للمستر بلنت الإنكليزي المستشرق الشهير كتاب سماه (التاريخ السري للاحتلال) جاء في الطبعة الثانية منه ترجمة كتابين أرسلهما إليه صديقه الأستاذ الإمام جوابًا عن أسئلة سأله عنها، وقد ترجمتهما جريدة اللواء عن الإنكليزية إلى العربية، ونقلهما عنها المؤيد وهذا نص الجريدتين: سأل المستر (ولفرد سكاون بلنت) المرحوم المفتي رأيه في الحال السياسية الجديدة التي نشأت في مصر عن إبرام الاتفاق الودي عقب توقيع فرنسا وإنكلترا عليه، فأجابه فضيلته على ذلك السؤال في كتاب بعثه له في يوم ٦ مايو سنة ١٩٠٤ هذا نصه: (إن رأيي في الإدارة المصرية إذا بقيت الخديوية في عائلة محمد علي هو كما يأتي: (١) أول وأهم قاعدة أساسية في تلك الإدارة، هو أنه يجب أن لا يكون للجناب الخديوي أي سلطة تخوله التداخل في أعمال الهيئات التنفيذية للنظارات ولا إدارة الأوقاف والأزهر ولا المحاكم الشرعية؛ بمعنى أنه لا ينبغي أن يجعل لتداخله الشخصي أثر ما في الإدارة المصرية مطلقًا. (٢) ويجب أن يشكل مجلس على نسق مجلس الشورى الحالي بوجه التقريب، ولكن على نظام أقوم وترتيب أمثل منه، وينبغي أن يكون الوزراء وكبار الموظفين أعضاء فيه. وليس هناك ما يمنع من انتظام بعض كبار الموظفين من الإنكليز في الحكومة المصرية في سلك أعضائه، ويكون من اختصاص هذا المجلس سن القوانين الجديدة. (٣) وينبغي أن توضع حدود لتداخل السلطات التنفيذية الذي يدعيه الموظفون الإنكليز كالمستشارين وغيرهم لأنفسهم، حتى لا يكون الموظفون المصريون مجرد آلات صماء لا إرادة لهم ولا رأي يبدونه من تلقاء أنفسهم. (٤) وأن يشكل مجلس إدارة في كل نظارة من النظارات: كالحقانية والداخلية مثلاً، ينتخب أعضاؤه بواسطة المجلس العام المتقدم الذكر، وتكون وظيفة كل مجلس من هذه المجالس الإدارية البحث في تفصيلات المسائل المهمة ووضع المشروعات والقوانين والنظامات لكل مصلحة من مصالح الحكومة. (٥) وأن يوضع قانون لنظارة المعارف يكون إجباريًّا بالنسبة للشئون المتعلقة بالمعارف العمومية والتعليم، وينبغي أن يخصص قسم من الدخل العمومي للقيام بنفقات التعليم، يكون كافيًا لفتح مدارس للتعليم العام وأخرى للتعليم الفني تكفي لسد حاجات البلاد. هذا هو رأيي بوجه عام قد أبديته لكم. فكتب له المستر (بلنت) بعد ذلك بشهرين، يسأله أن يتوسع في آرائه هذه ويضع نموذجًا للدستور المروم إدخاله في مصر، فأجابه إلى طلبه بعد طول روية ومشاورة أصدقائه في ذلك، وأخذ آرائهم في هذا السؤال وسؤال آخر عرضه عليه المستر بلنت أيضًا؛ يتعلق بما ينبغي أن يتخذ من الاحتياطات ضد ما يتوقع حدوثه من عدم ثقة الجناب الخديوي بالدستور، كما وقع على عهد المغفور له والده مما قضى على الآمال الوطنية. واستفسر منه أيضًا عما إذا كان من الممكن أن يقبل المصريون تعيين أمير أوربي بصفة والٍ تحت سيادة جلالة السلطان؛ إذا صعب الحصول على أمير من العائلة الخديوية متشبع تشبعًا تامًّا من الأفكار الدستورية. فأجاب المرحوم المفتي على جميع ذلك بالكتاب الآتي: صديقي العزيز المحترم: أهديك عظيم تحيتي وأعتذر لك عن إبطائي في الرد على كتابك المؤرخ في ٨ يونية، فإني كنت مشغولاً جدًّا بالامتحان في مدرسة المعلمين والأزهر وغيرهما ولم أجد وقتًا خاليًا لأجيبكم فيه على كتابكم هذا، لا سيما وأن موضوعه دقيق للغاية ويعوزه مزيد ترو ودقيق نظر. وقد فكرت طويلاً، وتذاكرت مع بعض أفاضل المصريين فوجدتهم مجمعين على أن من أول الضروريات لحسن الإدارة المصرية؛ هو قيام الحكومة الإنكليزية بضمانة النظام في البلاد وكفالته، ومعنى ذلك أنها