وَيَجِيءُ، وَإِلَى أَنْ يَجِيءَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ قَدْ طَافَ مِائَتَيْ طَوَافٍ، وَكَلَّمَا طَافَ بِالْبَيْتِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يَمْشِيَ فِي غَيْرِ شَيْءٍ.
وَقَدْ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ عُمَرَ فِي أَرْبَعِ سُفُرَاتٍ، لَمْ يَزِدْ فِي كُلِّ سُفْرَةٍ عَلَى عُمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَعَهُ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ جَمَعَ بَيْنَ عُمْرَتَيْنِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ مَعَهُ، إلَّا عَائِشَةَ حِينَ حَاضَتْ فَأَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ؛ لِأَنَّهَا اعْتَقَدَتْ أَنَّ عُمْرَةَ قِرَانِهَا بَطَلَتْ، وَلِهَذَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ. فَأَعْمَرَهَا لِذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ فِي هَذَا فَضْلٌ لَمَا اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِهِ.
[فَصْل عَمْرَة فِي رَمَضَان تَعْدِل حُجَّة]
(٢٢١٣) فَصْلٌ: وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ أَدْرَكَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَقَدْ أَدْرَكَ عُمْرَةَ رَمَضَانَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثُ مِثْلُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» . وَقَالَ أَنَسٌ: «حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةً وَاحِدَةً، وَاعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَ؛ وَاحِدَةً فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ، وَعُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ إذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ حُنَيْنٍ» . وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ. قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: حَجَّ قَبْلَ ذَلِكَ حَجَّةً أُخْرَى. وَمَا هُوَ يَثْبُتُ عِنْدِي. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ حِجَجٍ؛ حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وَحَجَّةً بَعْدَمَا هَاجَرَ» . وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
(٢٢١٤) فَصْلٌ: وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إلَّا الْجَنَّةُ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي (الْمُوَطَّأِ) .
[مَسْأَلَة وَجَدَتْ فِيهِ شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَكَانَ عَاجِزًا عَنْهُ لِمَانِعِ مأيوس مِنْ زَوَالِهِ]
(٢٢١٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوْ شَيْخًا لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute