للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٣] . فَأَضَافَ الْبُيُوتَ إلَيْهِنَّ تَارَةً، وَإِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُخْرَى، وَقَالَ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] . وَقَالَ عُمَرُ، لِلَّذِي قَالَ لَهُ: إنَّ غُلَامِي سَرَقَ مِرْآةَ امْرَأَتِي: لَا قَطَعَ عَلَيْهِ، عَبْدُكُمْ سَرَقَ مَالَكُمْ. وَيُفَارِقُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا.

[مَسْأَلَة شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ]

(٨٣٨٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَشَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ جَائِزَةٌ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَع أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْأَخِ لِأَخِيهِ جَائِزَةٌ. رُوِيَ هَذَا عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ الثَّوْرِيِّ، أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ.

وَعَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَخِيهِ إذَا كَانَ مُنْقَطِعًا إلَيْهِ فِي صِلَتِهِ وَبِرِّهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ فِي النَّسَبِ، وَتَجُوزُ فِي الْحُقُوقِ. وَلَنَا عُمُومُ الْآيَاتِ، وَلِأَنَّهُ عَدْلٌ غَيْرُ مُتَّهَمٍ، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا بَعْضِيَّةً وَقَرَابَةً قَوِيَّةً بِخِلَافِ الْأَخِ.

[فَصْل شَهَادَةُ الْعَمِّ وَابْنِهِ وَالْخَالِ وَابْنِهِ وَسَائِرِ الْأَقَارِبِ]

(٨٣٨٩) فَصْلٌ: وَشَهَادَةُ الْعَمِّ وَابْنِهِ، وَالْخَالِ وَابْنِهِ، وَسَائِرِ الْأَقَارِبِ، أَوْلَى بِالْجَوَازِ؛ فَإِنَّ شَهَادَةَ الْأَخِ إذَا أُجِيزَتْ مَعَ قُرْبِهِ، كَانَ تَنْبِيهًا عَلَى شَهَادَةِ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ، بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

[فَصْل شَهَادَةُ أَحَدِ الصَّدِيقَيْنِ لِصَاحِبِهِ]

(٨٣٩٠) فَصْلٌ: وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الصَّدِيقَيْنِ لِصَاحِبِهِ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، إلَّا مَالِكًا، قَالَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِهَا، فَهُوَ مُتَّهَمٌ، فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، كَشَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ. وَلَنَا، عُمُومُ أَدِلَّةِ الشَّهَادَةِ، وَمَا قَالَهُ يَبْطُلُ بِشَهَادَةِ الْغَرِيمِ لِلْمَدِينِ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَإِنْ كَانَ رُبَّمَا قَضَاهُ دَيْنَهُ مِنْهُ، فَجَرَّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا أَعْظَمَ مِمَّا يُرْجَى هَاهُنَا بَيْنَ الصَّدِيقَيْنِ. فَأَمَّا الْعَدَاوَةُ، فَسَبَبُهَا مَحْظُورٌ، وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ شِفَاءُ غَيْظِهِ مِنْهُ، فَخَالَفَتْ الصَّدَاقَةَ.

[مَسْأَلَة شَهَادَةُ الْعَبْدِ]

(٨٣٩١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، إلَّا فِي الْحُدُودِ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَمَةِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>