للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


إحصائية عن الطلاق في أمريكا

إن الولايات المتحدة هي بلاد الإحصائيات، وكل شؤونها يعبر عنه بالملايين
وإذا كان الأمريكيون قد أحصوا مظاهر الجو وعدد السيارات التي يملكها الأفراد،
وكل ما يختص بالأشغال التجارية والألعاب الرياضية إلخ، فقد حُقَّ لهم أن يحصوا
أيضًا أحوال الزواج والطلاق وهي تفوق غيرها شأنًا.
ولم تعبأ حكومة الولايات المتحدة بأية نفقة وأي جهد في سبيل الإحصاء، قد
أجرت إحصاء خاصًّا بالزواج خمس مرات في المدة الواقعة بين سنة ١٨٧٦ وسنة
١٩٢٣ وظهر اهتمام الناس بهذا الإحصاء، ولا سيما أنه صدر بجانب الأرقام
الجافة مذكرة تفسيرية شائقة، ويمكن شراء كليهما بمبلغ زهيد قدره عشر سنتات
(أي نحو عشرين مليما) فيلقي الأمريكي بذلك نظرة عامة على الحالة الاجتماعية في
بلاده، وقد ذكر الإحصاء أسباب الطلاق، ولكنه للأسف لم يبين أسباب الزواج
أيضًا، ولو فعل لكان أمرًا شائقًا يدعو إلى دراسة عميقة.
وقد عقدت في سنة ١٩٢٣: ٣٧٣ , ٢٢٤ ,١ زواجًا، فإذا اعتبرنا من
تخطى الخامسة عشرة من عمره كفئًا للزواج كان المتزوجون في الولايات المتحدة
٤.٤١ في الألف من الأكفاء للزواج.
وفي نفس السنة حصل ٢٢٦.١٦٥ طلاقًا، وقد فاق هذا العدد مثله في كافة
السنوات السابقة، وكانت نسبة الطلاق في سنة ١٨٧٠: ٨١ طلاقًا لكل مائة ألف
من السكان المتزوجين، أما في سنة ١٩٢٣ فقد بلغت هذه النسبة ١٦٠ في المائة
ألف ومن ال ٢٢٦. ١٦٥ طلاقًا الذي حدث في سنة ١٢٩٣ - - ٥٨٢. ١١١حادثة
كان فيها الرجل هو المذنب و٥٣. ٢٧ حادثة كانت المرأة هي المذنبة، فالرجل
إذن يسبب الطلاق في ٦٧. ٨ في المائة من حوادثه.
ولكن أسباب الطلاق هي أهم جزء من إحصاء الحكومة الأمريكية، وقد
قسمتها إلى سبعة أنواع، وقد يقسم أيضًا بعضها، هذه الأسباب هي الخيانة الزوجية
والقسوة (وتحت هذه ستة عشر نوعًا) والهجران بسوء القصد، والإدمان على
السكر (ومنه تعود المخدرات) ، وإهمال القيام بالنفقة البيتية، والنوع الثالث هو
اختلاط بعض الأنواع السابقة والسابع يضم جميع الأسباب الأخرى (ومنها الأسباب
غير المعروفة) .
وكان أكثر حوادث الطلاق مسببة عن القسوة، وقد بلغت حوادثها ٥٨١٧٨
في سنة ١٩٢٣ وكانت أقلها حوادث الطلاق بسبب الإدمان على الخمر ومثلها،
وكان عددها ٢١٣٩.
وقد بيَّن الإحصاء أيضًا مدد الزوجيات التي انتهت بالطلاق ويظهر منه أن
وقت الخطر الذي يبتدئ فيه هو عقب السنة الثالثة من الزواج، ولكن قد تكثر
حوادث الطلاق أيضًا بعد السنة الرابعة أو التاسعة من الحياة الزوجية ثم تقل كثيرًا
بعد ذلك وتكون الحياة الزوجية قد تأسست وقويت، ويقل الحصول الطلاق بعد أن
تمضي عشرون سنة على الزواج، ولكن لا أمان أيضًا في هذه السن، فإن
الإحصاء دل على حوادث طلاق وقعت بعد أن مضى على الزواج إحدى وعشرون
سنة أو أكثر.
وأكثر حوادث الطلاق وقعت في السنوات العشر التالية للزواج، هي ثلثا
مجموع الإحصاء ويبين الإحصاء أن معظم حوادث الطلاق تسببها القسوة في
السنوات الثلاث الأولى للزواج، وفي الأحوال التي تكون المرأة هي المذنبة يكون
سبب الطلاق في أكثرها هو خيانتها لرابطة الزوجية، وأكثر ما يحصل ذلك منها
في السنوات الأولى للزواج، وأما الرجل فيندر أن يخون زوجته كما يظهر من
الإحصاء في العهد الأول للحياة الزوجية وإنما تكثر خيانته من السنة الخامسة لعقد
الزواج إلى السنة التاسعة عشرة، ولكن القسوة من جانب الزوج تكثر في السنوات
الثلاث الأولى ثم تقل بعد ذلك، وأما الهجر والإدمان فعلى العكس.
والآن لننظر ماذا نال الأطفال من جراء حوادث الطلاق ومن الزوجيات
التي انتهت بالطلاق في سنة ١٩٢٣ وعددها ١٦٤٦٠٩ كان ٩٢١٤٠ دون أطفال أي
٥٦ في المائة وفي ٥٧٥٧٦ حالة منها كان للزوجين المطلقين أطفال، ولم
يدرك الإحصاء حالة ال١٤٨٩٣ الباقية، ومما تجدر ملاحظته أن المرأة كانت توافق
على الطلاق إذا كانت لها أطفال أكثر مما لو لم يكونوا لها، وفي الـ ٥٧٥٧٦
من الأحوال التي كان فيها للمطلقات ١٠٦٠٣٤ طفلاً حكم في ٤٣٢٤٩ حالة منها
بأن تحضن الأم أطفالها.
ولكن ليست هذه الأرقام والنسب هي كل ما حواه الإحصاء الأمريكي الدقيق
بل لقد ذكر أيضًا إحصاءات بالنسبة لكل ولاية أمريكية مما لا يهم القراء.