدينية القديمة؛ كالمصرية والبرهمية والبوذية والبابلية والآشورية
والميثرايزمية لمؤلفها محمد أفندي حبيب، صاحب مكتبة برج بابل في مصر مؤسس
حزب الله، وهذه الرسالة مأخوذة من الكتب الدينية والتاريخية المكتوبة باللغة
الإنكليزية في الغالب، وثمنها خمسة مليمات وتطلب من مؤلفها.
(الدرة اليتيمة لابن المقفع)
طبعت هذه الرسالة الأدبية الطبعة الخامسة في مطبعة الرغائب بمصر، وتطلب
من مكتبتها، وهي غنية بشهرتها عن الوصف.
(دروس التاريخ الإسلامي)
كتاب مختصر مفيد في تاريخ المسلمين، يؤلفه الشيخ محيي الدين الخياط،
ويطبع في بيروت بنفقة المكتبة الأهلية، وقد صدر منه ثلاثة أجزاء أو ثلاثة
أقسام كما عبر المؤلف: الأول في مجمل من السيرة النبوية، والثاني في مجمل من
تاريخ الخلفاء الراشدين، والثالث في مجمل تاريخ دولة بني أمية، ويقرب الجزء
من ٩٠ أو ١٠٠ صفحة مقسمة إلى دروس، في كل درس مسائل مختصرة،
لكل مسألة عنوان وفي آخره خلاصة وأسئلة، فيصلح هذا الكتاب أن يدرس في
المدارس الابتدائية؛ لسهولته وحسن ترتيبه، على أنه للعارفين كالمذكرات
الوجيزة التي تسمى بالأعجمية (النوتة) ، وثمن الجزء قرشان ونصف، ويباع
في المكتبة الأهلية ببيروت، والمكتبة السلفية بمصر.
(المشير)
الجريدة جديدة أسبوعية (إسلامية إصلاحية عمومية) ظهرت بتونس في
أوائل هذا الشهر، وقد كتب إلينا من نثق بعلمه ورأيه من الثناء على صاحبها
(الطيب بن عيسى) والثقة بحسن قصده، ما جعلنا نتمنى لها الثبات والنفع
العام، وعسى أن يعضدها أهل الغيرة والرأي.