(بيع الدائرة السنية) اجتمع مجلس النظار يوم السبت الماضي تحت رئاسة الجناب العالي، وكان المنتظر أن تحصل المذاكرة في بيع سكة حديد السودان فلم تحصل، لكن المجلس أقر على بيع الدائرة السنية التي هي أهم من سكة الحديد من الوجه المالي والإداري، وإن كانت هذه تفوق من الوجه السياسي كل الأعمال المالية التي حصلت في مصر في عهد الاحتلال، كان أشيع أولاً إقرار الحكومة المصرية على بيع الدائرة السنية بمبلغ ستة ملايين وأربعمائة ألف جنيه (وهو مقدار الدين الذي على الدائرة السنية) بشروط مخصوصة بينها وبين الشروط التي أقر عليها الآن فرق كبير، ومحصل ما تم عليه الاتفاق الآن أن الشركة - التي نصف رأس مالها من الإنكليز (الخواجات .... [١] كسل، وشركاؤهم أصحاب رأس مال الخزان العمومي) ونحو ربعه من المصريين، والباقي من جماعة من الفرنسويين والألمانيين - تُصدر سهامًا بقيمة ٦٠٠ ألف جنيه تعطى ٥٠٠ ألف جنيه منها للحكومة، وتبقى مائة ألف جنيه لإدارة الأعمال، والحكومة تعطيها ٣١ في المائة ربًا على الخمسمائة ألف جنيه، ويقتسمان الأرباح مناصفة بعد طرح ٥ في المائة أولاً لأصحاب السهام، فائدة ما لهم ومنها ٣١ في المائة المذكورة آنفاً، وبعد طرح النفقات كما هو ظاهر. وستدفع الشركة الخمسمائة ألف جنيه للحكومة في شهر أغسطس (آب) المقبل، ولا يحسب هذا المبلغ من أصل الثمن، وتدفع في شهر يوليو (تموز) من سنة ١٨٩٩ القادمة ٢١٥٠٠٩٠ جنيه، تأخذ بنسبتها من الثمن أراضي وأملاكًا تعرضها للبيع قطعاً، ثم بعد ذلك تدفع في كل سنة ثلاثمائة ألف جنيه وتأخذ بنسبتها أملاكًا وأراضي إلى سنة ١٩٠٥، تدفع باقي الثمن الذي ذكرنا مقداره. وكيفية البيع تحصل بتعيين الحكومة أثمان الأراضي والتفاتيش، وعرضها على الشركة، فإن لم تقبل بها تعرضها الحكومة للبيع العلني، وما يزيد عن الثمن الذي عينته يكون ربحًا لها. وبعد تمام المدة الباقية للدائرة السنية يتعين على الشركة أن تشتري كل أطيانها وإلا عاد للحكومة. وستكون إدارة الشركة في لندرة، ولها شعبة في مصر تتولى إدارة الأعمال. ورؤساء القسم الوطني من الشركة الخواجات سوارس وقطاوي وشركاؤها، وأصحاب السعادة سيوفي باشا وشواربي باشا وحسن بك عبد الرزاق وعلي بك شعراوي، وقد تكاثر طلاب الاشتراك من المصريين في السهام التي تصدرها الشركة بقيمة ٦٠٠ جنيه كما ذكرنا، وحيث لم يخصص للمصريين إلا نحو ربعها أسقط الخواجة سوارس طلب الأكثرين. *** (الاستعداد لفتح السودان) ذكرت إحدى الجرائد اليومية أنه وصل من إنكلترا إلى جيش الاحتلال مقادير عظيمة من الديناميت، وكثير من المهمات والذخائر، فأرسلت تباعًا إلى السودان لاستعمالها في فتح الخرطوم ودك أسوارها ومعاقلها. تسير الجنود المصرية والإنكليزية من القاهرة تباعًا إلى السودان، لأجل الاستعداد للزحف على الخرطوم وأم درمان، ويسافر مساء اليوم سعادة السردار إلى الحدود، ويسافر في أطواء الأسبوع إلى بربر اللورد إدوارد سسل نجل اللورد سالسبوري الذي كان ملحقًا بأركان حرب السرادار في حملة السودان الأخيرة، وهو الآن في القاهرة. *** كنا ذكرنا أن فرنسا سيرت حملة إلى السودان عن طريق النيل الأعلى (حملة مرشان) ، وما زالت أخبار تلك الحملة تطفو وترسب، ولا يعلم عنها شيء يقيني، وكان أشيع من مدة أنها وصلت إلى فشودة، ويؤخذ من بعض الجرائد الأوروبية الآن ما ترجح أنها وصلت لنفس الخرطوم، وفي أثرها مدد معلوم، والمستقبل يظهر كل مكتوم. *** (ثورة اليمن) من أخبار بريد أوروبا أن الفريق حقي باشا عين مشيرًا للفيلق الهمايوني الخامس في دمشق الشام خلفًا لعبد الله باشا الذي تقرر إرساله إلى اليمن لإخماد الثورة فيها، وقد زعمت بعض الجرائد الأوربية أن عبد الله باشا أَبَى الذهاب إلى اليمن، لكن بريد سوريا الأخير أفاد أن دولته كان على أهبة السفر، ولعله قد سافر الآن. *** (تلغراف الحجاز) جاء في جريدة (ثمرات الفنون الغراء) نقلاً عن جرائد الآستانة أنه قد تقرر تشييد مخافر بين المدينة المنورة وبين دمشق الشام، للمحافظة على الخط البرقي المَنْوِيّ مده بينهما، وتعيين خفراء له من مشايخ العربان ومن الجند. وبعد ذلك يمد الخط إلى اليمن، والمذاكرات جارية بتخصيص المبلغ اللازم لذلك. *** (والد وولد) كان السنيور (فنسنت هواريا مارتينس) يقطن عدد ٢٢٨ في الشارع الحادي والعشرين غربًا بمدينة نيويورك، وهو أسباني المولد، كان منذ عهد غير بعيد يتجر بالخمر الأسباني، ولكنه بعد ذلك استخدم في إحدى شركات ضمانة الحياة، واشتهر بالصدق والأمانة، وكانت قرينته قد أصيبت بمرض عضال، فسافرت إلى بلادها، وهناك توفيت مؤخرُا، فحزن الرجل حزنًا عظيمًا، واستدعى نجله المدعو (ريشار) وابنته الوحيدة، وأخبرهما أنه يرغب العودة إلى الوطن؛ للانتظام في سلك الجندية الأسبانية، وطلب منهما أن يذهبا معه فينتظم ولده أيضًا في سلك الجندية، وابنته تدخل في صف الممرضات في خدمة الجيش، فتطير الولدان عند سماعهما هذا الخبر، وأوضحا لوالدهما أنهما لا يرغبان بالعود إلى الوطن، وقال: إنني أميركي، ومن الشهامة أن أدافع عن وطني، وقالت الابنة: وأنا كذلك، فمن أكبر واجباتي أن أقصد الجيش الأميركي لتمريض جنوده، وهكذا عظم الخلاف بين الوالد وولديه، وكاد يفضي بينهم إلى الضرب لولا مداخلة الجيران. وأما الوالد فسافر إلى وطنه، وأراد أن يودع ابنه الذي لم يودعه، ولكنه خاطبه قائلاً: إذ لم تقصد كوبا فأنت جبان، وهناك سألتقي بك وأذيقنك من ضربات حسامي الموت الأحمر، فاستعد أيها الأسباني لمقابلتي، وكن على حذر. وبعد سفر الوالد ذهب فانخرط في العسكرية الأميركية، وكذلك الابنة (السي) تطوعت مع الممرضات، وربما يجدان والدهما هناك. ... ... ... ... ... ... ... ... ... (كوكب أميركا)