للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمُ إنْ عَلَّقَهُ بِشَهْرٍ يَقَعُ اسْمُهُ عَلَى شَهْرَيْنِ، كَجُمَادَى وَرَبِيعٍ، يَجِبُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَذْكُرَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ، مِنْ سَنَةِ كَذَا. وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَهْرٍ مُفْرَدٍ، كَرَجَبٍ وَشَعْبَانَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَهُ مِنْ أَيِّ سَنَةٍ. وَإِنْ عَلَّقَهُ بِيَوْمٍ، فَلَا بُدَّ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يُبَيِّنَهُ مِنْ أَيِّ أُسْبُوعٍ

وَإِنْ عَلَّقَهُ بَعِيدٍ مِنْ أَعْيَادِ الْكُفَّارِ، صَحَّ إذَا عَلِمَاهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، وَقَدْ مَضَى نَحْوٌ مِنْ هَذَا.

[فَصْلٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَنْ تَلِيَ الْعَقْدَ]

(٤١٥٦) فَصْلٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَنْ تَلِي الْعَقْدَ، بَلْ لَوْ أَجَرَهُ سَنَةَ خَمْسٍ، وَهُمَا فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ، أَوْ شَهْرَ رَجَبٍ فِي الْمُحَرَّمِ. صَحَّ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مَنْ هِيَ فِي إجَارَتِهِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ فِي الْحَالِ، فَأَشْبَهَ إجَارَةَ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَ بَعِيرًا بِعَيْنِهِ إلَّا عِنْدَ خُرُوجِهِ؛ لِذَلِكَ

وَلَنَا أَنَّ هَذِهِ مُدَّةٌ يَجُوزُ الْعَقْدُ، عَلَيْهَا مَعَ غَيْرِهَا، فَجَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُفْرَدَةً مَعَ عُمُومِ النَّاسِ، كَاَلَّتِي تَلِي الْعَقْدَ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ عِنْدَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ وَلَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ غَيْرَ مَشْغُولَةٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِمَا إذَا أَجَرَهَا مِنْ الْمُكْتَرِي، فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ مَا ذَكَرُوهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ إنْ كَانَتْ عَلَى مُدَّةٍ تَلِي الْعَقْدَ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ ابْتِدَائِهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَلِيه، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ابْتِدَائِهَا، لِأَنَّهُ أَحَدُ طَرَفِي الْعَقْدِ، فَاحْتِيجَ إلَى مَعْرِفَتِهِ، كَالِانْتِهَاءِ

وَإِنْ أَطْلَقَ. فَقَالَ: أَجَرْتُك سَنَةً، أَوْ شَهْرًا. صَحَّ وَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ. وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يَصِحُّ حَتَّى يُسَمِّيَ الشَّهْرَ، وَيَذْكُرَ أَيَّ سَنَةٍ هِيَ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ: إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا شَهْرًا، فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُسَمِّيَ الشَّهْرَ. وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: ٢٧] . وَلَمْ يَذْكُرْ ابْتِدَاءَهَا

وَلِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ بِمُدَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قُرْبَةٌ، فَإِذَا أَطْلَقَهَا، وَجَبَ أَنْ تَلِيَ السَّبَبَ الْمُوجِبَ، كَمُدَّةِ السَّلَمِ وَالْإِيلَاءِ، وَتُفَارِقُ النَّذْرَ؛ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ.

[فَصْلٌ لَا تَتَقَدَّرُ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ]

فَصْلٌ: وَلَا تَتَقَدَّرُ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، بَلْ تَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُدَّةَ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا وَإِنْ كَثُرَتْ. وَهَذَا قَوْلُ كَافَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. إلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ اخْتَلَفُوا فِي مَذْهَبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَهُ قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا، كَقَوْلِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>