للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكاتب: محمد توفيق صدقي


استدراك [١]
العصمة لله ولكتابه وحدهما، وقد وقعنا في خطأ في مقالة الفلك في صفحة
٥٨٩ من هذا العدد من المنار، نبهنا إليه الأستاذ المفضال السيد محمد رشيد، وذلك
في تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} (الطلاق: ١٢) فأحببت أن أصححه كما يأتي، فيضاف هذا التصحيح في أول
ص٥٨٩ المذكورة بعد قولنا في الصفحة التي قبلها (ولنا في تفسيرها وجهان: إما
أن تكون.. . إلى قولنا: وعليه فليس في القرآن ... إلخ) .
وصحة العبارة هكذا:
كلمة (الأرض) فيها بمعنى الطين والتراب الذي نعرفه، كما في قوله تعالى
{وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ
بَهِيجٍ} (الحج: ٥) وقوله: {وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} (الروم: ١٩)
ونحوه كثير. وإما أن تكون بمعنى الكرة الأرضية كما في قوله تعالى: {وَالأَرْضُ
جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ} (الزمر: ٦٧) إلى قوله: {فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَوَاتِ
وَمَن فِي الأَرْضِ} (الزمر: ٦٨) .
أما على الوجه الأول، فتقدير الآية هكذا: (الله الذي خلق سبع سموات،
ومن هذا الطين والتراب خلق ما هو مثلهن) وهو هذا الكوكب الأرضي أي الكرة
الأرضية، فكأنه قال: إن هذه الأرض المركبة من الطين والتراب خلقت مثل
السموات أو الكواكب السيارة؛ وذلك لأن الأرض مثل السيارات في المادة [٢]
وكيفية الخلق، وكونها تسير حول الشمس، وتستمد النور والحرارة منها، وكونها
مسكونة بالحيوانات كالكواكب الأخرى، وكونها كروية الشكل. فالسيارات أو
السموات والأرض هي متماثلة من جميع الوجوه، وكلها مخلوقة من مادة واحدة
وهي مادة الشمس وعلى طريقة واحدة، قال الله تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً} (الأنبياء: ٣٠) - أي شيئًا واحدًا - {فَفَتَقْنَاهُمَا} (الأنبياء: ٣٠) أي فصلنا بعضها عن بعض، فالأرض خلقها الله مثل
السموات تمامًا {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ} (الملك: ٣) ؛ لأن
نواميس جميع الموجودات واحدة وعلى تفسيرنا هذا، تكون هذه الآية دالة على أن
الأرض هي إحدى السيارات، وهو أمر ما كان معروفًا في زمن النبي صلى الله
عليه وسلم، وما كان يخطر ببال أحد من العرب؛ وذلك من دلائل صدق القرآن.
وأما على الوجه الثاني؛ وهو أن المراد بالأرض الكرة الأرضية، فتقدير
الآية هكذا: (الله الذي خلق سبع سموات وخلق من الأرض أرضًا مثلهن) أي أن
الآية على طريقة التجريد، كقولك: (اتخذت سبعة أصدقاء، ولي من فلان صديق
مثلهم) أي في الصداقة، وقولك: (عرفت من الله ربًّا رحيمًا) والمعنى على هذا
الوجه والوجه الأول واحد، أو التقدير: (وخلق بعض الأرض مثل الكواكب)
على أن (من) تبعيضية، وهذا البعض هو مثلها في عناصرها الكيماوية الداخلة
في تركيبها، فكأنه قال: إن بعض عناصر هذه الأرض، هو مثل عناصر الكواكب
الأخرى نوعًا وكمية. والبعض الآخر موجود فيها عناصر أخرى لا نعرفها ولا
توجد عندنا، وقد ثبت ذلك للفلكيين بتحليل الضوء بالمنشور (Spectral
Analysis) فوجدوا مثلاً في جو المشتري وزحل وأورانوس غازًا لا يوجد عندنا
منه شيء، وكذلك يوجد في الشمس عناصر كثيرة لا توجد عندنا، وقد وجدوا في
بعض الشموس الأخرى أن السلكا (Silica) تقوم فيها مقام الكربون (الفحم)
الذي يكاد يكون معدومًا فيها أو غير موجود مطلقًا، وذلك في مثل نجمي رجل
ودنب (Rigel & Deneb) ، ولا ينافي ذلك ما قلناه في الوجه الأول من تفسير
هذه الآية، فإن العناصر وإن اختلفت في الظاهر لكن مادتها في الحقيقة واحدة؛
لأنها جميعًا مخلوقة من شيء واحد (وهو الأثير) .
... ... ... ... ... ... ... ... محمد توفيق صدقي