تتمة شرح مطالب الأزهريين (المطلب السادس) : (تعديل الكشف الطبي بحيث لا يُمنع من تولي وظائف التدريس بالأزهر إلا من به مرض مُعْدٍ، ومعاملة العلماء معاملة خاصة في الكشف الطبي بوزارة المعارف، وحفظ الحق للمكفوفين في مباشرة وظائف التدريس بالأزهر، ووظائف الإمامة والخطابة بالمساجد) . إن من ينظر إلى الإجراءات التي يتخذها ما يسمونه (القومسيون الطبي) ليثبت بها صلاحية الشخص للوظيفة، يجد تلك الإجراءات شديدة وقاسية، وهي أشد وأقصى إذا عومل بها الأزهريون، الذين اعتادوا أو عودهم ولاة الأمور أن لا يُعتنى بهم صحيًّا، وأن يتركوا لجيوش الأمراض المختلفة تفتك بهم، فأماكن الدراسة في الأزهر والمعاهد الدينية التي لا تصلح - ولم توجد إلا لتكون أماكن للعبادة فقط - تنال من الطالب في مدة الدراسة الطويلة القاسية، وفي زمني الحر والقر ما يكفي لأن يهدم منه الجسم السليم ويضعف الصحة الجيدة، هذا إلى المتاعب الكثيرة التي يستلزمها الانكباب على الدرس والتحصيل، سيما في العلوم الأزهرية البعيدة الغور والطويلة المدى، ولا ريب أن ذلك كافٍ لأن يحول دون استيفاء خريجي الأزهر للشروط التي يفرضها القومسيون الطبي، فلابد أن تكون للأزهريين معاملة خاصة تراعى فيها الاعتبارات التي ذكرنا، سيما أن هذه الإجراءات لم يكن للأزهريين بها عهد، ولم يقيدهم بها قانون، على أنه إذا أجيب ما نطلب بشأن أماكن الدراسة وغير ذلك من المطالب فقد يكون لولاة الأمور الحق في أن يعاملوا من ينتفع بهذه الإصلاحات معاملة بقية إخوانهم خريجي المدارس. وإذا ثبت بما ذكرنا وجوب تعديل الكشف الطبي بالنسبة للأزهريين، فإنا نذكر أن هذا الطلب يشمل أموراً ثلاثة: (١) أن لا يمنع من وظائف التدريس بالأزهر إلا من به مرض مُعْدٍ. (٢) أن يعامل العلماء إذا عينوا للتدريس بوزارة المعارف معاملة خاصة كالاكتفاء بنصف نظر في مجموع العينين. (٣) حفظ الحق للمكفوفين في مباشرة وظائف التدريس بالأزهر، ووظائف الإمامة والخطابة بالمساجد، ونكتفي بما قدمنا عن الكلام في الأمرين الأولين، ونتكلم عن الأمر الثالث. ذلك أن المكفوفين الذين يمضون زمنًا طويلاً في الأزهر، يكدون؛ لنيل شهادة العالمية - هم أولى الناس بالعطف عليهم، وأجدرهم بالأخذ بناصرهم فلابد أن يفتح لهم باب الأمل بما يتناسب مع كدهم واجتهادهم وما أحاط بهم من اعتبارات أخرى، أما حرمانهم نهائيًّا من كل عمل فمعناه أنهم ليسوا أهلاً لشيء، وأنهم أضاعوا حياتهم سدى، وهو تصرف لا يستطيع إنسان تبريره أو الذود عنه، سيما أن كلهم أو جلهم يحتاج بعد تخرجه إلى المعونة وما يسد به رمقه في الحياة وإلى ما يجعله كذلك عضوًا نافعًا في الهيئة الاجتماعية، فلابد أن يعطوا حظهم من الإنصاف والرعاية. وإذا طلبنا لهم حق التدريس بالأزهر، وهو ما كان حقهم حتى الزمن القريب وحرمتهم منه القوانين الحديثة؛ فإنا لا نطلب لهم ما لا يستطيعون، فكثير منهم في كل زمان كانوا من رجال العلم النابهين وأساطينه الأجلاء. ولا يزال العلم والدين مدينين لأمثال عبد الله بن عباس وعبد الله بن أم مكتوم وو، في العصور الغابرة، وإن كثيرًا من مكفوفي العصر الحاضر في الأزهر خاصة وفي مصر عامة لدليل جدي على أن الله عوض هذه الطائفة المسكينة من فقد أبصارهم ذكاء حادًّا، وفكرًا ثاقبًا، وقلبًا بصيرًا، وليس من مصلحة العلم والدين أن تقبر تلك المواهب، ويحرم الناس من الانتفاع بها بحجة أن أهلها غير مبصرين. على أنه لا يزال إلى اليوم عدد كبير من علماء الأزهر المكفوفين يباشرون التدريس بالأزهر، وليس من يعيب كفايتهم فيما يكلفون به من مختلف الفنون. وإذا كان التدريس بالأزهر من الحقوق الضرورية للمكفوفين، فإنه يستلزم أن لا يحرموا من دخول قسم التخصص بالأزهر، ومما يساعد ذلك أن المرسوم الملكي الكريم الصادر بإنشاء قسم التخصص، لم يشترط لدخوله سوى نيل شهادة العالمية دون أن يفرق بين مكفوف ومبصر، فلا يصح مع هذا الإطلاق أن يكون التخصص وقفًا على طائفة خاصة لتهمل طائفة أخرى هي أحوج الناس إلى المعونة والعطف. وأما حقهم في الإمامة والخطابة فليس لأحد أن يقول: إن بهم مانعًا من الأهلية له فمن الواجب أن يعطوه؛ لتُكفَل لهم حاجتهم الضرورية، ولينتفع المجتمع بكثير من الكفايات التي منَّ الله بها عليهم. (المطلب السابع) : (إرسال بعثات إلى الجامعات الأوربية؛ لدراسة العلوم التي تتناسب مع التعليم في الأزهر، واتخاذ الطرق التي تكفل ذلك) . لقد دهش بعض الناس لهذا الطلب، واعتبروه غريبًا في ذاته، وأنه لا يليق بطالب العلم الديني، ولكن الأزهر الناهض الذي يريد أن يستعيد مجده وكرامته، وأن يشغل المركز الجدير به بصفته أكبر جامعة شرقية إسلامية، يجب أن ينال هذا المطلب الضروري، وأن تتخذ له الوسائل التي تكفل نجاحه. أوَلَسْنا في حاجة لعلوم جديدة في حياة الأزهر الجديدة؟ أو قل: إلى دراسة تلك العلوم التي جاءت الأزهر منذ زمن غير بعيد - كالتربية - دراسة وافية؟ ثم أليس من اللازم مثلاً أن ندرس في جامعات أوربا فلسفة الديانات وغيرها من العلوم التي لها علاقة بالأديان، وإلا فكيف نفعل ونحن نرى الأجانب يدرسون إلى جانب دينهم ديننا أيضًا؛ ليتقولوا علينا إذا شاؤوا، وليحرفوا الكلم عن مواضعه، في الوقت الذي لا ندري نحن من دينهم شيئًا لنرد باطلهم بحقنا! ! فمن الضروري أن نلم بذلك كله، ونتوسع فيه توسعًا نتمكن به من تأدية واجباتنا على الوجه الأكمل، فإن في عنقنا واجب الدفاع عن الدين وإذاعة شأنه بين الناس، وذلك يستلزم الوقوف على كل ما له مساس بالأديان. ومن الضروري أيضًا أن يكون من البعثة الأزهرية من يتخصص في الفلسفة والتاريخ والعلوم العقلية، فنكون قد عملنا على أن نعيد للعلم في الشرق والأزهر قوته وشبابه، وفي ذلك مفخرة عظيمة لمصر تجعلها على الدوام قبلة رواد العلوم والآداب في الشرق عامة. ولقد فطن إلى ذلك منشئ مصر الحديثة محمد علي باشا، فأرسل بعثات كثيرة إلى الخارج كانت كلها أو أغلبها من الأزهريين، وقد كان أولئك المبعوثون بعد عودتهم قواد النهضة العلمية المزدهرة التي غمرت مصر، ورددت البلاد الشرقية صداها، وكان لها منها الأثر الجميل. وإذا كان هذا أثر البعثات الأزهرية في الماضي، فإن بوسع مصر في الحاضر أن تستفيد مما يمتاز به الأزهر من نشاط وكفاية ودأب على العمل واستعداد للتفوق والنبوغ، فترسل إلى الخارج من الأزهريين من يكون عونًا لها في مستقبلها المحتاج إلى الكفاح الشديد في سبيل سعادة الأهلين. وما يقوله بعض قصار النظر: من أن إرسال الأزهريين إلى الخارج مفسد لدينهم هو من باب الوهم الذي لا يقبله عقل، فإنما يفتتن عن دينه أولئك الجاهلون بالدين الذين لم تمتزج تعاليمه بأنفسهم، ولم يدركوا أسراره ومبادئه لا الأزهريون الذين هم أعرف الناس بالدين، والذين عملوا جهدهم لحفظه، وكانوا على الدوام حُماته الأمجاد وحراسه القادرين. وإذا قال أحد: إن الأزهريين لا يملكون الوسيلة التي يتمكنون بها من السفر إلى الخارج كإتقان اللغة الأجنبية؛ فإنا نرد عليهم بأنا نقبل عن طيب خاطر أن ينشأ قسم اختياري بالأزهر لتعليم اللغات، يستطيع بواسطته الطالب إتقان اللغة التي يريدها؛ ليكون على استعداد للسفر، وليس في تعليم اللغة الأجنبية وإتقانها ما يمكن أن يكون موضع اعتراض من الوجهة الدينية أو غيرها، على أن عددًا غير قليل من الأزهريين يدرس الآن بعض اللغات خارج الأزهر، وكثير منهم يتقن هذه اللغات التي يدرسها، مما يدل على استعداد الأزهريين للسفر في البعثات من الآن إذا أجابهم إلى طلبهم ولاة الأمور. (المطلب الثامن) : (إيجاد أمكنة صحية صالحة للدراسة غير الأمكنة الحالية التي يدرس فيها الطلبة) . لقد قلنا فيما سبق عند الكلام على الكشف الطبي ووجوب تعديله بالنسبة للأزهريين: (إن أماكن الدراسة الحالية في الأزهر والمعاهد الدينية التي لا تصلح ولم توجد - إلا لتكون أماكن للعبادة فقط - تنال من الطالب في مدة الدراسة الطويلة القاسية، وفي زمني الحر والقر ما يكفي لأن يهدم منه الجسم السليم ويضعف الصحة الجيدة) والآن نقول: إن هذه الأماكن التي يدرس بها الأزهريون لا تستوفي شرطًا واحدًا مما توجبه التربية الحديثة، فالطلبة يضطرون للجلوس متربعين طول يومهم، لا يحول بينهم وبين الأرض سوى حاجز بالٍ من الحصير، لا يدفع رطوبة ولا يمنع أذى، ولا ريب أن تلك الجلسة الدائمة على الشكل الذي ذكرنا مما يعرض صحة الطلبة للضعف، ويجعلهم عرضة لشتى الأمراض، فضلاً عن تشتيت أذهانهم، وفقد انتباههم أثناء إلقاء الدرس، مع أن الانتباه واجتماع الذهن ضروريان؛ ليستفيد الطالب مما يُلقَى عليه استفادة صحيحة قيمة. هذا مع أن في تجاور الدروس بدون حاجز يفصلها عن بعضها ما يدعو لاختلاط أصوات المدرسين والتهويش على بعضهم، وما يتبع ذلك من الجلبة والضوضاء وسماع الطلبة الذين يجلسون في آخر الحلقات أصوات مدرسي الفصول الأخرى؛ التي قد تكون أصواتهم أقرب إليهم من أصوات مدرسيهم، وإن أقل نظرة لحالة الدروس بالأزهر وقت انتظامها تكفي للاقتناع، وليس هذا من المصلحة في شيء، على أنه ليس هناك ما يصح أن يسمى موازنة بين أماكن الدراسة بالمعاهد الدينية والمدارس الأخرى، من حيث استيفاء الشروط التي تستوجبها التربية، فإن شرطًا واحدًا من الشروط التي توجبها لا يوجد بأماكن الدراسة بالأزهر، في الوقت الذي لا تنقص فيه المدارس الأخرى شرطًا واحدًا، ونحن على يقين بأن ذلك لا يرضي ولاة الأمور؛ لأنهم مقتنعون بأنه من الضروري لمصلحة الطلبة ولتمام الاستفادة المدرسية صلاحية الأمكنة للدراسة، واستيفاءها للشروط اللازمة، وذلك ما يجب أن ينظر إليه بعين الاعتبار في المعاهد الدينية. (المطلب التاسع) : (جعل الوظائف الكتابية بالمحاكم الشرعية حقًّا مشتركًا بين جميع المذاهب) . لا ريب أن هذا الطلب مع عدالته لا يكلف الحكومة شيئًا من المال، وهو ليس إلا تنازلاً من علماء الحنفية عن بعض حق هو لهم، رضوا بأن يشركهم إخوانهم من المذاهب الأخرى في الانتفاع به؛ لأن لأولئك الإخوان من الكفاءة لهذا العمل ما لهم (الأحناف) . على أنا إذا اعتبرناه حقًّا للأحناف، فليس إلا مجاراة لما هو واقع دون شيء آخر؛ لأن القانون جعله حقًّا مطلقًا لحامل العالمية دون أن يفرق بين مذهب ومذهب أليس من المصلحة مراعاة هذا الإطلاق، لا سيما أن فيه تحقيقًا للعدالة؟ ؟ وما دامت الكفاية والأهلية موجودتين فلا سبيل لإهمالهما. لو أن الكتابة بالمحاكم الشرعية تشمل إصدار أحكام فقهية على مذهب الحنفية لمَا كان للأحناف أن يرضوا بمشاركة غيرهم لهم في هذه الوظيفة، ولما كان لغيرهم أن يطلبها، وإذا كانت وزارة الحقانية قد اتخذت - ولا تزال - مفتشين للمحاكم الشرعية من غير الحنفية، فأولى لها أن تقبلهم في وظائف الكتابة التي لا يسوغ حرمانهم منها. (المطلب العاشر) : (إلغاء القوانين الاستثنائية والإجراءات التي ترتبت عليها، وإباحة الانتساب والتحويل إلى الجهة التي يريدها الطالب) . لقد كان مما لا يُتوقع أن تصدر قوانين جائرة تقيد بها حرية رجال الدين الأزهريين في التعبير عن ميولهم وآرائهم، سواء كانت هذه الآراء في إصلاح الأزهر أو في حالة البلد العامة؛ لأن الآراء يجب أن تكون على الدوام محترمة، وأن يفسح المجال لظهورها لا أن تتخذ الوسائل لقمعها، وإذا وجب أن تحترم الآراء وأن تكون حرة، فإن أولى بالاحترام والحرية آراء المتعلمين من رجال الدين فهي على كل حال بعيدة عن أن تكون سيئة الغاية أو منكرة الأثر. إن الأزهريين مَحوطون دائمًا بآداب دينهم وأوامره ونواهيه، وهذا كافٍ لأن يحول بينهم وبين ما يمكن أن يكون أداة شر أو وسيلة للإفساد، فكان من الضروري أن يكون لهم ما لسائر طوائف الأمة من تمام الحرية في التعبير عن أفكارهم وميولهم، ما دام ذلك في حدود القانون العام. وإذا كانت هذه القوانين قد ألجئ إليها في ظروف خاصة أيام كانت البلاد خاضعة خضوعًا مطلقًا للأجنبي، ولم تكن الوزارات شاعرة بشيء من الاستقلال في خدمة البلاد، فإن من الضروري إزالة هذه القوانين بعد أن تغيرت الحال، وأصبح للبلد دستور يضمن حرية الآراء. وليس ما يدعو لأن نذكر بالتفصيل مبلغ هذه القوانين من الجور، ويكفي أن نقول أنها مخالفة للدستور، وهي مع ذلك في شكلها وجوهرها مما لا مثيل له في جامعة من الجامعات، بل ولا في مدرسة من المدارس المصرية، وذلك كافٍ لوجوب إلغائها مع ما ترتب عليها من إجراءات. وكذلك يجب أن يحدد النظر في القانون القاضي بقصر طلبة كل جهة على المعهد القريب لهم دون أن يسمح لأحد منهم بالانتساب إلى معهد آخر. فقد تكون وسائل حياة الطالب موفورة في بعض الجهات دون بعض، وقد تكون هناك اعتبارات أخرى كوجود الطالب مع من يعوله أو يلي أمره، فمن الضروري أن تراعى في القانون المذكور هذه الاعتبارات؛ حتى لا يحال بين العلم والراغبين فيه. (المطلب الحادي عشر) : (جعل الامتحانات على دورين في السنة الواحدة حسب المتبع في المدارس) . إذا راعينا كثرة المواد المقررة في سني الدراسة بالأزهر، والكتب التي تدرس فيها تلك المواد، وغزارة مادتها وحاجتها إلى البحث المطرد والتعمق فيه، نجد أن من اللازم لمصلحة العلم والطلبة أن يكون هناك امتحانان أحدهما في آخر السنة الدراسية الماضية، وثانيهما قبل بدء العام الدراسي المقبل، ولكل شخص الحق في دخول أي الامتحانين، على أن لا يعتبر الثاني ملحقًا للأول، ويكون لمن رسب في الامتحان الأول ولو في كل المواد أن يدخل الامتحان الثاني، وما دامت الغاية من الامتحان هي أن يتأكد من إحاطة الطالب بالمواد التي درسها فلا على ولاة الأمور أن يكون ذلك في أي الامتحانين، مع مراعاة أن إعطاء الطلبة هذا الحق يفتح باب الأمل لمن يخونهم الحظ في آخر العام لأسباب، قد لا يكون في وسعهم دفعها ،فتهيأ لهم الفرصة؛ ليتمكنوا من حفظ عام من حياتهم، وفي ذلك أيضًا تخفيف العبء عن ولاة أمور الطلبة في الإنفاق عليهم، سيما من الطبقات غير الغنية، وذلك ما لا يحسن إهماله لمصلحة العلم والمتعلمين. (المطلب الثاني عشر) : (انتقاء الكتب وتعديل البرامج بما يتناسب مع حاجيات العصر الحاضر والتقدم العلمي الحالي) . يعد هذا الطلب من لوازم الإصلاح المنشود، فإن الكتب المقررة الآن بالأزهر قد ألفت في عصور سابقة، تختلف حالتها كثيرًا عن حالة هذا العصر , فالأسلوب الذي كتبت به، والأبحاث التي تناولتها يحتاجان إلى كثير من التهذيب والتنقيح، ليتفق ذلك مع حاجيات هذا الزمن. ففي التوحيد مثلاً لا تزال تدرس الكتب التي تبحث مذاهب السوفسطائية، وما عليها من ردود مع انقراض هذه المذاهب وأصحابها، وقد كان الواجب أن يُعنى بمذاهب الإلحاد التي تفشت في هذا العصر، فتدرس ماهيتها وطرق دحضها والرد عليها، وفي علوم البلاغة ندرس كتبًا لا نجاوز الحد، إذا قلنا: إنها معقدة لا تعين الطالب على فهم روح العلم، وهي مع ذلك تأخذ من وقته أكثر مما يأخذ منها، وبإجمال فإن كثيرًا من الكتب المقررة بالأزهر تحتاج إلى تهذيب أو استبدال. ولا ريب أن الميول إذا اتجهت إلى سد هذا النقص وجدت ذلك من الميسور، فإن للعرب مؤلفات قيمة تتفق مع حالة العصر، وما لا يوجد من ذلك فمن الممكن أن تقوم به لجنة تناط بها هذه الغاية، وفي مصر من الرجال الأكفاء في الفنون المختلفة من يؤدي ذلك على أكمل وجه. وأما تعديل البرامج فإنا نطلبه؛ ليسير الأزهر جنبًا إلى جنب مع أكبر المعاهد العلمية، وليعلم المتعنتون أنا لسنا جامدين، وأنا على استعداد لأن يستفيد الأزهر من كل تقدم علمي في الخارج؛ ليحتفظ بمجده الخالد، وليبقى معهد الشرق العظيم كما كان في سالف الأيام. *** الخاتمة وبعد، فقد وضحنا مطالب الأزهر بعد أن صورنا متاعبه وآلامه، ولا ريب ولا ريب أن قارئها الكريم وجد فيها آية الحق الواضح، ولمس برهان العدالة الناصع، ومن أجل ذلك لا يخامرنا الشك في أنها ستَلقى تعضيدًا يُشعر الأزهريين أن العدل لا يعدم أنصارًا يذودون عنه، ويساعدون على أن يسود، ولولا اعتقادنا أن للحق صولة على الأفئدة، وسلطانًا مهيمنًا على النفوس، لكان لنا مندوحة عن الشكوى، ولكنا بسطنا هذه الأدواء وشفعناها بأدويتها الناجعة، ولا شفيع لنا غير ما تضمنته من الحقائق، فإلى كل غيور نزجيها على هذه الصفة، وعليها يرحب الأزهر بمن يتقدم لنصرته وإرجاع مجده إليه، وفق الله الجميع إلى ما فيه الخير العام. عبد الوكيل جابر، محمد فهمي السيد، عبد اللطيف محمد السبكي، مصطفى العطيفي، كامل محمد حسن، محمود حسين مهدلي، علي محمد حسن، جاد سليمان محمد محمد الجسر، عبد الحميد مطاوع، منصور علي رجب، عبد الحكيم أبو المعالي، طه علي طه، محمد عبد الله أبو النجا، محمود عبد الدايم، حامد عوني، محرز السباعي، أحمد علي أحمد، عبد الفتاح محمد، عبد الحميد عباس، الأبحر، صالح موسى، محمد الفحيل، محمد أبو الحسن، محمود خليفة، محمود الخولي، عبد العظيم المسلاوي، حسين مشرف، نصار شديد، محمود ربيع، أحمد هنداوي، محمود نعيم جاد، مشهر أحمد هندي، علي علي الطباخ، علي محمد عامر، زكريا حسن مكاوي، محمد الأباصيري، محمود عوض، محمد منير محمود، عبد الرحمن النواوي، أحمد الكومي، عبد العظيم سالم حسين السيد عبد الله، أحمد طالب عبد الله، حسن سيد أحمد البخشونجي , انتهى. ((يتبع بمقال تالٍ))