[مَسْأَلَةٌ مَاتَ قَبْلَ تَحْدِيدِ مَنْ الَّتِي طَلَّقَهَا مِنْ نِسَائِهِ]
(٦٠٤٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ، وَكَانَ الْمِيرَاثُ لِلْبَوَاقِي مِنْهُنَّ) نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُقْسَمُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُنَّ كُلِّهِنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ تَسَاوَيْنَ فِي احْتِمَالِ اسْتِحْقَاقِهِ وَلَا يَخْرُجُ الْحَقُّ عَنْهُنَّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُوقَفُ الْمِيرَاتُ الْمُخْتَصُّ بِهِنَّ حَتَّى يَصْطَلِحْنَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُنَّ
وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّهُنَّ قَدْ تَسَاوَيْنَ وَلَا سَبِيلَ إلَى التَّعْيِينِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى الْقُرْعَةِ كَمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِهِ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمْ وَقَدْ ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهِمْ بِالنَّصِّ وَلِأَنَّ تَوْرِيثَ الْجَمِيعِ تَوْرِيثٌ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ يَقِينًا وَالْوَقْفُ لَا إلَى غَايَةٍ حِرْمَانٌ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ يَقِينًا وَالْقُرْعَةُ يُسْلَمُ بِهَا مِنْ هَذَيْنِ الْمَحْذُورَيْنِ وَلَهَا نَظِيرٌ فِي الشَّرْعِ (٦٠٤٩) فَصْلٌ: فَإِنْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ أَوْ جَمِيعُهُنَّ قَرَعْنَا بَيْنَ الْجَمِيعِ فَمَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهَا حَرَمْنَاهُ مِيرَاثَهَا وَإِنْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَهُ وَبَعْضُهُنَّ بَعْدَهُ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِمَيِّتَةٍ قَبْلَهُ حَرَمْنَاهُ مِيرَاثَهَا، وَإِنْ خَرَجَتْ لِمَيِّتَةٍ بَعْدَهُ حَرَمْنَاهَا مِيرَاثَهُ، وَالْبَاقِيَاتُ يَرِثُهُنَّ وَيَرِثْنَهُ، فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ مَوْتِهَا: هَذِهِ الَّتِي طَلَّقْتهَا أَوْ قَالَ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ: هَذِهِ الَّتِي أَرَدْتهَا حُرِمَ مِيرَاثَهَا؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ وَيَرِثُ الْبَاقِيَاتِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ وَرَثَتُهُنَّ أَوْ كَذَّبُوهُ؛ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ جِهَتِهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَهُمْ يَدَّعُونَ طَلَاقَهُ لَهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ
وَهَلْ يُسْتَحْلَفُ عَلَى ذَلِكَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ فَإِنْ قُلْنَا: يُسْتَحْلَفُ فَنَكَلَ حَرَمْنَاهُ مِيرَاثَهَا؛ لِنُكُولِهِ وَلَمْ يَرِثْ الْأُخْرَى لِإِقْرَارِهِ بِطَلَاقِهَا، فَإِنْ مَاتَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ لِإِحْدَاهُنَّ: هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ فَأَقَرَّتْ أَوْ أَقَرَّ وَرَثَتُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا حَرَمْنَاهَا مِيرَاثَهُ وَإِنْ أَنْكَرَتْ أَوْ أَنْكَرَ وَرَثَتُهَا فَقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي بَقَاءَ نِكَاحِهَا وَهُمْ يَدَّعُونَ زَوَالَهُ وَالْأَصْلُ مَعَهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ عَلَيْهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إذَا لَمْ يَكُونَا مِمَّنْ يَتَوَفَّرُ عَلَيْهِمَا مِيرَاثُهَا وَلَا عَلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ كَأُمِّهِمَا وَجَدَّتِهِمَا؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ إحْدَى الزَّوْجَاتِ لَا يَرْجِعُ إلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ وَإِنَّمَا يَتَوَفَّرُ عَلَى ضَرَائِرِهَا
وَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَى الزَّوْجَاتِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلَاقًا تَبِينُ بِهِ فَأَنْكَرَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ لِإِقْرَارِهِمَا بِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ مِيرَاثَهُ فَقَبِلْنَا قَوْلَهَا فِيمَا عَلَيْهَا دُونَ مَا لَهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّنَا لَمْ نَقْبَلْ قَوْلَهَا فِيمَا عَلَيْهَا، وَهَذَا التَّفْرِيعُ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ يُبِينُهَا، فَأَمَّا إنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا أَوْ مَاتَتْ وَرَّتْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute