دروس سنن الكائنات محاضرات علمية طبية إسلامية للدكتور محمد توفيق صدقي (١٦)
الالتهاب الرئوي الباسيلي ذكرنا فيما سبق أن الميكروبات التي تُحْدِث التهاب الرئة باسيلا اكتشفه [فرد لندر Friedlander] وهذا النوع من الالتهاب شديد جدًّا خطر على الحياة، ويُشَاهد ميكروبه كثيرًا في حويصلات الرئة، وقد تتقيح منه أو تصاب بالغنغرينة (الموت) . *** الدوسنطاريا DYSENTERY كلمة يونانية وضعها أبقراط ثم عُرِّبَت ومعناها [مرض الأمعاء] ويسمى بالعربية الخالصة (الزحار) لأنه يحدث الزحير. وهذا الداء عبارة عن التهاب الأمعاء الغليظة أو القولون، وهو نوعان: (الأول) يحدث في جميع بقاع الأرض خصوصًا في زمن الحرب أو القحط وينشأ من باسيل مخصوص، وهو النوع المراد بالكلام هنا. و (الثاني) كثير الحصول في بلاد الشرق، ويمتاز بطول مدته وبتضاعفه بخراج الكبد، وبكونه ينشأ من نوع من الأميبا (خلية حيوانية وليست نباتية كميكروب النوع الأول) . وهذا النوع سنتكلم عليه إن شاء الله في باب الأمراض التي تنشأ عن الميكروبات الحيوانية. *** الدوسنطاريا الباسيلية تنشأ - كما قلنا- من باسيل اكتشفه [شيغا Shiga] في بلاد اليابان سنة ١٨٩٧ وبعد ذلك وجد مثله [كروس Kruse] في ألمانيا، لذلك يسمى بميكروب [ميكروب شيغا كروس] ثم وجد غيرهما أنواعًا أخرى من باسيل الدوسنطاريا مثل [فلكنز] و [سترنج] . هذا الباسيل عديم الحركة ولا حبيبات له، والحرارة التي درجاتها ٥٨- ٦٠ سنتيغراد تقتله سريعًا وكذلك المطهرات، ويعيش في الهواء وفي غيره. ويقتصر وجوده في المرض على أغشية الأمعاء المخاطية ولا يصل إلى الدم. ومن الجائز أن يبقى في الأمعاء مدة بدون أن يحدث ضررًا فيها، ولكنه في العادة يفرز سمًّا يمتص في الدم ثم يفرز منه بواسطة الأغشية المخاطية للأمعاء فيحدث فيها المرض، ومن هذا السم جزء يؤثر في المجموع العصبي فيحدث التهابًا في الأعصاب. الأسباب- هذا النوع من الدوسنطاريا، وإن كان كثير الحصول في البلاد الحارة، إلا أنه قد ينتشر في أوقات مختلفة بشكل وبائي في أي بقعة من بقاع الأرض. ومما يهيئ الجسم لقبول المرض كل ما يضعف البنية كالتعرض للبرد أو البيئة الفاسدة الهواء أو الإصابة بحمى النافض (الملاريا) أو إدمان الخمر أو أكل المواد العسرة الهضم كالفواكه غير الناضجة أو المتعفنة وكذلك الازدحام، ولذلك يكثر هذا المرض بين الجنود وفي السجون والتكايا ونحوها. ومن مضعفات البنية التي تهيئ لهذا المرض ضعف العقل - ولذلك ينتشر بين المجانين- والإمساك المتعاصي. ينتقل الميكروب من المصاب بواسطة البراز الملوث به إلى الشراب أو الطعام أو إلى الأواني وغيرها فيصل إلى أمعاء الآخرين ويُحدث فيهم المرض، فهو في عدواه يشبه الحمى التيفودية سواءً بسواء. ومما ينشره أيضًا بين الناس الذباب والعواصف، فإنها تنقل الميكروب من البراز وتثيره مع الغبار إلى الطعام أو الشراب وغيرهما. ولهذا الداء أيضًا حملة أصحاء كالذين ذُكِروا في باب الحمى التيفودية والدفتيريا. الأعراض- مدة التفريخ تتراوح بين بضعة أيام وأحد عشر يومًا. ويبدأ المرض بالإسهال فيتبرز المصاب من مرتين إلى ست برازًا سائلاً مصفرًّا أو يميل إلى السمرة ويحس بألم في بطنه وتوعك عام وفقد في شهوة الطعام. وبعد ثلاثة أيام أو أربعة تكثر فجأة مرات التبرز حتى تصل إلى عشر أو عشرين بل أربعين فستين أو أكثر. ويكون قدر البراز في كل مرة قليلاً جدًّا يخالطه مخاط ومصل ودم وصديد وبعض أجزاء من الغشاء المخاطي للأمعاء، وقل أن يُشَاهد فيه شيء من مواد البراز الطبيعية، وقد يكثر النزف حتى يتبرز المصاب دمًا خالصًا بسبب احتقان الغشاء المخاطي وتمزق عروقه في أول الأمر ثم بسبب تقرحه بعد ذلك، ويكون له رائحة مخصوصة، ويشتد المغص ويكثر الزحير ويلتهب باب البدن (الشرج) ويكثر بسبب ذلك التبول أيضًا أو يحصل فيه الزحير أيضًا فيميل المصاب إلى إخراج بوله نقطة فنقطة بحيث لا يمكنه الصبر على تجمع القدر المعتاد من البول في المثانة. وهذه الأعراض تؤثر في بنية المريض فينحف ويضعف ويصفر لونه ويبيض لسانه وترتفع حرارته ويصيبه الصداع والدوار والإقهاء والعطش. وفي الحالات البسيطة تخف وطأة المرض بعد ثمانية أيام أو عشرة، أما في الحالات الشديدة فتزداد الأعراض حتى تُنهك قوى المريض ويتقرح الشرج وما حوله من المقعدة، ويصاب بالهمود فتغور عيناه وتزرق أطرافه ويضعف صوته ونبضه حتى يموت. ويكثر في أول الأعراض أن يصاب الشخص بالقيء ويستمر معه بشدة حتى النهاية. ويقل البول أيضًا ولكن لا يوجد فيه زلال غالبًا. وفي بعض الإصابات يزمن المرض فيكون البراز أحيانًا طبيعيًّا وأحيانًا مركبًا من مخاط وصديد ودم مع الرائحة المخصوصة المذكورة، وتستمر تلك الحال أشهرًا عديدة، أو سنوات كثيرة فينحف المريض ويضعف وقد يموت- إذا لم يُعَالج- بنهاكة القوى أو بالمضاعفات كالالتهاب البريتوني من انخراق الأمعاء، أو يصاب بضيق فيها بسبب انقباض آثار التحام القروح. وقد وصف [القصطلاني Castellani] (وهو عالم إيطالي شهير له مؤلف ضخم في أمراض البلاد الحارة باللغة الإنكليزية) نوعًا من هذا المرض سماه [البارادوسنطاريا] وهو أخف من الدوسنطاريا المعتادة وله باسيل قريب من باسيلها. ويحدث المرض بسبب تأثير سم الميكروب في أنسجة القولون كما قلنا أثناء إفرازه من البنية فتموت أجزاء من الغشاء المخاطي وغدده وبعض الأنسجة العضلية التي في جدر الأمعاء فتتقرح، وقد يصل الالتهاب والتقرح إلى الغشاء البريتوني فيلتهب ويلتصق بأجزاء أخرى أو يخترق ويكون سببًا في الموت السريع. زد على ذلك أن المعدة والأمعاء الدقاق قد تصاب أيضًا بنزلة وتلتهب غدد المساريقا وتنتفخ الكبد وتحتقن. المضاعفات- التهاب الأعصاب بسبب تأثير السم فيها والتهاب المفاصل والأخرجة في أجزاء الجسم المختلفة والالتهاب البريتوني من الانثقاب والنزف المعوي الشديد. الإنذار- عدد الوفيات من ٣٠ إلى ٨٠ % ومما ينذر بالخطر سقوط أجزاء كثيرة من أغشية الأمعاء في البراز والنزف الشديد وكثرة القيء والهمود. والمرض قتال للأطفال والشيوخ والضعفاء ومدمني الخمر. المعالجة- يجب على المريض أن يلتزم الراحة في الفراش ويرتاح جيدًا حتى يدفأ وتخصص له آنية التبرز فيها لكيلا يتعب نفسه في الانتقال. فيكون غذاؤه سائلاً سهل الهضم مشتملاً على المواد التي يحتاج إليها الجسم، فيغلى له اللبن خالصًا أو ممزوجًا بماء الجير ويعطى له المرق، ولا بأس من تحلية اللبن بالسكر أو خلطه بقليل من النشا الصافي الذي يطبخ به، أو إعطائه اللبن الخاثر (لبن الزبادي) ولا يجوز أن تكون هذه المواد شديدة البرودة فإنها تهيج الأمعاء، والأفضل أن تدفأ. وتبدأ المعالجة الدوائية بإعطاء المسهلات كزيت الخروع أو الملح الإنكليزي وهو الأفضل، ومن الأطباء من يعطي هذا الملح بمقادير صغيرة كدرهم كل ساعة ليلاً ونهارًا حتى تكثر مواد البراز ويزول منها الدم والمخاط وتنخفض الحرارة ويزول الألم والزحير. ويمكن الاستمرار على تعاطي الملح بهذه الكيفية يومًا أو ثلاثة، ومن النادر أن يحتاج إلى أكثر منها، ثم يكمل العلاج بإعطاء مركبات البزموت [١] والأفيون وبعض المطهرات كالسالول. ويجوز في الحالات الشديدة حقن المريض بالمصل المضاد للزحار كمصل معمل (لستر lister) فيحقن منه ٢٠ سنتيمترًا مكعبًا مرتين في اليوم في الأحوال المعتادة، وفي الأحوال السيئة يجوز الحقن إلى ثلاث أو أربع مرات، ويتكرر ذلك مدة يومين أو ثلاثة. وقد اكتشف حديثًا بعض كيماوي مصر حقنة أخرى يقال: إنها نافعة كثيرًا. والحقن في الشرج نافع في كثير من الحالات، فيحقن الماء المغلي بعد أن تصير حرارته فوق حرارة الجسم الطبيعية بقليل جدًّا، ويحقن كذلك دافئًا محلول البوريك ١% أو محلول حامض الصفصافيك بنسبة واحد إلى خمسمائة وغيرها. وحقن محلول ملح الطعام الدافئ بنسبة ٧ إلى ألف نافع جدًّا ومقدار ما يحقن في كل مرة لتر. وهناك محقونات كثيرة لا حاجة إلى استقصائها. فإذا اشتد الألم والزحير يلبس في الشرج أقماع مركبة من الأفيون أو المورفين [٢] مع زبدة الكاكاو، ومحلول ملح الطعام المذكور نافع أيضًا لإزالة هذا الزحير، والجلوس في الماء الساخن مريح أيضًا من الزحير وكذلك وضع اللبخ والكمادات الساخنة ونحوها على الشرج. والأفيون يسكن ألم البطن واللبخ الساخنة وإذا أصاب المريض الهمود أعطي المنعشات المنبهات كالقهوة والشاي والخمر، وغير ذلك مما ذكر مرارًا. فإذا تحسنت الحال يزاد طعام المريض تدريجًا كأن يأكل قليلاً من الخبز الهش الإسفنجي الجاف واللحم المفروم جيدًا، وهكذا يزاد الطعام حتى يصير كالمعتاد. وفي طور النقاهة يُعطى له مركبات الحديد والمواد المرة كالكيني بمقادير صغيرة لتقويته. الوقاية - تكون بما يأتي (١) بعزل المرضى وتطهير مواد برازهم بالمطهرات الطبية أو بحرقها ويجب أن تغطى أوانيها بخرقه مبتلة بمحلول مطهر منعًا من نقل الذباب للعدوى. (٢) بمنع الناقهين من الاختلاط بالناس حتى تعلم طهارة برازهم من الميكروب بعد البحث البكتبريولوجي ثلاث مرات في ثلاثة أسابيع. (٣) بالبحث عن الحملة الأصحاء إذا انتشر الوباء في مكان وعزلهم ومعالجتهم بالمطهرات للأمعاء أو بالحقن باللقاح ونحو ذلك حتى يزول الميكروب منهم. وهؤلاء الحملة هم من كانوا أصيبوا بالزحار أو اختلطوا بمصاب به. (٤) بامتناع الأصحاء من شرب أي ماء إلا بعد غليه أو ترشيحه ومن أكل أي شيء إلا بعد غليه أو إزالة قشره أو غسله جيدًا بالماء المغلي أو المذاب فيه كبريتات الصوديوم الحمضية كما سبق. ولا يجوز استعمال الماء غير المغلي حتى لغسل الأواني أو للضوء. (٥) بتجنب المواد العسرة الهضم والمسببة لاعتقال البطن، وكذلك يتقى البرد. (٦) بإبادة الذباب بقدر الإمكان، وتنظف الطرق وترش جيدًا حتى لا يثار غبارها. (٧) من العلماء من يشير على الأصحاء إذا خافوا العدوى بعمل اللقاح، وهو عمل محمود وقد أفاد في كثير من الأحوال، وأشهر من أشار بذلك القصطلاني. *** أمراض الفطر مادورا - أو - قدم مادورا داء Madura Disease هو داء منسوب إلى مدينة مادورا في جنوب بلاد الهند ويوجد كثيرًا في غيرها من البلاد الحارة والمعتدلة. وينشأ من دخول فطر مخصوص في القدم غالبًا (وأحيانا في اليد) وقد يصعد الداء من القدم إلى الساق، ومن النادر أن يصيب الجذع، فينمو هذا الفطر في الجزء المصاب وينشأ من تهيجه للمكان أنسجة مخصوصة تشبه الأنسجة الحمراء التي تتكون في الجروح ويسميها الأطباء المحدثون (بالأزرار اللحمية) ويتقيح المكان المصاب وتتلف أجزاؤه وتتآكل، وقد يصل الداء إلى نفس العظام فيحدث بها النخر وتتكون نواصير يخرج منها صديد وحبيبات سوداء أو سمراء وقد تكون بيضاء أو بيضاء مصفرة تبعًا لنوع الفطر، فإن له أنواعًا كثيرة. ويكون حجم الحبيبة كرأس الدبوس وقد يكون كبيرًا كحبة الحمص. وتتألف الحبيبة من خيوط كثيرة متفرعة ملتف بعضها بالبعض الآخر وهي خيوط الفطر نفسه. فإذا أصيب القدم بهذا الداء ورم وانتفخ أخمصه كثيرًا حتى يتحدب فترتفع الأصابع بسبب ذلك عن الأرض ويَسْوَدُّ الجلد وتظهر به حلمات متعددة ونواصير كثيرة فإذا سُبِرَتْ قد نجدها واصلة إلى العظام النخرة. وإذا أصيبت اليد أصابها ما أصاب القدم. ولا علاج لهذا الداء في أول الأمر إلا باستئصال الأجزاء المصابة، فإذا أزمن وجب استئصال القدم كلها. وتكون الوقاية منه بتجنب كل سحج أو جرح للقدم بقدر المستطاع وتنظيفها دائمًا (ومن هنا تظهر بعض حِكَم الوضوء) ودوام الاحتذاء فإذا أصيبت القدم بأي جرح وجب تطهيره بالمطهرات الطبية ومعالجته بحسب الأصول الجراحية حتى يشفى تمامًا اتقاءً لهذا الداء ولغيره مما ذكر سابقًا كالتيتانوس. *** السل الكاذب - الأسبارغلوس [٣] Aspergillosis الأسبارغلوس يطلق على فطر ينتشر في بعض أعضاء الجسم فيتلفها. ويُشاهد أحيانًا في الرئة فيحدث بها مرضًا يشبه الدرن حتى تتكون فيها كهوف، ولذلك يسمى هذا الداء بالسل الكاذب. وتكون أعراضه ضيقًا في التنفس وسعالاً وبصقًا ونفث