[فَصْلٌ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ]
(٣٨٧٦) فَصْلٌ: وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ، أَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ لِغَيْرِهِمَا فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا مِنْ سَيِّدِهِ، عَتَقَ فِي الْحَالِ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الَّذِي اشْتَرَاهُ حُرٌّ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِرِقِّهِ، وَفِي حَقِّ الْمُشْتَرِي اسْتِنْقَاذًا وَاسْتِخْلَاصًا، فَإِذَا صَارَ فِي يَدِهِ، حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ؛ لِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ، وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَرَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُمَا، فَدَفَعَا إلَى الزَّوْجِ عِوَضًا لِيَخْلَعَهَا، صَحَّ، وَكَانَ فِي حَقِّهِ خُلْعًا صَحِيحًا، وَفِي حَقِّهِمَا اسْتِخْلَاصًا، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ مَوْقُوفًا؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَدَّعِيه، فَإِنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ: مَا أَعْتَقْته. وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ: مَا أَعْتَقْته. وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ: مَا أَعْتَقَهُ إلَّا الْبَائِعُ وَأَنَا اسْتَخْلَصْته.
فَإِنْ مَاتَ وَخَلَّفَ مَالًا، فَرَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ قَوْلِهِ، فَالْمَالُ لَهُ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَدَّعِيه سِوَاهُ، لِأَنَّ الرَّاجِعَ إنْ كَانَ الْبَائِعَ، فَقَالَ: صَدَقَ الْمُشْتَرِي، كُنْت أَعْتَقْته. فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمَنِ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِإِقْرَارِهِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاجِعُ الْمُشْتَرِيَ، قُبِلَ فِي الْمَالِ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَدَّعِيه سِوَاهُ، وَلَا يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ. وَإِنْ رَجَعَا مَعًا، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَأَحَدِهِمَا، وَلَا يَعْرِفُ عَيْنَهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ.
وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُقَرُّ فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَدَّعِيه. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِذَلِكَ.
[فَصْلٌ أَقَرَّ لِرَجُلِ بِعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ]
(٣٨٧٧) فَصْلٌ: وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ، وَقَالَ: هَذَا الَّذِي أَقْرَرْت لَك بِهِ. قَالَ: بَلْ هُوَ غَيْرُهُ. لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيه، وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ عَبْدٌ سِوَاهُ. فَإِنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ، فَادَّعَاهُ، لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ. وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: صَدَقْت، هَذَا لِي الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ آخَرُ لِي عِنْدَك. لَزِمَهُ تَسْلِيمُ هَذَا، وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْآخَرِ.
[مَسْأَلَة مَاتَ فَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ أَوْ أُخْتٍ]
(٣٨٧٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ مَاتَ، فَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ أَوْ أُخْتٍ، لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْفَضْلَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ أَحَدَ الْوَارِثَيْنِ إذَا أَقَرَّ بِوَارِثٍ ثَالِثٍ، مُشَارِكٍ لَهُمَا فِي الْمِيرَاثِ، لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَتَبَعَّضُ، فَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ دُونَ الْمُنْكِرِ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِي حَقِّهِمَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُنْكِرٌ، وَلَمْ تُوجَدْ شَهَادَةٌ يَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ، وَلَكِنَّهُ يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي الْمِيرَاثِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُشَارِكُهُ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute