للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: أبو الكلام


الخطاب الذي خاطب به المحكمة الإنجليزية
العالم العلامة الأستاذ أبو الكلام
(٢)

الإسلام والاستبداد:
إني مسلم، ولأني مسلم وجب عليَّ أن أندِّد بالاستبداد وأقبحه وأُشْهِرَ مساويه.
وليعلم أن الإسلام لا يعترف بالحكومة الشخصية، ولا بحكومة عصبة من
الموظفين يُنْقَدُونَ رواتبهم؛ لأنه نظام كامل للجمهورية، وإنما جاء ليرد إلى النوع
الإنساني حريته المغصوبة التي كان اغتصبها الملوك المستبدون، والحكومات
الأجنبية، والرؤساء الروحانيون ذوو الأهواء، والرجال الأقوياء من الجماعة، وقد
كانوا يعتقدون أن الحق للقوة والتسلط والقهر والغلبة، ولكن الإسلام بمجرد ظهوره
أعلن أن الحق ليس في القوة، ولا هو القوة، بل الحق هو الحق، وإنه ليس لأحد من
البشر أن يعبِّد عباد الله ويذلهم ويسخرهم. ثم قضى على سائر الامتيازات والمناصب
المؤسسة على الغلبة القومية والجنسية قضاء تامًا وبيَّن أن الناس كلهم متساوون في
الإنسانية، متساوون في الحقوق، متساوون في الحياة، وليس اللون والجنس والنسل
معيارًا للفضل والحسب، وإنما معياره (العمل) وحده، فأعلاهم قدرًا وأكرمهم
حسبًا: أحسنهم عملا وأتقاهم لربهم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ
شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: ١٣) .
الإسلام نظام جمهوري:
إن الإسلام أعلن (حقوق الإنسان) قبل انقلاب فرنسا بأحد عشر قرنًا، وليس
مجرد إعلان، بل وضع نظامًا عمليًّا للجمهورية الحق بالغًا في الكمال منتهاه،
ونظيرًا لنفسه في الإتقان، كما قال المؤرخ الشهير (غبون أو: جبون) فكانت
حكومة نبي الإسلام وخلفائه الأربعة، جمهورية كاملة، تتشكل برأي الأمة وانتخابها
ونيابتها. ولذا توجد في مصطلحات الإسلام كلمات جامعة لهذا الغرض لا توجد
مثلها في لغة ما. فحيث إنه لم يعترف بوجود ملك ومنصبه، وعوضه بمنصب
لرئيس الجمهورية سماه (بالخلافة) وهي في اللغة (النيابة) وسمى صاحبها
(بالخليفة) أي (النائب) الذي لا يملك قوة ولا نفوذًا بنفسه، وكذلك اختار لنظام
الجمهورية كلمة (الشورى) ووصف المسلمين بقوله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (الشورى: ٣٨) والشورى ضد الاستبداد، فقرر به أن جميع أعمال الحكومة يجب
أن تكون برأي الجماعة وشوراها، لا برأي شخص وحكمه - فأي اسم للجمهورية
ورئيسها ونظامها يكون أحسن وأجمع من هذه الأسماء الإسلامية؟
البيوروكريسي الوطني والإسلامي ظلم أيضًا:
فما دام الإسلام ينهى المسلمين عن قبول حكومة إسلامية لم تتشكل برأي الأمة
وانتخابها. فما تكون قيمة هذا (البيوروكريسي) الأجنبي BUROCRECI في
عين المسلمين؟ وَهَبْ أنه لو تقوم الآن في الهند حكومة إسلامية على نظام شخصي.
أو تكون (بيوروكريسيا) لطائفة من الوطنيين، فإن الإسلام يوجب عليَّ أن أسميها
أيضًا ظالمة وجائرة، وأسعى لخرابها ونقضها كما أفعل الآن، ولست ببدع فعلماء
الإسلام ما زالوا يجاهرون بظلم الولاة ويحاسبون المستبدين من المسلمين أنفسهم.
وإني لأعترف بكل الأسف أن نظام الإسلام الجمهوري لم يُعمل به طويلاً بل
أضلت القيصرية والكسروية ولاة المسلمين، فحادوا على الطريق وآثروا التشبه
بقيصر وكسرى واستنكفوا من التشبه بأسلافهم الخلفاء الراشدين، الذين عاشوا طول
حياتهم في ثياب رثة كآحاد الناس، بيد أنه لم يَخْلُ عهد من أصحاب الحق الذين
ناقشوا الملوك والسلاطين في استبدادهم وتفردهم بالحكم، وتحملوا جميع تلك
المصائب التي صُبت عليهم في هذه السبيل بوجوه مستبشرة.
الوظيفة الملية للمسلم إعلاء الحق وإعلانه:
ولعمري إن المطالبة من مسلم بأن يسكت عن الحق ولا يسمي الظلم ظلمًا،
مثل مطالبته بأن يتنازل عن حياته الإسلامية، فإن كنتم لا ترون لأنفسكم أن تطالبوا
أحدًا بأن يرتد عن دينه، فليس لكم أن تطالبوا مسلمًا بأن يمتنع عن قوله للظلم: إنه
ظلم، لأن معنى كلتا المطالبتين واحد.
إن التصديق بالحق وإعلانه عنصر ضروري للحياة الإسلامية، فإن فصل
عنها فقدت أكبر ما تمتاز به؛ لأن الإسلام أسَّس قومية المسلمين عليه، وجعلهم
شهداء الحق على العالم كله، فكما يجب على الشاهد أن لا يتوانى في إبداء شهادته
كذلك يتحتم على المسلم أن لا يتتعتع في إعلاء الحق، ولا يبالي في أداء فرضه
بمصيبة وابتلاء، بل يصدع به حيثما كان، ولو لاقى دونه الحِمام. وتصير هذه
الفريضة أوكد وأوجب عندما يسود الظلم والجور، ويُمْنَع الناسُ من إعلان الحق
بالعنف والشدة؛ لأنه إن أجيز السكوت عنه خوفًا من بطش الجبارين الذين يقطعون
الألسنة ويفتنون الأبدان بأنواع من العذاب، يصبح الحق في خطر دائم، ولا يبقى
لظهوره وقيامه من سبيل، مع أن ناموس الحق فوق القوة، وليس بمحتاج في ثبوته
إلى تصديق القوة، ولا يضره سكوت الناس عنه قاطبة، بل إنه يظل على كل حال
حقًّا: حقًّا عندما نجد في سبيله ما نحب ونشتهي، وحقًّا عندما يكون دونه الموت
الزؤام، وهل تصير النار بردًا، والثلج نارًا لأننا نحبس ونسجن؟
وجوب الشهادة بالحق وخطر كتمانها:
لهذا أنبئ المسلمون في كتابهم أنهم (شهداء الحق) في أرض الله، فالشهادة
بالحق والصدع به وظيفتهم الملية وديانتهم القومية التي تميزهم عن سائر الأمم
الغابرة والآتية: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة:
١٤٣) وقال لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم: (أنتم شهداء لله في الأرض [١] )
فالمسلم ما دام مسلمًا لا يستطيع كتمان هذه الشهادة، وإن حُبِسَ أو قُتِلَ أو أُلْقِيَ
جسدُه في النيران المتأججة.
وأخبر القرآن بأن مَن يكتم شهادته يبوء بغضب الله، ومأواه جهنم وبئس
المهاد، وكذلك أنبأ أن الأمم الكبيرة لم تهلك إلا لأنها كتمت الحق: {إِنَّ الَّذِينَ
يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ
اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ} (البقرة: ١٥٩) [٢] وقال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا
لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (المائدة: ٧٨-٧٩) .
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
ولذا نجد (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) من آكد الفرائض الإسلامية،
وقد أخبر القرآن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أساس لعظمة المسلمين
وفخارهم القومي، وأنهم خير الأمم لأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر،
وأنهم إن حادوا عنه يفقدون سؤددهم ومجدهم الشامخ {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ} (آل عمران: ١١٠) وقال النبي صلى
الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو
ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابًا من عنده، ثم لَتَدْعُنَّهُ ولا يُسْتَجَابُ لكم) رواه
الترمذي عن حذيفة.
وأما أداء هذه الفريضة فعلى ثلاث درجات في ثلاث حالات مختلفة، قال
النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرًا فليُغَيِّره بيده، فإن لم يستطع
فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) (رواه مسلم) .
وحيث إننا لسوء حظنا لا نقدر في هذه البلاد على تغيير منكرات الحكومة
بأيدينا لجأنا إلى الدرجة الثانية التي في وسعنا وهي أن نعلن بألسنتنا ظلمها ومساوئها،
ونندد بمثَالبها ونشهر بمعايبها.
الأركان الأربعة:
إن القرآن وضع أساس الحياة الإسلامية على أربع دعائم: الإيمان، والعمل
الصالح، والتوصية بالحق، والتوصية بالصبر. فالإيمان والعمل الصالح معناهما
ظاهر، أما (التوصية بالحق) فهي أن يوصي كلٌّ أخَاه بالتزام الحق.
(والتوصية بالصبر) هي أن يتواصيا بتجشم المهالك وتحَمُّل النوازل في
سبيل الحق، وإنما قرنت هذه بتلك؛ لأن وقوع المِحَن والمَشَاقّ أمرٌ لا مَنَاص منه
في سبيله: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (العصر: ١ - ٣) .
التوحيد الإسلامي والأمر بالمعروف:
التوحيد أساس الإسلام وقطب رحاه، وضد (الشرك) الذي أشرب المسلمون
بعضه في قلوبهم، ومعنى التوحيد أن يوحد الله في ذاته وصفاته، والشرك هو أن
يجعل له سبحانه شريك في ذاته أو صفاته. والتوحيد يُعَلِّم المسلمين أن الخوف
والخشوع لا يكون إلا لله الواحد العظيم، أما غيره فلا يخاف منه ولا يخشع له، وأن
مَن يخشى غير الله فهو مشرك به وجاعل غيره أهلاً للخوف والطاعة، وهذا ما لا
يجتمع مع التوحيد أبدًا.
الإسلام من أوله إلى آخره دعوة عامة إلى البسالة والجرأة والتضحية
والاستهانة بالموت في سبيل الحق، والقرآن يكرِّر هذا مرة بعد أخرى: {وَلاَ
يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً} (الأحزاب: ٣٩) {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ} (التوبة: ١٨)
{وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} (المائدة: ٥٤) {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ
تَخَافُوَهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران: ١٧٥) {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ
عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (الزمر: ٣٦) .
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب
ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) رواه الحاكم عن جابر على شرط
الصحيحين، وفي رواية: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) (رواه أبو
داود وابن ماجه والترمذي) وقد كان يأخذ العهد من أصحابه أن يقولوا بالحق أينما
كانوا (كما رواه عبادة بن الصامت وأخرجه الشيخان) .
وقد ابيضت عين الدهر، ولم تر مثل هذه الضحايا العظيمة الكثيرة في إعلاء
كلمة الحق التي قدمتها الأمة الإسلامية في كل دور من حياتها، فتراجم علمائها
ومشايخها وسادتها عبارة عن هذه الضحايا.
ألا فلتعلم الحكومة الإنجليزية أن المسلم الذي أمره ربه أن يرحب بالموت
الأحمر، ويتغلغل في لجج الدواهي والكوارث ولا يقبل السكوت عن الحق - لا يخيفه
قانون (١٢٤) من العقوبات الهندية ولا يرده عن دينه وأداء فريضته؛ إذ أكبر عقاب
في هذا القانون حبس المرء طول حياته، والمسلم يرحب به ويتمناه إن كان لا بد منه
في سبيل الحق.
لا يوجد في الإسلام قانون ١٢٤:
إن تاريخ الأمة الإسلامية ينقسم إلى دورين مختلفين، فالدور الأول دور
نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وخلفائه الأربعة، وقد كان النظام الإسلامي
الجمهوري فيه قائمًا بأتم معانيه، فكانت الأمة متمتعة بالجمهورية الحق، ترتع في
رياض المساواة الإسلامية العامة، وتعيش عيشة هنيئة في ظلال الحرية الكاملة، لا
تخيفها الملكية المطلقة، ولا تثقل كواهلها القيصرية والكسروية، خليفتها ورئيس
جمهوريتها من آحادها، تُنَصِّبُهُ بأيديها وتحاسبه في جليل الأمور وحقيرها، ولا
تسمح له أن يُجْحِفَ بها أو يَسْتَبِدَّ برأيه دون رأيها، وهو نفسه يكون من أعدل
الناس وأفضلهم وأعلمهم بوظائف الخلافة والحكومة، يعيش عيشة الفقراء
والمساكين، يستر جسده بأطمار بالية، ويسكن في كوخ حقير، ولم يكن إذ ذاك
بدار الخلافة الإسلامية (القصر الأبيض) لجمهورية أمريكا.
وقد كان المسلمون في هذا الدور يقاطعون الخلفاء ويناقشونهم وهم على المنابر
يخطبون، حتى إن عجوزًا من عجائز العاصمة كانت تتجرأ عليهم وتخاطب الواحد
منهم على ملأ من الناس بقولها: (إن تزغ عن الحق نُقَوِّمك بسيوفنا) والخليفة لا
يؤاخذها ولا يعاقبها على ذلك بجناية (الثورة) بل يشكر الله ويحمده أن وجد في
الأمة ألسنة صادقة ذربة في إعلان الحق كهذه العجوز. وقد قام الخليفة مرة يوم
الجمعة خطيبًا وقال (اسمعوا وأطيعوا) فرد عليه رجل قائلاً: والله لا نسمع ولا
نطيع لأنك خنت الأمانة وأخذت القماش أكثر من سهام المسلمين، فنادى الخليفة
ابنه، فشهد أن أباه لم يخُن المسلمين، بل إني قد أعطيته سهمي من القماش، ومن
سهمينا فُصلت الجبة والرداء.
وقد كان سير الأمة هذا مع ذلك الخليفة الذي كانت تقشعر من خشيته جلود
الملوك في عقر دورهم، وتخر أمام هيبته عروش فارس ومصر، وتزلزل من
بأسه جدران القسطنطينية، ولكن مع هذا كله لم يكن عند الحكومة الإسلامية قانون
(١٢٤) يحاكم به الخليفة معارضيه من أصحاب الحق.
أما الدور الثاني فدور الحكومة الشخصية والملكية المطلقة، بدأ باستيلاء بني
أمية على الخلافة قهرًا وعنوة، فانقلبت فيه الجمهورية الإسلامية على رأسها وَحَلَّ
الاستبداد والقهر محلها، وظهر مكان الخليفة الإسلامي ملك مكلل بتاج الملك،
متربع على عرش الحكومة المذهب. ولكن استبداد هذا الدور مع سائر عقوباته
المريعة من الجلد بالسياط، والحبس في السجون، والقتل بالسيوف - لم يستطع أن
يصد المسلمين عن إعلان الحق، ويقعدهم عن الذَوْدِ عنه وحمايته، بل ظلت
ألسنتهم حادة ذَلِقَة في إعلانه، ونفوسهم متهيئة لتقديم المُهَج في سبيله، فأصحاب
الرسول صلى الله عليه وسلم ما عاشوا ظلوا ينددون بظلم الولاة ويشهرونه،
ويطالبونهم بتغييره وجعل الحكومة شورى بين المسلمين [٢] ثم قام مقامهم التابعون
الذين تربوا في حُجُورهم وتخلقوا بأخلاقهم، فكانوا خير خلف لخير سلف، ما هابوا
غير الله، وما داهنوا أحدًا من خلقه، بل كانوا يجهرون بالحق، ويقولون للجبابرة
والطواغيت: (أصلحوا أو زولوا، أزالكم الله) وقد عد الإمام محمد الغزالي
أولئك الصحابة والتابعين الذين كانوا إلى زمن الخليفة هشام بن عبد الملك وأنكروا
ظلم الأمراء وطالبوهم بحكومة الشورى والنيابة، فبلغ عددهم أكثر من ثلاثة
وعشرين رجلاً [٣] ، وإني أنبه ههنا أنه لا يوجد في شريعة الإسلام قانون (١٢٤)
(من القوانين الهندية) الذي كان يمنع هؤلاء الأخيار من الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر وإعلان الحق وتقبيح الظلم.
طلب الخليفة الأموي الشهير هشام بن عبد الملك طاوس اليماني يومًا إلى
مجلسه فلما دخل عليه لم يسلم عليه بإمرة المؤمنين، ولكن قال: (السلام عليك يا
هشام) وجلس بإزائه، وقال: (كيف أنت يا هشام) فغضب هشام غضبًا شديدًا
حتى هَمَّ بقتله، وقال له: (يا طاوس، ما الذي حملك على ما صنعتَ؟) قال:
(وما الذي صنعتُ؟) فازداد غضبًا وغيظًا، وقال: (خلعتَ نعليك بحاشية بساطي،
ولم تقبل يدي، ولم تسلم عليَّ بإمرة المؤمنين، ولم تُكَنِّنِي، وجلستَ بإزائي بغير
إذني، وقلتَ: كيف أنت يا هشام؟) قال: (أما ما فعلتُ من خلع نعلي بحاشية
بساطك فإني أخلعها بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات، وأما قولك: لم تقبل
يدي، فإني سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: لا يحل لرجل أن
يقبل يد أحد، إلا امرأته من شهوة أو ولده من رحمة، وأما قولك: لم تسلم عليَّ
بإمرة المؤمنين، فليس كل الناس راضين بإمرتك. فكرهت أن أكذب، وأما قولك:
جلستَ بإزائي، فإني سمعت أمير المؤمنين عليًّا يقول: (إذا أردت أن تنظر إلى
رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام) فقال هشام: عِظْنِي،
فقال: سمعت من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أن في جهنم حيات كالقلال،
وعقارب كالبغال، تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته، ثم قام. انتهى ملخصًا.
وكان مالك بن دينار ينادي في جامع البصرة: (إن الله دفع إلى هؤلاء الملوك
غنمًا سمانًا صحاحًا، فأكلوا اللحم ولبسوا الصوف، وتركوها عظامًا تتقعقع)
وخاطب أبو حازم سليمان بن عبد الملك الجبار بقوله: إن آباءك قهروا الناس
بالسيف وأخذوا هذا الملك عُنْوَة من غير مشورة من المسلمين ولا رضًا منهم، حتى
قتلوا منهم مَقْتَلَةً عظيمة، وقد ارتحلوا، فلو شعرتَ بما قالوا وما قيل فيهم! فقال له
رجل من جلسائه: بئسما قلتَ، قال أبو حازم: إن الله قد أخذ الميثاق على العلماء
ليبيننه للناس ولا يكتمونه! قال سليمان، وكيف لنا أن نُصْلِح هذا الفساد؟ قال: أن
تأخذه من حِلِّه، فتضعه في حقه. فقال سليمان: ومن يقدر على ذلك؟ فقال من
يطلب الجنة ويخاف من النار، فقال سليمان: ادع لي، فقال أبو حازم: اللهم إن كان
سليمان وليك فيسره لخير الدنيا والآخرة، وإن كان عدوك فخذ بناصيته إلى ما تحب
وترضى! فقال سليمان: أوصني، فقال: أوصيك وأوجز، عظِّم ربك ونزِّهه أن
يراك حيث نهاك، أو يفقدك من حيث أمرك!)
وكان سعيد بن المسيب التابعي الكبير يقول على رءوس الأشهاد في ولاة زمنه:
يجيعون الناس، ويشبعون الكلاب!
وقد ظل علماء الإسلام على هذه الديدنة بعد عهد بني أمية، غير هيابين ولا
وجلين في عهد العباسية، فهذا المنصور الخليفة العباسي القهار لما قال لسفيان
الثوري: (ارفع إلينا حاجتك) رد عليه قائلاً: (اتق الله! فقد ملأت الأرض ظلمًا
وجورًا!) .
ولما استقر على منصة الخلافة هارون الرشيد الخليفة العباسي الشهير، كتب
إلى سفيان الثوري كتابًا بيده يقول فيه:
(من عبد الله هارون الرشيد أمير المؤمنين، إلى أخيه سفيان بن سعيد بن
المنذر، أما بعد يا أخي! قد علمت أن الله تبارك وتعالى آخى بين المؤمنين وجعل
ذلك فيه وله، واعلم أني قد واخيتك مواخاة لم أصرم بها حبلك، ولم أقطع منها
ودك، وإني مُنْطَوٍ لك على أفضل المحبة، واعلم يا أبا عبد الله أنه ما بقي من
إخواني وإخوانك أحد إلا وقد زارني وهنأني بما صرت إليه، وقد فتحت بيوت
الأموال وأعطيتهم من الجوائز السنية ما فرحت به نفسي، وقرت به عيني، وإني
استبطأتك فلم تأتني، وقد كتبت إليك كتابًا شوقًا مني إليك شديدًا، وقد علمت يا أبا
عبد الله ما جاء في فضل المؤمن وزيارته ومواصلته، فإذا ورد إليك كتابي فالعجل
العجل) .
وهل يعلم اللورد (ريدنغ) من كان هذا الرشيد الذي يكتب إلى عالم من علماء
المسلمين بهذه اللهجة اللينة؟ إنه قد كان يحكم ربع الكرة الأرضية ويخاطب قيصر
الروم في كتاب منه إليه بـ (يا ابن الكلب) كما صرَّح به المؤرخ جبن الإنجليزيثم
هل علم بما رد عليه ذلك العالم؟ إن لم يعلم فليسمع مني جوابه ثم يتدبر فيه، فإنه
يجلي له ما خفي عليه من حقيقة الإسلام، وجرأة المسلمين في إعلان الحق، ويُبيَّن له
أن ما تطلبه حكومته منا لا ينال، وأن المسلم لا يمتنع من الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، ولو فُجِعَ في النفس والمال.
قد كان من حديث سفيان أنه لما أتاه الرسول بكتاب الخليفة، كان في مسجد
الكوفة وحوله أصحابه، فرمى إليه الرسول الكتاب، فلما رآه ارتعد وتباعد عنه،
كأنه حية عرضت له، ثم أدخل يده في كمه ولفها بعباءته وأخذ الكتاب فقلبه بيده ثم
رماه إلى مَن كان عنده، وقال يأخذه بعضكم يقرءه، فإني أستغفر الله أن أمس شيئًا
مسه ظالم بيده، فلما فرغ من قراءته، قال: (اقلبوه واكتبوا إلى الظالم في ظهر
كتابه) فقيل له: يا أبا عبد الله إنه خليفة، فلو كتبت إليه في قرطاس نقي! فقال:
اكتبوا إلى الظالم في ظهر كتابه، فإن اكتسبه من حلال فسوف يُجْزَى به، وإن كان
اكتسبه من حرام فسوف يَصْلَى به، ولا يبقى شيء مسه ظالم عندنا، فيفسد علينا
ديننا، ثم قال اكتبوا:
(من العبد المذنب سفيان بن سعيد بن المنذر الثوري، إلى العبد المغرور
بالآمال هارون الرشيد، الذي سُلب حلاوة الإيمان: أما بعد. فإني قد كتبت إليك
أعرفك أن قد صرمت حبلك، وقطعت ودك، وقليت موضعك، فإنك قد جعلتني
شاهدًا عليك بإقرارك على نفسك في كتابك بما هجمت به على بيت مال المسلمين
فأنفقته في غير حقه، وأنفذته في غير حُكمه، ثم لم ترض بما فعلته وأنت ناءٍ عني،
حتى كتبت إليَّ تشهدني على نفسك! أما إني قد شهدت عليك أنا وإخواني الذين
شهدوا قراءة كتابك، وسنؤدي الشهادة عليك غدًا بين يدي الله تعالى- يا هارون
هجمت على بيت مال المسلمين بغير رضاهم، هل رضي بفعلك المؤلفة قلوبهم،
والعاملون عليها في أرض الله تعالى، والمجاهدون في سبيل الله، وابن السبيل، أم
رضي بذلك حملة القرآن وأهل العلم، والأرامل والأيتام، أم هل رضي بذلك خلق
من رعيتك؟ فشدَّ يا هارون مئزرك، وأعد للمسألة جوابًا، وللبلاء جلبابًا، واعلم
أنك ستقف بين يدي الحَكَم العدل، فقد رُزِئْتَ في نفسك إذ سُلبت حلاوة العلم والزهد
ولذيذ القرآن ومجالسة الأخيار، ورضيت لنفسك أن تكون ظالمًا، وللظالمين إمامًا،
يا هارون قعدت على السرير، ولبست الحرير، وأسبلت سترًا دون بابك،
وتشبهت بالحَجَبَة برب العالمين، ثم أقعدت أجنادك الظلمة دون بابك وسترك
يظلمون الناس ولا ينصفون.
أفلا كانت هذه الأحكام عليك وعليهم قبل أن تحكم بها على الناس، فكيف بك
يا هارون غدًا إذا نادى المنادي من قِبَل الله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا
وَأَزْوَاجَهُمْ} (الصافات: ٢٢) أين الظلمة وأعوان الظلمة؟ فقدمت بين يدي الله
تعالى ويداك مغلولتان إلى عنقك لا يفكها إلا عدلك وإنصافك، والظالمون حولك
وأنت لهم سابق وإمام إلى النار. كأني بك يا هارون وقد أخذت بضيق الخناق،
ووردت المساق، وأنت ترى حسناتك في ميزان غيرك، وسيئات غيرك في
ميزانك زيادة عن سيئاتك، بلاء على بلاء، وظُلمة فوق ظُلمة، فاحتفظ بوصيتي،
واتعظ بموعظتي التي وعظتك بها، واعلم أني قد نصحتك وما أبقيت لك في النصح
غاية، والسلام) .
فلما وصل هذا الكتاب إلى هارون أقبل يقرأه ودموعه تنحدر من عينيه،
ويقرأ ويشهق. ثم لم يزل كتاب سفيان إلى جنب هارون يقرأه عند كل صلاة حتى
توفي. انتهى ملخصًا.
ولم يكن العلماء والأئمة هم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
وحدهم، بل كان يوجد إذ ذاك من دهماء المسلمين وعامتهم من يؤدي هذه الفريضة
بكل شجاعة ورباطة جأش.
فبينما كان الخليفة المنصور العباسي يطوف بالبيت إذ سمع رجلاً عند الملتزم
يقول: (اللهم إني أشكو إليك ظهور البغي والفساد في الأرض وما يحول بين الحق
وأهله من الظلم والطمع) فدعاه المنصور وقال: ما هذا الذي سمعتك تقوله من ظهور
البغي والفساد في الأرض وما يحول بين الحق وأهله من الطمع والظلم؟ فقال
الرجل: (الذي دخله الطمع حتى حال بينه وبين الحق وإصلاح ما ظهر من البغي
والفساد في الأرض: أنت) قال المنصور: ويحك! كيف يدخلني الطمع والصفراء
والبيضاء في يدي، والحلو والحامض في قبضتي؟ قال: وهل دخل أحدًا من الطمع
ما دخلك؟ إن الله استرعاك أمور المسلمين وأموالهم، فأغفلت أمورهم واهتممت بجمع
أموالهم، وجعلت بينك وبينهم حجابًا من الجص والآجُرّ، وأبوابًا من الحديد، وحجبة
معهم السلاح، ثم سجنت نفسك فيها منهم، وبعثت عمالك في جمع الأموال وجبايتها،
واتخذت وزراء وأعوانًا ظلمة، إن نسيت لم يذكروك، وإن ذكرت لم يعينوك،
وقويتهم على ظلم الناس بالأموال والكراع والسلاح، وأمرت بأن لا يدخل عليك من
الناس إلا فلان وفلان نفر سميتهم فائتمروا على أن لا يصل إليك من علم أخبار الناس
شيء إلا ما أرادوا، فامتلأت بلاد الله بالطمع بغيًا وفسادًا، وصار هؤلاء القوم
شركاءك في سلطانك وأنت غافل ... إلى آخره. فبكى المنصور بكاء شديدًا حتى
نحب وارتفع صوته.
ومن ذا الذي لم يسمع بظلم داهية بني أمية الحجاج بن يوسف الثقفي وغلظته
وسفكه للدماء؟ ولكنه مع جبروته وغطرسته لم يستطع صد المسلمين عن إعلان
الحق، فلقد جيء إليه يومًا بحطيط الزيات أسيرًا، فلما دخل عليه قال: أنت
حطيط؟ قال: نعم سل ما بدا لك، فإني عاهدت الله عند المقام على ثلاث خصال:
إن سئلت لأصدقن، وإن ابتليت لأصبرن، وإن عوفيت لأشكرن. قال: فما تقول
فيَّ؟ قال: أقول: إنك من أعداء الله في الأرض، تنتهك المحارم وتقتل بالظِّنّة،
قال: فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان؟ قال: أقول: إنه أعظم
جرمًا منك وإنما أنت خطيئة من خطاياه.
ودخل رجل من المسلمين على المأمون بن الرشيد وقال له على ملأ من رجاله:
يا ظالم، أنا ظالم إن لم أقل لك يا ظالم. فأقبل عليه المأمون وقال: من أنت؟
قال: أنا رجل من السياحين فكرت فيما عمل الصديقون قبلي فلم أجد لنفسي فيه
حظًّا، فتعلقت بموعظتك لعلي ألحقهم. فأمر بضرب عنقه.
فهكذا كان المسلمون في الأيام الأولى يتقربون إلى مولاهم بتعرضهم للملوك
والسلاطين وتخشينهم لهم في القول وتقديم مُهَجِهِم للهلاك، ولقد ظلوا على هذه
الوتيرة بعدُ، ولا يزال يوجد فيهم الربانيون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
حتى يأتي أمر الله كما ورد في الخبر: (لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين على
الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون) .
الفتنة التتارية والفتنة الغربية:
فلا تفتنهم الفتنة الحديثة الغربية، ولا تستطيع ردعهم عن عملهم الحق؛ إذ
هي ليست بجديدة لهم، فلقد دُهموا قبلها بالفتنة التتارية، وزُلزلوا بها زلزالاً شديدًا،
فكما نرى الدول الأوربية ولا سيما إنجلترة قد دمرت البلاد الإسلامية ومزَّقت
شمل الخلافة العثمانية، وقضت على حرية الممالك الشرقية، وأباحت سفك دماء
المسلمين أنهارًا في السهول الأناضولية، كذلك كانت الفتنة التتارية، والتتار لم
يكونوا أناسي بل سباعًا ووحوشًا، انهالوا على البلاد الإسلامية كالسيل الجارف،
ووضعوا السيف في رقاب المسلمين، ودمروا الخلافة العباسية ودخلوا بغداد فجاسوا
خلال الديار. ولكن هل قدرت سيوف (هولاكو ومنكو وأباقا آن) السفاكين أن تقهر
العلماء الربانيين وتسكتهم عن الحق؟ كلا فهذا شاعر إيران الشهير السعدي
الشيرازي قد قال لهولاكو خان وجهًا لوجه: (إنك ظالم!) ودعا شمس الدين
التتاري على منكو خان وهو يسمع ويرى، ولعن شيخ الإسلام أحمد بن تيمية
أباقا آن في حضرته وعلى ملأ من جنوده. نعم كانت في أيدي التتار السيوف البتارة
تطير الهامات في طرفة عين، ولكن لم يكن في (الثورة الجنكيزية) قانون ١٢٤
الذي امتازت به الدولة البريطانية المدنية في بلاد الهند!
الحجاج وريدنغ:
فإذا كنا نحن المسلمين نعامل حكومتنا الإسلامية هذه المعاملة، فماذا يرجوه
منا عمال هذه الحكومة الأجنبية؟ وهل تكون الحكومة الإنجليزية الهندية (القانونية)
أكرم علينا من الحكومات الإسلامية التي طاعتها واجبة علينا (شرعًا ودينًا) ؟
وهل دولة الملك جورج الخامس ونيابة اللورد ريدنغ أعز علينا من خلافة عبد الملك
ابن مروان ونيابة الحجاج بن يوسف الثقفي؟ ولو غضضنا الطرف عن الفرق
الشرعي العظيم بين الحكومة الأجنبية غير الإسلامية والحكومة الوطنية الإسلامية،
وأنزلناهما منزلة واحدة، أفلا نقول في حكومات (جيسفورد) و (ريدنغ) ما قلناه
في حكومات الحجاج وخالد القسري من قبل؟ قد قلنا يومئذ: اتق الله، فقد ملأت
الأرض ظلمًا وجورًا! وهذا هو الذي نقوله اليوم، ولا نزال نقوله حتى يزول
الاستبداد أو نزول نحن!
والحقيقة أن ما نعمله الآن في الهند من ترك التعاون ومقاطعة الحكومة، إنما
كنا أمرنا به في مقابلة ظلم الولاة من المسلمين، لا في مقابلة الأجانب. ولو فهم
أساطين بريطانيا ودهاتها هذه الحقيقة لاعترفوا بأن مساهلة المسلمين ومداراتهم قد
بلغت منتهاها، وأنه لا ينبغي أن ينتظر منهم أكثر من هذا؛ إذ ليس وراءه إلا
الارتداد عن الإسلام أو النفاق فيه، ولا يمكنهم أن يفعلوا ذلك حبًّا في سواد عيون
البريطانيين (أو زرقتها) .
(للخطاب بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))