دم. ولا ينتشر الفطر من الرئة إلى الأعضاء الأخرى. وقد يشفى من تلقاء نفسه بموت الفطر. يصيب هذا الداء أحيانًا مربي الحمام ومطعميه بأفواههم لوجود الفطر في بعض الحبوب التي يضعها المربي في فمه لإطعامه الحمام. وهذا الفطر قد يصيب أحيانًا العين أو الأذن أو الأنف أو الجروح والقروح وغير ذلك كأنسجة القدم فيتكون به نوع من أنواع الداء السابق (داء مادورا) *** الفطر الشعاعي Actinomycosis أول من وصف هذا الداء في الإنسان هو إسرائيل الألماني من أهالي برلين سنة ١٨٧٧ م وفي سنة ١٨٧٨ أثبت (يونفيك ponfick) أن النوع الذي يصيب الإنسان هو عين ما يصيب الأنعام. هذا الفطر يكون قِطَعًا تُرَى بالعين المجردة صفراء أو سنجابية لامعة مستديرة قطره ٤٠/١ من البورصة وقد يكون أحيانًا ١٢/١ منها، فإذا نظرت هذه القطعة بالمجهر رؤي في مركزها خيوط مشتبكة مع بزور، ويتفرع من هذه الخيوط خيوط أخرى فتكون كأشعة النور المنبعثة من السراج وتنتهي بانتفاخ أطرافها. وهذا الداء يصيب الحيوانات الداجنة ولا ينتقل منها إلى الإنسان، وإنما يصاب به الإنسان والحيوان من أكل بعض الخضر أو الحبوب كالشعير. فإذا دخل الفطر إلى الجسم لصق بالغشاء المخاطي للأمعاء أو الشعب ثم يثقبها ويصل إلى الأعضاء الغائرة فيحدث المرض في أجزاء مختلفة من الجسم، وذلك بتهيجه للمكان المصاب فيلتهب ما حول الفطر وتتكون أنسجة غريبة كالأزرار اللحمية ثم تتقيح وتتآكل وتستحيل إلى مِدَّة، فينشأ في أول الأمر في العضو المصاب أورام يكون قطرها نحو ثلاث بوصات أو أكثر، وهذه تتآكل حتى تفسد العضو. وينتشر الداء بالمجاورة من موضع إلى آخر، ولكن الفطر قد ينتشر بالأوعية إلى أجزاء الجسم البعيدة أحيانًَا. الأعراض - تختلف باختلاف العضو المصاب وكثيرًا ما يبدأ المرض بالفم فيحدث فيه ورم تحت الجلد فوق الفك الأسفل أو فوق حافته يكون صلبًا بطيء النمو ثم ينتقل تدريجيًّا إلى العنق. وقد يضمُر جزء من هذا الورم، ولكنه يزداد في الأخرى ويمتد حتى يصيب الرئة فتلتهب شعبها أو أنسجتها، ومنه ما يصيب الجلد فيدخل من أي جرح أثناء مس الحبوب أو القش، ولكنه قليل الحصول. المعالجة -أحسن دواء لهذا الداء هو (يودور البوتاسيوم) فقد ظهر نفعه فيمن استُعْمِلَ له من الناس والأنعام، ويجب إعطاؤه بمقادير كبيرة حتى تصل إلى أربعة دراهم في اليوم. وإذا كان الورم في مكان يمكن الوصول إليه أمكننا أن نعاون الدواء في فعله بالعمليات الجراحية كالكحت أو الاستئصال. *** القلاع Aphthae هو أشهر أدواء الفطر وأكثرها حصولاً للبشر في جميع الأقطار. يُشَاهد هذا الداء في الأطفال الضعفاء خصوصًا من يربون تربية صناعية أو الذين أصابهم إسهال مدة طويلة، وقد يُشَاهد أيضًا في الشبان والكهول إذا أصابهم داء أنهك قواهم كالسل والسرطان والحمى التفودية. ويُشاهد في المصاب بقع بيضاء لبنية على الأغشية المخاطية للشفتين أو الخدين أو اللثة أو الحلق أو اللسان وتكون مرتفعة قليلاً عن سطح الغشاء ومحاطة بخط أحمر دقيق، فإذا نزعت هذه القطع البيضاء وجد الغشاء المخاطي الذي تحتها محمرًّا وسال منه قليل من الدم، وبعد زمن قصير قد تتكون البقع عليه ثانية. وهي تتألف من خلايا بشرية مع كريات دهنية ومن بزور الفطر وخيوطه. ينمو هذا الفطر في طبقات الأبثيليوم الوسطى ومنها يمتد إلى الطبقات العليا والسفلى. ويصاب الطفل بسببه بالحمى والإسهال ويكثر لعابه ويتعسر أو يتعذر إرضاعه، وكثيرًا ما يتقرح الشرج بسبب كثرة الإسهال. المعالجة- يجب تحسين صحة المصاب بجميع الوسائل الممكنة. ومن أول ما تجب العناية به معالجة الإسهال. ويجب مسح فم الطفل بخرقة مطهرة مغموسة في الماء العقيم أو في محلول البوريك، ثم يوضع في فم الطفل نحو نصف ملعقة صغيرة من غلسرين البورق مرتين في اليوم أو ثلاثًَا، فإنه قاتل لهذا الفطر. الوقاية- يجب على الأم أن تغسل ثديها بعد كل رضاعة وقبله، وأن لا تضع شيئًا في فم الطفل مطلقًا إلا إذا كان مطَهرًا بالغلي أو غيره كأدوات اللعب وكالحلمات الصناعية، كذلك لا يجوز مس فمه بالأصابع إلا بعد تطهيرها، وإذا كان الطفل يُغَذَّى بغير لبن أمه ويجب تطهير طعامه أيضًا بالغلي. وتجب المبادرة إلى معالجة كل ما يفسد صحة الطفل كالإسهال أو القيء وغيرها. *** الأرضة TINEA تسمى الأَرَضَة بالإفرنجية تينيا. وهي أنواع كثيرة تنشأ كلها من فطر يصيب الجلد. وهاك أشهر أنواعها: - (١) الأرضة المتنوعة الألوان (VERSICOLOR) تصيب الجلد وتنمو فيه بالعرق والتدفئة وهي كثيرة الحصول للذكور ولا تصيب إلا الأجزاء المغطاة بالملابس فيشاهد في الجلد بقع مستديرة سمراء مصفرة مرتفعة قليلاً عن سطح الجلد وتمتد في أجزاء كثيرة منه ولا يحدث منها ضرر سوى بعض أكلان. المعالجة - تكون بالاستحمام بالصابون (وأحسنه الفنيكي) مع الدلك بشيء خشن ثم يدهن الجسم ببعض المراهم الكبريتية أو الزئبقية، ولكن يُلاحظ في المراهم الزئبقية أن لا يُدهن بها سطح متسع من الجلد خوفًا من التسمم. ويجب غلي الملابس وتطهيرها بعد الاستحمام وكذلك أدواته كالفوط وغيرها. (٢) الأرضة الحلقية (Circinata) تشاهد حلقات الداء غالبًا في الوجه والعنق والذراع، وتكون الحلقات قرنفلية مرتفعة قليلاً عن سطح الجلد مغطاة بقشور رقيقة. (٣) الأرضة الذقنية (SYCOSIS) تصيب شعر اللحية على الأكثر فتفسده وتسقطه وتلتهب الذقن بسببها، وهي عسيرة الشفاء. وعلاج هذه الأنواع يكون بنتف الشعر واستعمال النظافة التامة والتطهير بمثل اليود أو الكبريت أو مركبات الزئبق. وعلاجها بأشعة رونتجن مؤكد نفعه سريع التأثير. *** القراع Favus داء مشهور يصيب أي جزء من أجزاء الجلد خصوصًا فروة الرأس. وينتقل من شخص إلى آخر بالعدوى، وقد ينتقل إلى الإنسان من بعض الحيوانات الداجنة كالقطط والأرانب والكلاب. وعلاجه يكون بالنتف والتطهير وأشعة رونتجن كما سبق. وينبغي الاعتناء بصحة المصاب بإرشاده إلى القواعد الصحية، وإعطائه الأدوية المقوية. ((يتبع بمقال تالٍ))