صَحِيحٌ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ: هُوَ نِكَاحُ مُتْعَةٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا تَضُرُّ نِيَّتُهُ، وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَنْوِيَ حَبْسَ امْرَأَتِهِ وَحَسْبُهُ إنْ وَافَقَتْهُ، وَإِلَّا طَلَّقَهَا.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ]
(٥٤٩٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، لَمْ يَنْعَقِدْ النِّكَاحُ) . يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ سَوَاءٌ كَانَ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا، مِثْلُ أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا إنْ قَدِمَ أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، قَالَهُ فِي عَامَّةِ كُتُبِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَقَعَ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ شَرْطًا، وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَلَا يُسَافِرَ بِهَا
وَلَنَا، أَنَّ هَذَا شَرْطٌ مَانِعٌ مِنْ بَقَاءِ النِّكَاحِ، فَأَشْبَهَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ، وَيُفَارِقُ مَا قَاسُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعَ النِّكَاحِ.
[مَسْأَلَة نِكَاح الْمُحَلَّلِ]
(٥٤٩١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُحِلّهَا لِزَوْجِ كَانَ قَبْلَهُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ حَرَامٌ بَاطِلٌ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسَوَاءٌ قَالَ: زَوَّجْتُكَهَا إلَى أَنْ تَطَأَهَا. أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إذَا أَحَلَّهَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، أَوْ أَنَّهُ إذَا أَحَلَّهَا لِلْأَوَّلِ طَلَّقَهَا
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ: لَا يَصِحَّ. وَفِي الثَّالِثَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثُ حَسَنُ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ مِنْ التَّابِعِينَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ مَلْعُونٌ، عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute