للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


شهادات علماء الغرب المنصفين
للإسلام والنبي والمسلمين [١]

الشهادة الأولى
من كتاب (استعداد الإسلام لقبول الثقافة الروحية)
للأستاذ هورتن الألماني المستشرق
صحيفة ٥- كانت العرب في القرون الوسطى (إلى سنة ١٥٠٠ تقريبًا)
أساتذة أوربا.
صحيفة ٨- لم ينشأ ظن الأوربيين بأن الدين الإسلامي لا يتمشى مع المدنية
إلا من جهلهم بهذا الدين وعدم تعمقهم فيه، بل لتعلقهم بالقشور التي لا يفهمون
منها إلا ما يكتبون.
صحيفة ٩- في الإسلام وحده تجد اتحاد الدين والعلم، فهو الدين الوحيد الذي
يوحِّد بينهما، فتجد فيه الدين ماثلاً متمكنًا في دائرة العلم، وترى وجهة الفيلسوف
ووجهة الفقيه متعانقتين، فهما واحدة لا اثنتان.
صحيفة ٩ -١٠ - كان في القرن العاشر في قرطبة زاهد يسمى (ابن مسرة)
وكان هذا الزاهد يشعر هو وتلاميذه أنه من الأسرة الإسلامية.
صحيفة ١٠- ابن رشد الفيلسوف الطائر الصيت في القرون الوسطى كان
إيمانه بالله عظيمًا، وكان معتصمًا بالقرآن حتى بكل كلمة في القرآن، ومع ذلك لم
يمنعه دينه والقرآن الذي يعتصم به من مطالعة الفلسفة اليونانية والأخذ من آثار
أريسطوطاليس والبناء عليها.
صحيفة ١٢- لا تجد في الإسلام سدًّا يمنع نفوذ الثقافة الغربية عنه، بل ترى
أن له استعدادًا غير محدود لقبول الثقافة.
صحيفة ١٧- استعداد الإسلام لقبول ثقافة غير إسلامية لا حدود له.
الشهادة الثانية
من مقدمة ترجمة القرآن للعلامة منني المستشرق
صحيفة ٩- كان محمد صلى الله عليه وسلم أمينًا وأعدل رجل.
صحيفة ٣١- إن مرشد المسلمين هو القرآن وحده، والقرآن ليس بكتاب ديني
فقط، بل كتاب علم وآداب، وتجد فيه بيان الحياة السياسية والاجتماعية، حتى إنه
يرشد الإنسان إلى وظائفه اليومية، والأحكام الإسلامية التي لا توجد في القرآن
توجد في السنة، والتي لا تكون واضحة لا بالقرآن ولا بالسنة توجد في الفقه
الواسع الذي هو علم الحقوق.
صحيفة ٣٦- إن العربي الذي أدرك خطايا المسيحية واليهودية، وقام بمهمة
لا تخلو من الخطر بين أقوام من المشركين يعبدون الأصنام يدعوهم إلى التوحيد
ويغرس في أفكارهم عقيدة أبدية الروح - لا يستحق أن يُعَدَّ بين صفوف رجال التاريخ
العظام فقط، بل يستحق أن يدعى نبيًّا [٢] .
***
شكوى المنار إلى المنار، من أحد علماء مليبار
رسالة من زميلنا الأستاذ الفاضل المولى محمد عبد القادر المليباري الهندي.
إلى فضيلة السيد الإمام، حجة الإسلام، صاحب مجلة المنار بالقاهرة - أدامه
الله للمسلمين ذخرًا، وزاده شرفًا وقدرًا.
من أحد مريديه في الغيب، المستفيدين من فيوض قلمه المهتدين بنور مناره
محمد عبد القادر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
مولاي الجليل، أرجوكم أن تتفضلوا ببذل بضع دقائق من دقائقكم الثمينة
لسماع شكواي التي طالما كنت أردت أن أرفعها إلى فضيلتكم، ولم أتمكن منه إلا
الآن لما كان يتوارد عليَّ من نوائب الدهر.
أهم ما أشكوه وأبث حزني منه إلى فضيلتكم هو انقطاع المنار عني منذ ثلاث
سنوات، وحزني على هذا عظيم لأني صرت منذ انقطاعه عني كمن يعيش في
الظلام، لأن المنار كان لي منارًا بالمعنى الحقيقي.
كنت قارئًا للمنار تسع سنوات متوالية لكن لا على سبيل الاشتراك، بل
بمحض فضلكم ومنكم، ذلك أنه لما بلغني نبأ المنار حين كنت مباشرًا لعمل جريدتي
(المسلم) سنة (١٣٣٤) بادرت إلى طلبه من إدارته، فلم تجبني، ثم أردفت
بطلب آخر مع خمس روبيات، ثم بآخر، هكذا كنت أوالي الطلب بعد الطلب إلى مدة
تزيد على ثمانية أشهر، ولم ألق من الإدارة إلا السكوت، وأخيرًا تفضل علي
المرحوم السيد صالح مخلص رضا بأجزاء من المنار مع كتاب قال فيه بعد الاعتذار
عن تأخر الإجابة (.. . إن شقيقي السيد محمد رشيد عندما قرأ كتابك الأخير
المؤرخ ٢١ ذي الحجة سنة ١٣٣١ استاء جدًّا، وأمر بإجابة الطلب، وأن يقدم
إليكم المنار لا على جهة الاشتراك، بل مبادلة أو مساعدة لمجلتكم فاقبلوا ذلك كرمًا
منكم، واحسبوا ما أرسلتم من ثمن ما تطلبونه في المستقبل من المطبوعات، وهو
يهديكم عاطر السلام) .
هكذا كنت منتظمًا في سلك قراء المنار، لا أستطيع أن أعبر عما أنا متلبس
به من الشكر على هذا الإحسان الجسيم، كما أني لا أستطيع الغفلة عنه ولو لحظة
في حياتي.
من أجلِّ نعم الله علي أن وفقني لأن أكون من قراء المنار إذ نفخ في روحًا
جديدةً جعلتني بصير القلب، وحيّ النفس، أنشأت لنشر مبادئ المنار مجلة باسم
(الإسلام) بلغة بلدي (اللغة الملبيارية) فلما رأى الناس ضوء المنار منعكسًا منها
استغربوه، وعلت من بينهم جلبة وضوضاء، ونسبوني إلى الزيغ والضلال
ونبزوني بلقب الوهابي، ولكن نور الحق لم يعدم قلوبًا تنزل فيها أشعته، فتنبهت
أفكار واستيقظت نفوس، وبالجملة فتح المنار في الديار المليبارية التي كانت
متصلبة في الجمود باب فكرة (الإصلاح الديني) ولكن الجماهير ممن انتسبوا إلى
العلم أخذوا يقاومون هذه الفكرة، ويمنعون الناس عن قراءة مجلتي ويحذرونهم
أيضًا من المنار، مع أنهم لم يكونوا حينئذ رأوه حتى ولا غلافه، وذلك لأنهم كانوا
قد أساءوا الاعتقاد فيه من قبل بسوء تأثير مؤلفات يوسف النبهاني [٣] ، ولهذا لم
أنجح في سعيي لأن أجد أحدًا يرغب في الاشتراك فيه، فكنت أعير لبعض
أصدقائي الذين آنست فيهم سلامة الفطرة وحسن الاستعداد بعض أجزائه للقراءة،
رجاء أن يوفقهم الله للاقتداء بنوره، فلم أخب في رجائي ذلك، فإن الذين لم تفسد
فطرتهم في هذه البلاد قد أخذوا يعرفون قدر المنار ولو في الجملة؛ حتى ظهر من
بعضهم في الأيام الأخيرة رغبة في الاشتراك فيه فطلبوه بأنفسهم من إدارته كعبد
القادر بكننور، ومحمد سيدي، بكرانكنور بكوشي، ومحرر مجلة الإرشاد،
ومحرر جريدة يولوكم بكاليكوت؛ ولكن من غرائب الزمن أن صرت بعد ذلك
أستعير منهم أجزاءه بعدما كنت أعيرها لهم، ومما يوجب المسرة بالنسبة إلى المنار
أن أرى منهم الآن في الإعطاء ما كنت رأيته منهم من قبل في الأخذ من الكراهة؛
ولكن ذلك يؤلمني نظرًا إلى ما صرت إليه من الحالة في أمر المنار.
فالمرجو من فضيلنكم أن تتفضلواعلي بأن تأمروا إدارة المنار أن ترسل إلي
المنار تباعًا، وإنما انقطع عني من الجزء الثاني من المجلد السابع والعشرين؛
ولكن لا أرى من الصواب أن أسالكم أن ترسلوا إلي جميع ما صدر منه إلى الآن،
فسأطلبها مع تقديم الثمن عندما يتيسر لي ذلك؛ وإنما أرجو الآن أن ترسل لي من
الجزء الأول من المجلد الجاري (٢٩) .
هذا وإني لأستحيي أن أسألكم أن تواصلوا علي ذلك الكرم الذي غمرتموني به
تسع سنوات، ولهذا فإني مستعد لأن أدفع إليكم مبلغًا ترضونه لي ثمنًا للمنار، أو
كله على ما أنا عليه من ضيق اليد، وعلى كل حال فإني واثق بأني لا أكون
محرومًا من قراءة المنار؛ فإن حب المنار قد امتزج بدمي، وصارت قراءته قوت
روحي، حتى لا أستطيع فراقه، ولا يطيب لي العيش بدونه، ولولا أنه يأتي
لأصدقائي المذكورين وتمكنت من استعارة أجزاء منه منهم أحيانًا لضقت ذرعًا.
أود أن أفيدكم - للنشر في المنار- بيانات عما أحدث المنار في المليبار من
الشعور بالحاجة إلى الإصلاح الديني، وما يجري فيها من السعي وراء ذلك
الإصلاح، ومن المقاومة له ممن يُعرفون بعلماء الدين بادعائهم أنه (الوهابية) وما
قد حدث في هذه الأيام من قيام فريق يرأسه شاب عاد من مصر قبل سنة بعد أن
أقام بين المتفرنجين فيها مدة بالطعن في الإمام ابن سعود وأنصاره وقومه الذين
يُعرفون بالوهابيين انتصارًا للأخوين محمد علي وشوكت علي وسأرسل إلى
فضليتكم هذه البيانات بصورة مقالة إن شاء الله اهـ.
(المنار)
إننا نحيي أخانا وزميلنا بأحسن من تحيته، من السلام ورحمة الله وبركاته
ونعمته، وسيُطبع عنوانه المرسل باللغة الإنكليزية ويُرسل إليه المنارهدية دائمة،
مع المجلدات الثلاثة التي فقدها تامة، لا نطلب منه جزاء ولا شكرًا عليها إلا نشر
دعوة الحق وجهاد الباطل وأهله، والله في عونه ونصره، كما نصرنا على الدجالين
ونصر إمام السنة عبد العزيز آل سعود وقومه على الباغين، ومكَّن له في خير
الأرض ومهد الإسلام، وأنطق بالثناء عليه جميع الأقوام.