كتب التاريخ العصرية في مصر وسورية كنا من أول العهد بهجرتنا إلى مصر منذ ثلث قرن نعجب لتقصير المصريين في تأليف كتب لتاريخ هذا القطر وغيره على الطريقة العلمية الحديثة، التي درسوها وعرفوا فلسفتها ومناهجها وأساليبها، ثم زال العجب فرأينا القوم ينسلون للتأليف في أنواع هذا التأريخ من كل حدب، وقد قرَّظنا في العام الماضي كتاب (حوليات مصر السياسية) لصاحب السعادة صديقنا أحمد شفيق باشا، ثم صدر في هذه الأيام (الحولية الثالثة) من هذه الحوليات، وهي تدخل في المجلد السادس من تاريخه الكبير، إذ كانت الأولى والثانية في الجزأين ٤و٥ وهما لحوادث سنتي ١٩٢٤ و١٩٢٥، فالثالثة لحوادث ١٩٢٦ وثمن هذا الجزء ثلاثون قرشًا يُضاف إليها أجرة التجليد والبريد لمن طلبه من الخارج وهو يباع في مكتبة المنار. (تواريخ سعادة أمين سامي باشا) أمين سامي باشا عالم نحرير، ومؤرخ محقق، ومهذب متدين، ولعله فاق جميع علماء فن التربية والتعليم عندنا في الجمع بين العلم به والعمل، وقد خدم وزارة المعارف عشرات السنين خدمة جليلة من أهمها نظارة مدرسة دار العلوم التي يتخرج فيها معلمو الدين والفنون العربية في جميع المدارس الأميرية، فكانت التربية في عهده خيرًا مما آلت إليه من بعده، على ما كان من مراقبة الإنكليز للمدارس التي كان من مقاصدها الخفية إطفاء نور الإسلام، والوقوف بالعلم عند حدود التقليد ومظاهر النظام؛ ولعله لو ظل ناظرًا لها إلى اليوم لما تفرنج طلابها في الأزياء، ولما نزعوا العمائم وتركوا الصلاة! لا أقول كلهم، بل أكثرهم أو كثير منهم. وقد أخرج للناس في شيخوخته كتابين جليلين لم يسبقه إلى مثلهما سابق، وهيهات أن يدركه في موضوعهما لاحق: (الأول: كتاب التعليم في مصر) وهو كتاب جامع لما يهم العلماء والخواص معرفته من أحوال التعليم في مصر في العصور الأولى بالإجمال، وفي هذا العصر بالتفصيل، وقد وضع فيه لحالة المدارس في أيامنا إحصاء دقيقًا في جداول متنوعة يرى المطلع عليها عدد المشتغلين بالتعليم ونسبتهم إلى الألف على مقدار انتشار التعليم في كل محافظة أو مديرية بالنسبة إلى سكانها، وعلى نسبة المصريين والمصريات الذين في مدارس الأجانب، ونسبة الأجانب الذين في المدارس المصرية، ونسبة المحرومين من التعليم إلى المتعلمين من بالغي سن التعليم الأولي والابتدائي إلى غير ذلك من البيانات المفيدة التي تظهر من الجداول الإحصائية الموضوعة بدقة لا يعادلها إلا الحذق في استخراج النتائج منها، وفيه بيان مناهج التعليم كلها ولوائح الشهادات والدبلومات من وقت تقريرها إلى الآن، ويزدان بعشرات من الصور لولاة الأمور ووزراء المعارف وأعضاء البعثات التي أرسلتها الحكومة إلى أوربة، فهو كتاب لا نظير له، ولا غنى عنه، وهو مطبوع في المطبعة الأميرية على ورق جيد من القطع الكامل، ومجلد بالقماش تجليدًا حسنًا، وثمنه جنيه مصري. (الثاني: كتاب تقويم النيل وعصر محمد علي باشا) وهو جزآن: الأول منه مؤلف من مقدمة في ١٣٤ صفحة ما عدا الخرائط تضمنت كل الحقائق المتعلقة بأمر النيل، وفيها رسوم (خرائط) ملونة تمثل حركات الرياح، وضغط الجو، وبحيرة تسانا، ومخارج الأنهر التي تسبب الفيضان، ووقوع الأمطار، ويلي المقدمة المقصد الأول من الكتاب وهو تقاويم النيل من ابتداء السنة الأولى من الهجرة إلى سنة ٩٢٢هـ ٦٢٢م، ويليه المقصد الثاني، وهو الفوائد التاريخية الصحيحة وسلسلة تاريخ مصر على التفصيل وتاريخ الخلافة الإسلامية على الوجه العام في ذلك الزمن كله، وصفحاته ٢٥١ وهو كسابقه طبعًا وقطعًا وتجليدًا، وثمنه جنيه مصري. (الجزء الثاني منه) وهو يشتمل على ما علم من أمر النيل في كل سنة ابتداء من سنة ٩٢٣هـ لغاية سنة ١٢٦٤ هـ (١٥١٧ م إلى ١٨٤٨م) وصحفه حافلة بالفوائد التاريخية المحققة الدقيقة الصحيحة في ذلك الزمن، وبالأخص عصر محمد علي باشا، الذي أُنقذت مصر في عهده من وهدة الانحطاط التركي، وارتقت مرتبة عالية من مراتب الرقي. وهو مزدان بإحدى وخمسين صورة من صور محمد علي باشا، وصور رجال عصره النادرة مع نهاية الإتقان والوضوح، وصحفه ٦٢٢ صفحة، وطبعه كسابقه من كل وجه، وثمنه ١٥٠ قرشًا، وتُطلب هذه الكتب كلها من مكتبة المنار في شارع الإنشاء بمصر.