اتفق أن تأخر صدور هذا الجزء من المنار عن تاريخه المبين في الصفحة الأولى إلى أن فاجأنا قبل طبع هذه الكراسة الأخيرة منه نبأ البرقيات العامة باغتيال شرير أثيم، وشيطان رجيم، للملك المصلح العظيم، السياسي الحكيم، وأبي الشعب البر الرحيم، الغازي محمد نادر خان، ملك الأفغان، فكان لنبأ اغتياله دهشة واضطراب، وحسب له المفكرون كل حساب، وأول ما حسبوه وقدروه أن هذا الأمر الإمر، والحادث المنكر، من كيد أمان الله خان الملك الطريد وحزبه حزب الإلحاد والإفساد، وأنه يخشى أن تتجدد بذلك الفتنة والثورة في تلك البلاد، فإن صح هذا وكان لهذا الحزب بقية نفوذ في أفغانستان، خشينا أن يعقب هذه الجريمة جرائم، وأن تجر هذه الجريرة وراءها عدة جرائر، ويشتد التنازع فيها بين الإيمان والكفر، والعرف والنكر، والفضيلة والرذيلة، والصيانة والإباحة، حماها الله وحفظها من ذلك. جاء النبأ العظيم يوم الخميس ٢٠ رجب فأقبل العلماء والأمراء والوزراء والوجهاء على دار السفارة الأفغانية في العاصمة يعزون وزيرها المفوض الأستاذ محمد صادق المجددي الذي هو خير ممثل لهذا الملك المسلم المجدد لهداية الإسلام وحضارته، ويسألونه عما ورد عليه من الأخبار الرسمية، وظلوا يترددون على دار السفارة ثلاث ليال وثلاثة أيام من بعد صلاة العصر إلى منتصف الليل، ويكرر كل فوج منهم السؤال في كل وقت عن أنباء الفجيعة، وعن حال البلاد بعدها من حيث السكينة والطمأنينة فكانت البرقيات كل يوم باعثة على الاطمئنان، وإجماع الأمة على مبايعة نجل الغازي الشهيد محمد ظاهر خان، وهو شاب يافع يناهز العشرين. وقد بشرنا الوزير المجددي بحسن تربيته الإسلامية العسكرية فنهنئه ونعزيه داعين له بأن يكون خير خلف لوالده في إقامة دين الإسلام، وحضارته الجامعة بين القوة والثروة والفضيلة والعرفان، ونسأله تعالى أن يتغمد سلفه الغازي الشهيد بالرحمة والرضوان. وقد أخرنا بعض ما كان جمع من هذا الجزء لإيداعه هذا النبأ وشعور المسلمين به وفيه، وسنعود إلى الموضوع، وذكر بعض مناقب نادر خان في الجزء التالي، إن شاء الله تعالى. ((يتبع بمقال تالٍ))