للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ تَحَاكَمَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ]

(٧٢٠٨) فَصْلٌ: وَإِنْ تَحَاكَمَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ، وَجَبَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا. بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ ظُلْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ.

[مَسْأَلَةٌ قَذَفَ بَالِغٌ حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ حُرَّةً مُسْلِمَةً]

(٧٢٠٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا قَذَفَ بَالِغٌ حُرًّا مُسْلِمًا، أَوْ حُرَّةً مُسْلِمَةً، جُلِدَ الْحَدَّ ثَمَانِينَ) الْقَذْفُ: هُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَا. وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] . وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: ٢٣] . وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْمُحْصَنَاتُ هَاهُنَا الْعَفَائِفُ.

وَالْمُحْصَنَاتُ فِي الْقُرْآنِ جَاءَتْ بِأَرْبَعَةِ مَعَانٍ؛ أَحَدُهَا هَذَا. وَالثَّانِي: بِمَعْنَى الْمُزَوَّجَاتِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] .

وقَوْله تَعَالَى: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النساء: ٢٥] . وَالثَّالِثُ: بِمَعْنَى الْحَرَائِرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] . وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] . وَقَوْلِهِ: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] . وَالرَّابِعُ: بِمَعْنَى الْإِسْلَامِ، كَقَوْلِهِ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: ٢٥] . قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إحْصَانُهَا إسْلَامُهَا. وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ قَذَفَ الْمُحْصَنَ، إذَا كَانَ مُكَلَّفًا.

وَشَرَائِطُ الْإِحْصَانِ الَّذِي يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِ صَاحِبِهِ، خَمْسَةٌ: الْعَقْلُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ، وَالْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا، وَأَنْ يَكُونَ كَبِيرًا يُجَامِعُ مِثْلُهُ. وَبِهِ يَقُولُ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، سِوَى مَا رُوِيَ عَنْ دَاوُد، أَنَّهُ أَوْجَبَ الْحَدَّ عَلَى قَاذِفِ الْعَبْدِ. وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالُوا: إذَا قَذَفَ ذِمِّيَّةً، وَلَهَا وَلَدٌ مُسْلِمٌ، يُحَدُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>