تراقب استتبابه والمحافظة على استمراره وعلى الدستور الذي يمنح لمصر، وأن لا تدع ذلك الدستور عرضة لتداخل الخديويين. ومتى تمت هذه الضمانة ومنح الدستور لا تبقى حاجة إلى نزع سلطة الحكم من عائلة محمد علي ولا إلى تعيين أمير أوروبي، لا سيما وأن تعيين أمير أوروبي لا يصادف قبولاً من الأهالي ولا يساعدهم على تحسين حالتهم. أما من جهة الدستور: فينبغي أن يراعي فيه ما سأذكره الآن من المسائل الآتية بصفة خاصة: (١) أن تناط جميع شئون الحكومة بسلطة أو أخرى (كذا) من السلطتين الآتيتين: أولاً: تناط بسلطة تشريعية تسن القوانين الإدارية والقضائية. ثانيًا: تناط بسلطة تنفيذية تكلف بتنفيذ تلك القوانين، وأن تحصر السلطة التشريعية في مجلس نواب أو وكلاء يزيد عدد أعضائه عن أعضاء مجلس الشورى الحالي، وتكون دائرة اختصاصاته الحالية بحيث تُحترم قراراته، وتكون واجبة التنفيذ، وأن لا يُسمح للوزراء بعدم احترامها ومراعاتها مهما كانت ظروف الأحوال، وهذا المجلس هو الذي يسن القوانين كافة، وتنتخب الوزارة من بين أعضائه، وأن تحصر السلطة التنفيذية في الوزارة التي تخول حق تقديم مشروعات القوانين بحيث لا تستأثر بسنها وحدها؛ لأن حق سنها هو من اختصاص مجلس النواب. (٢) وأن تناط جميع مسائل الحكومة التي ليس لها ارتباط بسن القوانين بالوزارة بما في ذلك منح الرتب والنياشين، وأن لا يترك من أشغال الحكومة شيء مطلقًا للجناب الخديوي، وأن يناط بها أيضًا أمر المصالح المختصة بالتعليم الديني وغيره والمحاكم الشرعية والأهلية، وتوزيع الرتب والنياشين دون أن يسمح لسموه بأي تداخل فيها مطلقًا. (٣) وإذا فُرِضَ وكان بعض الوزراء من الإنكليز، وكان لهم مرؤوسون من المصريين، فإنه ينبغي أن يعطى هؤلاء المرؤوسون المصريون أو الوزراء الثانويون سلطة تسمح لهم بأن يفصلوا في جميع المسائل المختصة بالدين وما أشبه ذلك تحت مراقبة الوزراء الأصليين، بحيث لا يكون الموظفون المصريون مجرد ألعوبة في أيديهم كما هو الحال الآن. وينبغي أن تلغى وظائف جميع المستشارين؛ اكتفاء بهؤلاء الوزراء، وفي هذه الحالة تقضي الضرورة بأن يكون رئيس الوزراء مسلمًا، بحيث يكون مركزه الرسمي محدودًا بوظيفة الرئاسة دون أن يشغل رئاسة نظارة من نظارات الحكومة. (٤) وأن يكون جميع الموظفين الآخرين في الحكومة من المصريين؛ أعني أن المديرين ووكلاء المديريات وقضاة المحاكم الأهلية ابتدائية كانت أو استئنافية وأعضاء النيابة وغيرهم يكونون مصريين، ويجوز تعيين إنكليز كمفتشين وتعيينهم أيضًا في بعض وظائف في المصالح الهندسية والمعارف، وفي الوظائف الصناعية التي يحتاج الأمر فيها إلى معارف خاصة، حين لا يوجد فيه مصري تتوفر فيه الإحاطة بتلك المعارف الفنية. على أنه يجب على كل حال أن يحصر عمل أولئك الموظفين الأجانب فيما هو داخل ضمن دائرة اختصاصاتهم فقط، وأن يكونوا خاضعين لمراقبة الوزراء بحيث لا يخولون أقل سلطة إدارية أو قضائية؛ تفضي إلى إضعاف نفوذ الموظفين المصريين. (٥) وأن يخول أعضاء مجلس النواب الحق في أن يسألوا النظار عن تنفيذ القوانين، وينتقدونهم على ما يفرط منهم من الخطأ أو يقع من الخلل في الأعمال، ويتحتم على النظار أن يبينوا أسباب ما يقومون به من الأعمال، وإذا وقع خلاف بين النواب والنظار يوكل أمر حل ذلك الخلاف إلى لجنة تشكل من خمسة أعضاء من مجلس النواب ينتخبون بالاقتراع السري، وخمسة آخرين من أعضاء محكمة الاستئناف ينتخبون مثلهم بالاقتراع السري، ورئيس المجلس ورئيس النظار ورئيس محكمة الاستئناف، ويكون حكم هذه اللجنة بالأغلبية المطلقة. ويجوز زيادة أعضاء هذه اللجنة بإضافة أعضاء آخرين عليها من مجلس النواب ومحكمة الاستئناف. وإني أعتقد أنه إذا وضع نظام دستوري على هذا النمط وضمنته الحكومة الإنكليزية لقام بحاجة البلاد، ولنالت حكومتها استقلالاً لم تعرف له مثيلاً. وينبغي أن لا ننسى إعادة تنظيم شؤون المعارف والتعليم، فإن هاتين المسألتين هما من أمس الأمور التي يبدأ مجلس النواب بمباشرة الاشتغال بها. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... الإمضاء ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... محمد عبده وبعد فراغة من هذا الكتاب وضع في ذيله الحاشية الآتية: قد نسيت أن أتكلم على الحربية، فأقول: إن السردار الإنكليزي وبعض ضباط الإنكليز يبقون في الجيش المصري، ولكن يجب أن يشغل المصريون ما بقي من وظائف الجيش، وإذا فرض وقامت بعض صعوبات بشأن ذلك، ورأت الحكومة الإنكليزية وجوب وجود قواد إنكليز فيه أعني (باشاوات) فلا ضرر في ذلك. *** قول المنار في الكتابين: قد كثر حديث الناس في هذين الكتابين لمَّا نُشرا في جريدة اللواء ثم المؤيد وغيره، ثم اتسع مجال الآراء فيهما بعد أن استنبط (اللواء) منهما ما استنبط ولخصمها (المؤيد) بما لخصمها به وزعم أن ما لخصه هو رأي الكاتب، وناهيك بتقليد الجرائد في دهماء هذه البلاد. قال المنتقدون: إن الكتابين يدلان على بغض كاتبهما للأسرة الخديوية كافة وللأمير الحاضر خاصة. وقالوا: إن فيهما تحسينًا للظن بالإنكليز، وقالوا: بل فيهما مشايعة لهم. وقالوا: هذا رأي الكاتب في الدستور المصري وأطلقوا؛ أي: إنه لو كان الأمر كله بيده لرضي لبلاده بما كتبه فيهما. وقالوا: إن كاتبهما على غير بينة بالقوانين الأساسية للأمم. وأغرب ما قالوا وما كتبوا هو ما أنبأ عن استنكارهم سلب السلطة الشخصية من الخديويين بحصر السلطة في مجلس النواب ومجلس الوزراء! ! وهم من هم المستنكرون لذلك؟ هم الذين يزعمون أنهم طلاب المجلس النيابي والحكومة الدستورية لمصر! ! ! يالله العجب. وقد استحسن كثير من العقلاء المستقلين المطالب التي في الكتابين، واستدلوا بهما على غيرة كاتبهما على بلاده وأهلها، وسعيه في إصلاح حالها سرًّا وجهرًا من كل طريق وكل منفذ. وأنكر آخرون صحة نسبة الكتابين إلى الأستاذ الإمام، وقالوا أنه ليس فيهما شيء من روحه ولا من أسلوبه. وإننا نبين حقيقة معناهما الذي حرفته الأهواء عن موضعه الذي وضعته فيه الظروف والأحوال بعد تمهيد نمهده لذلك فنقول: (١) ليعلم القارئ قبل كل شيء أن ما نشر في الجرائد ليس هو الذي كتبه الأستاذ الإمام، بل هو ترجمة لأحد محرري جريدة اللواء عن الإنكليزية. وما في الأصل الإنكليزي مترجم عن العربية. فإذا ظهر الأصل العربي الذي يقول حافظ أفندي عوض أنه رآه عند مؤلف الكتاب، يكون مراد الكاتب أظهر وأصح، والحكم عليه أعدل. (٢) إن المراد منهما لا يفهم تمام الفهم إلا بترجمة ما كتبه (المستر بلنت) إلى الأستاذ الإمام بالحرف؛ لأن الفتوى تكون على حسب السؤال كما هو مشهور ومعروف. (٣) قد علم مما كتب (اللواء والمؤيد) أن موضوع سؤال مستر (بلنت) يتعلق (بالحالة السياسية الجديدة التي نشأت في مصر عن إبرام الاتفاق الودي عقب توقيع فرنسا وإنجلترا عليه) فما رآه كان خاصًّا بتلك الحالة التي أمنت فيها إنكلترا معارضة أوربا لها في مصر. فإذا تذكرنا أن كل ما فعلناه من مقاومة الاحتلال أيام كان ضلع أوربا كلها معنا ولا سيما فرنسا لم يزده إلا قوة ورسوخًا - فإننا يمكن أن نعقل أن تلك المطالب التي طلبها الأستاذ الإمام بعد اتفاق أوربا مع الاحتلال علينا كانت كبيرة جدًّا، وأن الانتقاد على هذه المطالب ينبغي أن يكون محصورًا في كثرتها أو عظمتها، حتى جعلت نجاح إنكلترا بوفاق إبريل ١٩٠٤ نجاحًا لمصر وحرمانًا لإنكلترا من معظم ما كان لها من النفوذ والسلطة. (٤) ذكر اللواء فالمؤيد من موضوع سؤال بلنت كلمة (الدستور المروم إدخاله في مصر) فعلم أن هنالك مشروعًا للدستور يعد في إنكلترا، فما هو وما موضوعه؟ أو ليس هذا نصًّا في الموضوع صريحًا في أن ما كتبه الأستاذ الإمام في جواب مستر بلنت ليس مشروعًا وضعه لما يحب أن يكون عليه بلاده مطلقًا، بل هو مطالب وتعديلات لدستور معين يبحث في الإنكليز أنفسهم؟ ونحن إلى الآن لم نقف على مشروع دستوري لهم إلا مشروع لورد كرومر بإنشاء مجلس تشريعي لمصر مؤلف من جميع الأجانب. وهل يمكن حينئذ أن يطلب لمصر من إنكلترا أكثر مما طلب الأستاذ الإمام؟ وقد تقدم أن ما طلبه كثير. (٥) ذكر اللواء فالمؤيد أن مستر بلنت سأل الأستاذ الإمام بالتصريح عما ينبغي اتخاذه من الاحتياطات؛ لمنع ما يتوقع حدوثه من عدم ثقة الخديوي بالدستور كما وقع في عهد والده؛ أي بأن يكون الدستور مأمونا عليه من حل الخديوي له بله تصرفه فيه باستمالة أعضائه إلى ما يريد بالرتب والنياشين أو بغير ذلك. وهذا السؤال لا يعقل له وجه إلا إذا كان واضعو مشروع ذلك الدستور لا يرضون أن يكون للخديويين سلطة عليه، بل لا يعقل وجود دستور حقيقي يكون عرضة لعبث السلطة الشخصية به. وهل يمكن أن يجاب عن هذا إلا بتعهد إنكلترا بحماية الدستور، والحال أن إنكلترا هي الواهبة له لتأمن بحسن الإدارة المصرية تحت مراقبتها على طريق الهند، وتنال هي شرف إصلاح مصر وتنظيمها؟ (٦) ونقل اللواء فالمؤيد أن مستر بلنت سأل أيضًا هل يقبل المصريون تعيين والٍ أوربي عليهم تحت سيادة السلطان؟ وهذا السؤال مبني على عدم ثقة أولئك المشتغلين بمسألة الدستور المصري بحكم الأمراء الشرقيين الذي يعتقدون أنهم أشربوا في قلوبهم الاستبداد، حتى لا يكاد يوجد فيهم من يميل إلى الحكم الدستوري ويرغب فيه. فهل تنتقد إجابة الأستاذ الإمام عن هذا السؤال بأنه لا حاجة إلى حاكم أوربي مع وجود الدستور المضمون ومنع الخديويين من السلطة الشخصية؟ وهل من الإنصاف والحق أن يعد طلبه إبقاء الإمارة في بيت محمد علي دليلاً على بغضهم؟ ؟ وهل يستنكر عاقل الاحتجاج على من يريدون تولية أمير أوربي علينا بكوننا لا نقبل ذلك، وكونه هو لا يمكن أن يساعدنا على تحسين حالنا؟ ما أغرب الرأي الذي يمليه الهوى وتروجه الأغراض الخسيسة. تلخيص المطالب التي طلبها الأستاذ الإمام لمصر من الإنكليز فيما كتب إلى مستر بلنت (١) أن يكون للمصريين مجلس نيابي تنحصر فيه السلطة التشريعية، أي وضع القوانين كلها، ويكون له حق سؤال الحكومة عن تنفيذها ومحاسبتها على خطإها. (٢) أن يكون للمصريين سلطة تنفيذية وهي الوزارة المسئولة وتناط بها جميع أمور الحكومة، لا يترك منها للخديويين شيء خاص بأشخاصهم كما هو شأن الحكومة النيابية في أوربا لا سيما إنكلترا. (٣) أن يكون رئيس الوزراء مسلمًا لا كما كان من قبل تارة وتارة. (٤) أن يكون جميع موظفي الحكومة - من المديرين ووكلاء المديريات والقضاة ورجال النيابة وغيرهم - من المصريين، بحيث لا يبقى من موظفي الإنكليز إلا بعض المفتشين، ومن لا يوجد مصري يقوم مقامه في عمله. (٥) تنظيم شئون المعارف والتعليم، وجعلها أهم الأمور التي يبدأ مجلس النواب بها. (٦) قيام المصريين بجميع وظائف الجيش، بحيث لا يبقى فيه من الإنكليز إلا السردار وبعض الضباط. (٧) إلغاء وظائف المستشارين المسيطرين على الحكومة الآن. (٨) على إنكلترا أن تكفل هذا الدستور وتضمن تنفيذه بأيدي المصريين. وفسر ذلك بأن تراقب استتبابه والمحافظة عليه مراقبة فقط، حتى لا يبطله الخديويون. هذه هي المطالب الإيجابية الأصلية، وأنَّى لمصر بالوصول إليها؟ وإلى الآن لم تطمع الأحزاب بمثلها، فلم يطلب حزب ولا جريدة شيئًا يتعلق بالعسكرية، ولا يعقل أحد كيف يكون الاستقلال الحقيقي بدون جند وطني يقوم بشئونه الوطنيون. وهناك مطلوب مهم مبني على فرض وقوع شيء لا يؤمن وقوعه، ما دام للإنكليز شأن في سلطة البلاد، بل قد وقع مثله في عهد إسماعيل باشا - وهو جعل بعض الوزراء من الإنكليز. طلب الأستاذ على فرض وقوع ذلك أن يكون للمرؤوسين للوزير الإنكليزي من المصريين سلطة يفصلون بها في المسائل المتعلقة بالدين وما أشبه ذلك، ولا يكونوا آلة في أيدي رؤسائهم من الإنكليز. وهذا مطلب لسنا بمدركيه اليوم، فإنه لا يمكن لرئيس ولا مرؤوس في الحقانية أن يجري في المحاكم الشرعية أمرًا لا يرضاه المستشار القضائي. وأغرب ما سمعت من بعض الأغرار (البسطاء) أن الكتابين تضمنا طلب جعل بعض الوزراء من الإنكليز، فلما قيل له: إنه ليس فيهما شيء من ذلك وإنما فيهما مطلب مهم مبني على فرض وقوع ذلك بالرغم منا، قال: إنه ما كان ينبغي ذكر هذا الفرض والتقدير؛ لأنه يذكرهم بهذا الأمر! ! فتعجب أيها القارئ من هذه السذاجة والغرارة والغفلة عن الواقع والاهتمام بالألفاظ دون الحقائق. ومما تقدم من البيان يعلم القارئ أنه ليس في الكتابين شيء ينتقد. وقد سمعت أشهر أعضاء الحزب الوطني حماسة وإخلاصًا يقول: إنه ليس فيهما شيء ينتقد إلا جعل إنكلترا كافلة للدستور؛ لأن هذا بمعنى الحماية، ولكننا لا نشك لأجله في إخلاص المرحوم الشيخ. فقلت له: كان يصح أن يقال: هذا لو كانت هذه الكفالة من مواد الدستور، وكان الدستور مصدقًا عليه من الدولة العلية، فيكون حينئذ حقًّا رسميًّا لها. وليس فيما كتب شيء من ذلك، وإنما الموضوع أن تسمح لنا إنكلترا بهذا الدستور، وتكتفي هي عن القبض على أزمة السلطة فينا بمراقبة سيرنا على الدستور والنظام المطلوب، ولا تسمح للخديويين أن يغيروه إذا حاولوا ذلك. ومعلوم أنها لا تسمح لهم الآن بتغيير ما في التشريع ولا مداخلة ما في التنفيذ مع قبضها على كل شيء وعدم تحملها لتبعة شيء، فأي الأمرين أفضل؟ ؟ وعلى ذكر رأي عضو الحزب الوطني أن تلك العبارة التي انتقدها من الكتابين لا تدعو إلى الشك في إخلاص الكاتب - ننبه إلى سيئة فاشية فينا هي من أقبح السيئات وأشدها ضررًا في الأمة؛ ألا وهي اتهام كل من نراه أخطأ في مسألة من المسائل العامة بسوء النية وعداوة البلاد وبغض الأمة وحب الإنكليز ومساعدتهم على ما يقصدون بنا من السوء! ! وتفرع عن هذه السيئة سيئة أكبر منها وهي اختراع بعض الناس الخطأ أو تكلفهم استنباطه من كلام من يكرهونه؛ لأجل إلصاق تلك التهمة به. فشو هذه السيئة مع أختها أعظم أسباب تفرق الأمة وضعفها وانقسامها على نفسها (كما يقولون) لا سيما بعد توجيه الجرائد هذه التهمة إلى الجماعات والأحزاب، وليت شعري، أي قيمة لهذه الأمة إذا صح ما ترجف به بعض الجرائد من اتهام حزب الأمة برمته بعدم الإخلاص للأمة؛ وبمشايعة المحتلين عليها بعد الإرجاف بأن ذلك النابغة العظيم (الأستاذ الإمام) الذي اعترف بنبوغه الشرق والغرب، كان غير مخلص للأمة أو لأميرها؟ بل أي تعريض بالأمير أشد من إثبات أن نابغي المستقلين يقاومونه، وأن جمهورًا كبيرًا من سراة الأمة يؤلف حزبًا وينشئ جريدة لمقاومة نفوذه؟ قد يقول سائل: إن المنار قد أبرز هذه المطالب بأسلوب يظهر منه ما لم يظهر من ترجمة الكتابين؛ على كونه لم يأت بشيء جديد، فهلا كتب المرحوم المفتي كتابيه بهذا الأسلوب الذي يتجلى فيه الإخلاص لمصر والتفاني في خدمتها دون ذلك الأسلوب الذي يلوح منه إرضاء الإنكليز أو استرضاؤهم، إن لم نقل محاباتهم؟ وجوابه من وجهين (أحدهما) : إننا لم نطلع على ما كتبه المرحوم بنصه فنحكم على أسلوبه. (وثانيهما) إنه لم يكتب ليمتن على قومه بحبه لهم ومقاومته لمحتلي بلادهم، ولا ليظهر للإنكليز أنه مبارز لهم، وإنما كتب لصديق له يسعى في خير مصر. على أنه لو كتب للحكومة الإنكليزية نفسها لوجب عليه في شرع البلاغة أن يجعل تلك الكتابة بأسلوب يرجى قبوله، وعدم اتهام صاحبه بالعداء والمقاومة ولكل مقام مقال. رأى أحد الملوك في النوم أن أسنانه سقطت، فعبر له الرؤيا معبر بقوله: إن جميع أهلك وأقاربك يموتون في حال حياتك، فاستاء الملك وعاقبه عقابًا شديدًا. ثم جيء بمعبر آخر، فقص عليه الرؤيا، فقال له: تأويل هذه الرؤيا أن الملك يكون أطول أهله عمرًا. فُسر الملك وأجازه إجازة سنية. فالبليغ يخاطب كل مخاطب بما يرجو أن يبلغ به مراده من نفسه. فمن أصحاب الجرائد من يطلب من الإنكليز مطالب بصفة الآمر صاحب السلطان، وما مراده إلا إرضاء من يقرأ هذه المطالب، فيحمد كاتبها ويجله؛ لأنه استعلى على بريطانيا العظمى، فأنال الأمة من الاستعلاء عليها بالقول ما تلهو به عن الفخر بالاستعلاء أو المساواة بالفعل. ولكنه لا يخطر في باله الأسلوب الذي يمكن أن يكون مقنعًا أو مقبولاً عند الإنكليز؛ لأنه لا يريد منهم شيئًا. لو كان الإخلاص والغيرة على قدر كبر المطالب وإن كانت من المحال، والتعزز على القوي يتحقق بزخرف وإن كان غرورًا، لأمكن كل كاتب أن يكتب كل يوم في إثبات إخلاصه وغيرته وتعززه نحو هذه العبارة: إني آمرك أيتها الدولة الإنكليزية الظالمة المعتدية بأن تردي مصر إلى المصريين وقبرص إلى الدولة العلية، بل أن تردي الهند إلى النوابين والرجاوات من أهلها، وأن تأرزي إلى جزائرك كما تأرز الحية إلى جحرها. فإن لم تحفظي شرفك وتمتثلي هذا الأمر؛ فإننا نتفق مع بعض أعضاء برلمانك، فنؤلف منه لجنة تشاغب المجلس أحيانًا في هذه المطالب فتهزه هزًّا، وتؤزه أزًّا، أو تهز الشعور الوطني في هذه البلاد هزة تميد لها جزائر بريطانيا ميدانًا، وتزلزل زلزالاً، ربما كان من ورائه البلاء النازل والخسف العاجل؟ ؟ *** رأي الأستاذ الإمام في السياسة (أو سياسته) في مصر أفراد من الكتاب يبغون العلو والرفعة بالغلو في دعوى حب الأمة والتفاني في خدمتها بمقاومة المحتلين بالكلام، ومن هؤلاء من كبر عليه ما ناله الأستاذ الإمام من علو المكانة بعلمه وحكمته وخدمته للملة، ومنهم من يثقل عليه أن يجله بعد وفاته خلق كثير، فهؤلاء يريدون أن يخدشوا ذلك الصيت الحسن والشهرة الشريفة؛ ليرفعوا أنفسهم ويحطوا من قدر جماعة ذلك الإمام العظيم، ولم يجدوا بابًا أوسع من السياسة التي يكثر فيها الإيهام وتسهل فيها الدعوى، ويقبل على مائدتها كل طفيلي يطرد عن مائدة العلم والحكمة. وجد بعض هؤلاء في الكتابين متسعًا للقيل والقال ومشاغبة حزب الأمة؛ لأن رئيسه وكبار المؤسسين له كانوا من أصدقاء الأستاذ الإمام، والذين لا يزالون يصرحون بإجلاله وبكونهم أنشأوا الجريدة عملاً برأيه. رأى مناهضو هذا الحزب أنه يستفيد مما ذكر مَيل مريدي الأستاذ الإمام، وهم أرقى الأمة عقلاً وعلمًا وبلاغة، فمنهم العظماء والوجهاء والمدرسون والكتاب والشعراء، فأرادوا أن يحرجوه ليتبرأ من الانتماء إلى الأستاذ الإمام في سياسته، فينفر منهم مريدوه. ولكنهم سلكوا مسلك الحمقى فعرضوا بالإمام نفسه فجاء سعيهم بنقيض ما أرادوا. وقد كتب بعض الكاتبين يسأل عن حقيقة سياسة الأستاذ الإمام، ويطلب من مريديه بيانها، وهل هي عين سياسة (الجريدة) وحزب الأمة، وعين ما جاء في الكتابين اللذين نشرها مستر بلنت أم ما هي؟ ونجيبهم عن ذلك بمثل ما قلناه في المنار غير مرة: من أنه استقر رأيه في أواخر عمره على الإصلاح الديني والاجتماعي واللغوي فقط، وترك السياسة بتة وعندنا كتابه في ذلك بخطه لعلنا نطبع صورتها الفوتغرافية في تاريخه عند الكلام على سياسته، وعندما كان يشتغل بالسياسة كانت قاعدة عمله مقاومة الاستبداد وجعل سلطة الأمة في أيديها، بحيث لا يبقى لحكامها منفذ للاستبداد فيها. أما الجريدة فهي تنفيذ لفكرته من حيث هي لجماعة من الأمة لا لفرد منها، وقد كتبنا في الجزء الثاني من منار هذه السنة (ص١٦٠) أنها تنفيذ لرأيه، وزدنا على ذلك قولنا (وإن لم تكن كما كان يريد من كل وجه) فقد كان يريد أن تكون الجريدة التي دعا في آخر عمره إلى إنشائها اجتماعية أدبية زراعية أكثر مما هي سياسية، وأن يكتب فيها كل يوم عن الأخلاق والعادات والتقاليد الفاشية في البلاد وأن لا يكتب فيها عن سياسة الدول أكثر من عمود أو عمودين في العدد، يلخص في ذلك الثابت الذي فيه عبرة وفائدة للجمهور. وسنوضح هذا في الكلام عن رأيه في السياسة والجرائد من جزء الترجمة الذي نؤلفه ونطبعه الآن، فلينتظر محبو الحقائق. ولا مبالاة بأهل الأهواء. ونختم هذه الكلمات بجملة في سياسته كتبها حافظ أفندي إبراهيم الأديب الشهير في كتابه الذي سماه سطيح ونشرتها جريدة السياسة المصورة وهي:
بين سطيح وأحد تلاميذ الإمام سطيح: أين أنت من القوم؟ التلميذ: من أولئك الذين نقموا الرضا على العهدين، ولم يحمدوا مغبة الحكمين: عهد الدولة التركية وعهد الدولة البريطانية. ففي أولهما فاضت المظالم وغاضت الأموال، وفي ثانيهما أخصبت الأرض وأجدبت الرجال. سطيح: وهل أنت في خفض من العيش؟ التلميذ: لا أشكو بحمد الله عسرًا، ولا أرجو يسرًا. وإنما أتفيأ ظل هذا البيت العربي لذلك الشاعر الأبي: مذبذب الرزق لا فقر ولا جدة ... حظ لعمرك لم يحمق ولم يكس قال: وأين مكانك من العلم، وأين منك منزلة الحلم؟ قال: حسبي أني من تلاميذ حكيم الإسلام الأستاذ الإمام، طيب الله ثراه، وجعل النعيم مثواه. قال: إني لأرى رأيًا حصيفًا، وأسمع قولاً شريفًا، فمن أي تلاميذه تكون وقد سمعنا أنهم فريقان: فريق قد اختصه بسياسته، وفريق قد اختصه بعلمه، وقد أثنى عليهما العميد، وتنبأ لهما بالطالع السعيد؟ قال: لا علم لي بما تقول. ولقد كنت ألصق الناس بالإمام، أغشى داره وأرِد أنهاره وألتقط ثماره فما سمعته يخوض في ذكر السياسة - قبحها الله - ولكن كان يملأ علينا المجلس سحرًا من آياته، ويتنقل بنا بين مناطق الإفهام، ومنازل الأحلام، ويسمو بأنفسنا إلى مراتب العارفين بأسرار الخلائق وحكم الخالق، وكان ربما ساق الحديث إلى ذكر أحوال هذا المجتمع البشري، فأفاض في شؤون الاجتماع وحاج العمران، ووقف بنا على أسرار الحياة فإن كانوا يسمون تلاميذه أحزابًا، ويقسمون تعاليمه أبوابًا، فتلاميذه حزب العلم والعرفان، وتعاليمه سياسة التقدم والعمران. ولكنه كان يحتك بالسياسة ما دعت إلى ذلك الحال فيرصد حركاتها، ويصد غاراتها، خشية أن تقطع على العلم سبيله، وأن تقف عثرة في طريق الفضيلة، فلكم تلطف في ابتزاز قواها، وتحامى جهده طريق أذاها، حتى إذا ظفر بطلبته، وفاز برغبته، واستمد منها ما شاء تحت حماية الإفتاء، عطف على العلم بذلك الإمداد، ورد عليه ما سلبت يد الاستبداد، ولولا أنه كان يمادهم حبل الوداد، ويجاذبهم فضل النصح والإرشاد، لأصابه ما أصاب حكيم الأفغان، وقُضي على أمة النيل بالحرمان. مات النبي عليه الصلاة والسلام فارتدت طائفة من جفاة العرب، وكادوا يفتنون الناس لولا حكمة الصديق وعزمة الفاروق، فما غضت الردة من شرف النبوة، ولا نالت من عصمة الرسالة، ولبث الإسلام إسلامًا. ومات الأستاذ الإمام فصبأ بعض حزبه كما يدعون، وأستغفر الله لهم مما يقولون، فما غض ذلك من كرامة حكيم الإسلام، ولا مس من سيرة ذلك الإمام. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... حافظ إبراهيم الرجوع إلى المنار في شأن الكتابين طلب منا كثيرون بالقول والكتابة أن نبين رأينا في الكتابين، ففعلنا وننشر الكتاب الآتي إجابة لطلب صاحبه. سيدي المحترم حضرة اللوذعي الفاضل والأستاذ الكامل السيد محمد رشيد رضا مدير مجلة المنار الزاهي. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... دام محترمًا
سيدي لا يعزب على علميتكم ما أتى على صفحات بعض الجرائد السيارة بخصوص جواب المسيو (بلنت) ورد أستاذنا المرحوم المصلح العظيم الشيخ الإمام عليه، ولا يخفى على ذكائكم الفريد ما تقوله ويتقوله حزب الخرافات وأعداء أنفسهم: من أن الشيخ الإمام كان يبغي نقل الأريكة الخيديوية من آل محمد علي، وأنه كان يريد أو يفكر في جعل أبناء التاميز مسيطرين على هيئة الحكومة، ولا تسأل عن أعداء المرحوم بل أعداء الحق الصراح، وما يمليه عليهم جهلهم؛ لأن الإنسان عدو ما يجهله. وبعد، فأرجو سيادتكم باسم المرحوم أن تشحذوا قلمكم السيال في سطاعة الحقيقة؛ لأنكم من أعلم الناس بتاريخ المرحوم حتى يظهر الصبح في حلته النورانية لذي عينين، وأستعطفكم بالرضا عن تطفلي على مائدة فضلكم؛ لأن الكل يتغذى من دسامة علمكم المشبع، ثم أرجو من فضيلتكم إثبات سؤالي هذا على صفحات مجلتكم الفيحاء؛ وليعلم أعداء المرحوم أن في يدنا أقلامًا لنصر الحق لا تخشى في الحق لومة لائم، وفي الختام اقبلوا أزكى الاحترام، السيد محمد الزيات. (المنار) إن للمشاغبين في الكتابين من سوء النية واتباع الهوى ما لا يخفى، وهم لا بضاعة لهم إلا التغرير في مثال ما ذكرتم. وإلا فهم يعلمون أن الدولة الإنكليزية مسيطرة على الحكومة المصرية بالواقع ونفس الأمر، وأنه لا معارض لها ولا منازع في هذه السيطرة، كما يعلمون أنهم كاذبون في تقولهم، وتَقَدَمَ بيان الحقيقة. ثم إن هؤلاء المخادعين يبيحون لأنفسهم أن يطلبوا من الإنكليز باسم مصر بعض المطالب، ويُمنون بذلك على الأمة ويفخرون بأنهم فعلوا وفعلوا، ولم يفعلوا شيئًا، وإنما قالوا كلامًا يستطيع أن يقول مثله الألوف. ثم هم ينكرون على من يطلب لمصر شيئًا مما يطلبون وإن كان خيرًا مما يطلبون وأقرب إلى القبول وذلك لأنهم احتكروا الزعامة وخدمة الأمة بالدعوى. فإذا كانت المطالب التي في الكتابين لا ترضيهم، فلننتظر معهم حتى يمنحوا مصر بمساعيهم ما هو خير منها، سواء كان ذلك بواسطة اللجنة البرلمانية التي لم نسمع منها إلا كلمات في الهواء أو بواسطة التبجح والدعوى والاستطالة والتهديد والوعيد للإنكليز. عند ذلك نقول لهم: إن قولكم كان أنفع وأنتم زعماء السياسة، وأهل الرياسة، والمستقبل يكشف الحقائق لمن له عين تنظر وعقل يدرك. على أن جماعة الأستاذ الإمام من أصدقائه ومريديه مجدون في خدمتهم على طريقته، فمنهم محيي المعارف في الحكومة، ومنهم دعاة الجامعة المصرية، ومنهم المدرسون على الطريقة الإصلاحية، ومنهم ومنهم ولا تبجح ولا دعوى، ولا مَنًّا ولا أذى، والعاقبة للمتقين.