للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَك، وَاسْتَرْجَعَ. فَيَقُولُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

[مَسْأَلَةٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُصْلِحَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا]

(١٦٦٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصْلِحَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا، يَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِمْ، وَلَا يُصْلِحُونَ هُمْ طَعَامًا يُطْعِمُونَ النَّاسَ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إصْلَاحُ طَعَامٍ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ، يَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِمْ، إعَانَةً لَهُمْ، وَجَبْرًا لِقُلُوبِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ رُبَّمَا اشْتَغَلُوا بِمُصِيبَتِهِمْ وَبِمَنْ يَأْتِي إلَيْهِمْ عَنْ إصْلَاحِ طَعَامٍ لَأَنْفُسِهِمْ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، فِي " سُنَنِهِ "، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ شَغَلَهُمْ» .

وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: فَمَازَالَتْ السُّنَّةُ فِينَا، حَتَّى تَرَكَهَا مَنْ تَرَكَهَا. فَأَمَّا صُنْعُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا لِلنَّاسِ، فَمَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مُصِيبَتِهِمْ، وَشُغْلًا لَهُمْ إلَى شُغْلِهِمْ، وَتَشَبُّهًا بِصُنْعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَرُوِيَ أَنَّ جَرِيرًا وَفَدَ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: هَلْ يُنَاحُ عَلَى مَيِّتِكُمْ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَيَجْعَلُونَ الطَّعَامَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ذَاكَ النَّوْحُ. وَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ جَازَ؛ فَإِنَّهُ رُبَّمَا جَاءَهُمْ مَنْ يَحْضُرُ مَيِّتَهُمْ مِنْ الْقُرَى وَالْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ، وَيَبِيتُ عِنْدَهُمْ، وَلَا يُمْكِنُهُمْ إلَّا أَنْ يُضَيِّفُوهُ.

[مَسْأَلَةٌ الْمَرْأَةُ إذَا مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ يَتَحَرَّك]

(١٦٦١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْمَرْأَةُ إذَا مَاتَتْ، وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ يَتَحَرَّكُ، فَلَا يُشَقُّ بَطْنُهَا، وَيَسْطُو عَلَيْهِ الْقَوَابِلُ، فَيُخْرِجْنَهُ) مَعْنَى " يَسْطُو الْقَوَابِلُ " أَنْ يُدْخِلْنَ أَيْدِيَهُنَّ فِي فَرْجِهَا، فَيُخْرِجْنَ الْوَلَدَ مِنْ مَخْرَجِهِ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشَقُّ بَطْنُ الْمَيِّتَةِ لِإِخْرَاجِ وَلَدِهَا، مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً، وَتُخْرِجُهُ الْقَوَابِلُ إنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ بِحَرَكَةٍ. وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نِسَاءٌ لَمْ يَسْطُ الرِّجَالُ عَلَيْهِ، وَتُتْرَكُ أُمُّهُ حَتَّى يُتَيَقَّنُ مَوْتُهُ، ثُمَّ تُدْفَنُ.

وَمَذْهَبُ مَالِكٍ، وَإِسْحَاقَ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشَقَّ بَطْنُ الْأُمِّ، إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْجَنِينَ يَحْيَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ مِنْ الْمَيِّتِ لِإِبْقَاءِ حَيٍّ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا، وَلَمْ يُمْكِنْ خُرُوجُ بَقِيَّتِهِ إلَّا بِشَقٍّ، وَلِأَنَّهُ يُشَقُّ لِإِخْرَاجِ الْمَالِ مِنْهُ، فَلِإِبْقَاءِ الْحَيِّ أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>