للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ الْغَدِ وَرِثْنَهُ كُلُّهُنَّ، وَإِنْ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ وَرِثَهَا؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَإِذَا جَاءَ غَدٌ أَقْرَعَ بَيْنَ الْمَيِّتَةِ وَالْأَحْيَاءِ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى الْمَيِّتَةِ لَمْ يَطْلُقْ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْيَاءِ وَصَارَتْ كَالْمُعَيَّنَةِ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَتَعَيَّنَ الطَّلَاقُ فِي الْأَحْيَاءِ فَلَوْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ الْأُخْرَى كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ

وَالْفَرْقُ بَيْنهمَا ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ وَقْتَ قَوْلِهِ فَلَا يَنْصَرِفْ قَوْلُهُ إلَيْهَا وَهَذِهِ قَدْ كَانَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ، وَإِرَادَتُهَا بِالطَّلَاقِ مُمْكِنَةٌ وَإِرَادَتُهَا بِالطَّلَاقِ كَإِرَادَةِ الْأُخْرَى، وَحُدُوثُ الْمَوْتِ بِهَا لَا يَقْتَضِي فِي حَقِّ الْأُخْرَى طَلَاقًا فَتَبْقَى عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ كَالْقَوْلِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، وَإِذَا جَاءَ غَدٌ وَقَدْ بَاعَ بَعْضَ الْعَبِيدِ أَقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبِيدِ الْأُخَرِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَبِيعِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُمْ شَيْءٌ.

وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ الْعِتْقُ فِي الْبَاقِينَ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ لَهُ تَعْيِينَ الْعِتْقِ عِنْدَهُمْ بِقَوْلِهِ: فَبَيْعُ أَحَدِهِمْ صَرْفٌ لِلْعِتْقِ عَنْهُ فَيَتَعَيَّنُ فِي الْبَاقِينَ، وَإِنْ بَاعَ نِصْفَ الْعَبْدِ أَقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَاقِينَ، فَإِنْ وَقَعَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَلَيْهِ عَتَقَ نِصْفُهُ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ إلَّا نِصْفُهُ.

[فَصْلٌ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَمَتِي حُرَّةٌ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ وَنَوَى بِذَلِكَ مُعَيَّنَةً]

(٦٠٤٤) فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَمَتِي حُرَّةٌ، وَلَهُ نِسَاء وَإِمَاءٌ وَنَوَى بِذَلِكَ مُعَيَّنَةً انْصَرَفَ إلَيْهَا، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً مُبْهَمَةً فَهِيَ مُبْهَمَةٌ فِيهِنَّ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا؛ فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَطْلُقُ نِسَاؤُهُ كُلُّهُنَّ، وَيَعْتِقُ إمَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ الْمُضَافَ يُرَادُ بِهِ الْكُلُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨] و {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: ١٨٧] وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ الْجَمَاعَةُ: يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مُبْهَمَةٍ وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ قَالَ: إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَإِحْدَاكُنَّ حُرَّةٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْوَاحِدِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَمْعِ إلَّا مَجَازًا وَالْكَلَامُ لِحَقِيقَتِهِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْهَا دَلِيلٌ وَلَوْ تَسَاوَى الِاحْتِمَالَانِ لَوَجَبَ قَصْرُهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَهَذَا أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ وَأُنْسِيَهَا]

(٦٠٤٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ وَأُنْسِيَهَا أُخْرِجَتْ بِالْقُرْعَةِ) أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَأُنْسِيَهَا أَنَّهَا تَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ فَيَثْبُتُ حُكْمُ الطَّلَاقِ فِيهَا وَيَحِلُّ لَهُ الْبَاقِيَاتُ وَقَدْ رَوَى إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تُسْتَعْمَلُ هَاهُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>