للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: حسين وصفي رضا


إلى مشتركي المنار

كلمة شكوى
لقد رأينا من مطل كثير من المشتركين في السنين الأخيرة عجبًا! ولئن كان
قولنا يشمل كل بلد فيه مشتركون للمنار فإنه موجه بنوع خاص إلى مشتركي القطر
التونسي إلا قليل منهم، وإلى معظم مشتركي الجزائر، هؤلاء وأولئك نكتب لهم في
المجلة التذكير تلو التذكير فلا يبالون ولا يتذكرون! حتى إننا في الآونة الأخيرة
وضعنا لهم فقرة دائمة على غلاف المجلة وكتبنا لهم كتابات خاصة فيها بيان لما
عليهم فلم يحقق أحد منهم لنا أملا، وما كنا نحس أن قارئًا يقرأ المنار وكله عظات
ونذر وحث على التأسي بأسلافنا الكرام بأعمالهم - يسهل عليه أن يكون من أهل الليّ
والمَطْل، والإعراض عن التذكير بأداء الحقوق.
إننا نعيذ أهل هذين القطرين أن يكونوا متعمدين لهذا السكوت الطويل الذي لم
نستطع له تأويلا، وحاشاهم أن يكونوا ممن يأكلون أموال الناس بالباطل وفيهم
العلماء والقضاة والمحامون وكبار موظفي الحكومة، وهؤلاء هم عنوان ارتقاء الأمة
وأنموذج المجد فيها، وإنه ليسهل علينا أن نتلمس لهم في كل يوم عذرًا دون أن
نرميهم بمرجمات الظنون، فعسى أن يكونوا عند حسن ظننا بهم وأن تكون هذه
الفقرة أخرى كلمات الشكوى منهم، وأن يكون ما بعدها أولى كلمات الشكر لهم.
وإننا لنأسف أن يصبح مشتركو روسيا ممن يُشتكى منهم وهم الذين لم يُذكَروا
في الماضي إلا بالشكر والثناء، فلقد مرت سنين ثلاث وكثيرون منهم لم يبعثوا إلى
إدارة المجلة بما عليهم، هؤلاء هم الذين كنا نباهي بهم ونعد مسارعتهم إلى أداء
الحقوق عنوانًا على احتفاظهم بكثير من الفضائل الإسلامية ولقد يعز علينا أن يتزلزل
اعتقادنا فيهم فإننا بتنا في حيرة من أمرهم ولا سيما بعد أن كتبنا لهم تذكيرًا في جريدة
(وقت) التي تصدر في أورنبورغ مرتين فلم يزد ذلك أكثرهم إلا إعراضًا وتصاممًا.
وكذلك كانت الحال مع مشتركي جنوبي إفريقية والبرازيل والصين وبلاد
فارس وفريق من مشتركي جاوة والهند وسنغافورة فلقد كتبنا إليهم مُذكِّرين مبينين
لهم ما عليهم فلم تنفع الذكرى إلا الأقلين منهم.
ثم ما بال مشتركي السودان ارتضوا لأنفسهم في العهد الأخير ما كنا نجلهم
عنه؟ فقد كانوا من أفضل المشتركين وفاء، وأحسنهم أداء، حتى إننا في
السنين الماضية ما كنا نبعث لأحد منهم بتذكير خاص، بل كان من عادهم
المبادرة إلى الإرسال في أول شهر من شهور السنة، وكنا نعد من جملة الشواغل
الكثيرة في المحرم التوقيع علي حوالات مشتركي السودان، ولكنهم في هذا العام
وفي العام الماضي خالفوا سنتهم المحمودة، فبعثنا إليهم بمكتوبات خاصة مطالبين لهم
بما عليهم فلم يستجب لنا إلا القليلون.
أما مشتركو مصر فما زلنا نحمدهم على اعتدالهم فقد كانوا ولا يزالون على
وتيرة واحدة، يتذكرون إذا ذكروا ويعطون إذا طولبوا، ولكننا نشكو من بعضهم
ومن أهل الأقاليم ولا سيما مشتركي الوجه القبلي ومديريتي البحيرة والشرقية
ومحافظات دمياط والسويس وبورسعيد، فلقد مرت سنوات وهو لم يؤدوا إلى
المجلة حقًّا، فعسى أن يكون لهم أسوة حسنة بأهل العاصمتين مصر والإسكندرية.
وأما مشتركو سورية وفلسطين فهم من أحسن الناس وفاء، وإننا نشكر
لوكلاء مدنهما الكَمَلَة، فإنهم قد خدموا المنار أجلَّ خدمة، وعسى أن يكون مشتركو
بيروت وطرابلس الشام وحصن الأكراد وبغداد وجبل عامل أدوا ما عليهم
للوكلاء، ومن ليس لديهم وكلاء فليبعثوا إلينا بما عليهم مباشرة فنكون لهم من
الشاكرين.
هذا وإن في كل ما ذكرناه من البلاد ناسًا سبّاقين إلى الخيرات يبعثون بقيمة
اشتراك كل سنة قبل دخولها، فإلى هؤلاء نوجه عاطر الثناء ونخصهم بالتقريظ
والإطراء.
حسين وصفي رضا
***
(التأريخ الهجري الشمسي)
طبعت الكراسة الأولى من هذا الجزء وبقي فيها هذا التأريخ على ما كان عليه
خطأ لأن سنة ١٢٨٥ تصرمت ودخلت سنة ١٢٨٦.