للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّحَرِ أَدْخُلُ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ تَنَحْنَحَ، فَكَانَ ذَلِكَ إذْنِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ أَذِنَ لِي» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ

وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي كَرَاهَةِ تَنْبِيهِ الْمُصَلِّي بِالنَّحْنَحَةِ فِي صَلَاتِهِ، فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: لَا تَنَحْنُحَ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ، وَلْتُصَفِّقْ النِّسَاءُ» وَرَوَى عَنْهُ الْمَرُّوذِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَتَنَحْنَحُ لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ

[فَصْلٌ الْبُكَاءُ وَالتَّأَوُّهُ وَالْأَنِينُ فِي الصَّلَاة]

(٩٤١) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْبُكَاءُ وَالتَّأَوُّهُ وَالْأَنِينُ الَّذِي يَنْتَظِمُ مِنْهُ حَرْفَانِ فَمَا كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ خَوْفِ اللَّهِ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ، فِي الرَّجُلِ يَتَأَوَّهُ فِي الصَّلَاةِ: إنْ تَأَوَّهَ مِنْ النَّارِ فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إذَا تَأَوَّهَ، أَوْ أَنَّ، أَوْ بَكَى لِخَوْفِ اللَّهِ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ.

قَالَ الْقَاضِي: التَّأَوُّهُ ذِكْرٌ، مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: ١١٤] وَالذِّكْرُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةُ، وَمَدَحَ الْبَاكِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: ٥٨] وَقَالَ: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ} [الإسراء: ١٠٩] وَرُوِيَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي وَلِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنْ الْبُكَاءِ» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: سَمِعْت نَشِيجَ عُمَرَ وَأَنَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ.

وَلَمْ أَرَ عَنْ أَحْمَدَ فِي التَّأَوُّهِ شَيْئًا، وَلَا فِي الْأَنِينِ، وَالْأَشْبَهُ بِأُصُولِنَا أَنَّهُ مَتَى فَعَلَهُ مُخْتَارًا أَفْسَدَ صَلَاتَهُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، فِي الْبُكَاءِ الَّذِي لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ: إنَّهُ مَا كَانَ عَنْ غَلَبَةٍ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ إجْمَاعٍ وَالنُّصُوصُ الْعَامَّةُ تَمْنَعُ مِنْ الْكَلَامِ كُلِّهِ، وَلَمْ يَرِدْ فِي التَّأَوُّهِ وَالْأَنِينِ مَا يَخُصُّهُمَا وَيُخْرِجُهُمَا مِنْ الْعُمُومِ، وَالْمَدْحُ عَلَى التَّأَوُّهِ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصَهُ، كَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي هِيَ صَدَقَةٌ

[فَصْلٌ أَتَى بِذَكَرِ مَشْرُوعٍ يَقْصِدُ بِهِ تَنْبِيهَ غَيْرِهِ فِي الصَّلَاة]

(٩٤٢) فَصْلٌ: إذَا أَتَى بِذِكْرٍ مَشْرُوعٍ يَقْصِدُ بِهِ تَنْبِيهَ غَيْرِهِ. فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ، مِثْلُ أَنْ يَسْهُوَ إمَامُهُ فَيُسَبِّحَ بِهِ لِيُذَكِّرَهُ أَوْ يَتْرُكَ إمَامُهُ ذِكْرًا فَيَرْفَعَ الْمَأْمُومُ صَوْتَهُ لِيُذَكِّرَهُ أَوْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يُكَلِّمَهُ أَوْ يَنُوبَهُ شَيْءٌ، فَيُسَبِّحَ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ، أَوْ يَخْشَى عَلَى إنْسَانٍ الْوُقُوعَ فِي شَيْءٍ فَيُسَبِّحَ بِهِ لِيُوقِظَهُ، أَوْ يَخْشَى أَنْ يُتْلِفَ شَيْئًا، فَيُسَبِّحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>