وَخُلُودٍ. قَالَ أَحْمَدُ: الْمَعَادِنُ: هِيَ الَّتِي تُسْتَنْبَطُ، لَيْسَ هُوَ شَيْءٌ دُفِنَ.
وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ: (١٩٠٧) أَحَدُهَا، فِي صِفَةِ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ. وَهُوَ كُلُّ مَا خَرَجَ مِنْ الْأَرْضِ، مِمَّا يُخْلَقُ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ قِيمَةٌ، كَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْحَدِيدِ، وَالْيَاقُوتِ، وَالزَّبَرْجَدِ، وَالْبِلَّوْرِ، وَالْعَقِيقِ، وَالسَّبَجِ، وَالْكُحْلِ، وَالزَّاجِّ. وَالزِّرْنِيخِ، وَالْمَغْرَةِ. وَكَذَلِكَ الْمَعَادِنُ الْجَارِيَةُ، كَالْقَارِ، وَالنِّفْطِ، وَالْكِبْرِيتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ إلَّا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ.» وَلِأَنَّهُ مَالٌ يُقَوَّمُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَرْضِ، أَشْبَهَ الطِّينَ الْأَحْمَرَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ: تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِكُلِّ مَا يَنْطَبِعُ، كَالرَّصَاصِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ، دُونَ غَيْرِهِ. وَلَنَا، عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] وَلِأَنَّهُ مَعْدِنٌ، فَتَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ كَالْأَثْمَانِ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ لَوْ غَنِمَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ خُمْسُهُ، فَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ مَعْدِنٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ كَالذَّهَبِ. وَأَمَّا الطِّينُ فَلَيْسَ بِمَعْدِنٍ؛ لِأَنَّهُ تُرَابٌ. وَالْمَعْدِنُ: مَا كَانَ فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَصِفَتِهِ]
(١٩٠٨) الْفَصْلُ الثَّانِي، فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ وَصِفَتِهِ، وَقَدْرُ الْوَاجِبِ فِيهِ رُبْعُ الْعُشْرِ. وَصِفَتُهُ أَنَّهُ زَكَاةٌ. وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْوَاجِبُ فِيهِ الْخُمْسُ، وَهُوَ فَيْءٌ. وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ زَكَاةٌ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ كَالْمَذْهَبَيْنِ. وَاحْتَجَّ مِنْ أَوْجَبَ الْخُمْسَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ، وَلَا فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ، فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَالْجُوزَجَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَفِي رِوَايَةٍ: «مَا كَانَ فِي الْخَرَابِ، فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ» .
وَرَوَى سَعِيدٌ، وَالْجُوزَجَانِيُّ، بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرِّكَازُ هُوَ الذَّهَبُ الَّذِي يَنْبُتُ مِنْ الْأَرْضِ» . وَفِي حَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الرِّكَازُ؟ قَالَ: هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ الْمَخْلُوقَانِ فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ» . وَهَذَا نَصٌّ. وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: «وَفِي السُّيُوبِ الْخُمْسُ» .
قَالَ: وَالسُّيُوبُ عُرُوقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ. وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَظْهُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، أَشْبَهَ الرِّكَازَ. وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ فِي نَاحِيَةِ الْفَرْعِ، قَالَ: فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute