عَلَى حَوْلِ النِّصَابِ، وَاسْتَأْنَفَ لَهَا حَوْلًا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.» وَلِأَنَّهَا فَائِدَةٌ تَامَّةٌ لَمْ تَتَوَلَّدْ مِمَّا عِنْدَهُ، فَلَمْ يَبْنِ عَلَى حَوْلِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَفَادَ مِنْ غَيْرِ الرِّبْحِ. وَإِنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِنِصَابٍ، فَزَادَتْ قِيمَتُهَا عِنْدَ رَأْسِ الْحَوْلِ، فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْفَائِدَةَ، وَيُزَكِّي عَنْ الْجَمِيعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ، فَإِنَّهُ يُزَكِّي عِنْدَ رَأْسِ الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ، وَيَسْتَأْنِفُ لِلزِّيَادَةِ حَوْلًا.
وَلَنَا، أَنَّهُ نَمَاءٌ جَارٍ فِي الْحَوْلِ، تَابِعٌ لِأَصْلِهِ فِي الْمِلْكِ، فَكَانَ مَضْمُومًا إلَيْهِ فِي الْحَوْلِ، كَالنِّتَاجِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَنِضَّ، وَلِأَنَّهُ ثَمَنُ عَرْضٍ تَجِبُ زَكَاةُ بَعْضِهِ، وَيُضَمُّ إلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ قَبْلَ الْبَيْعِ، فَيُضَمُّ إلَيْهِ بَعْدَهُ كَبَعْضِ النِّصَابِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَرْضًا زَكَّى جَمِيعَ الْقِيمَةِ، فَإِذَا نَضَّ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَحَقِّقًا، وَلِأَنَّ هَذَا الرِّبْحَ كَانَ تَابِعًا لِلْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَنِضَّ، فَبِنَضِّهِ لَا يَتَغَيَّرُ حَوْلُهُ. وَالْحَدِيثُ فِيهِ مَقَالٌ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالنِّتَاجِ، وَبِمَا لَمْ يَنِضَّ، فَنَقِيسُ عَلَيْهِ.
[فَصْلُ اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ مَا لَيْسَ بِنِصَابٍ فَنَمَا حَتَّى صَارَ نِصَابًا]
(١٩٢٧) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ مَا لَيْسَ بِنِصَابٍ، فَنَمَا حَتَّى صَارَ نِصَابًا، انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ حِينَ صَارَ نِصَابًا. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ لَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، فَاتَّجَرَ فِيهَا، فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَقَدْ بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، يُزَكِّيهَا. وَلَنَا، أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْحَوْلُ عَلَى نِصَابٍ، فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، كَمَا لَوْ نَقَصَ فِي آخِرِهِ.
[فَصْلُ اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ شِقْصًا بِأَلْفِ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ]
(١٩٢٨) فَصْلٌ: وَإِذَا اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ شِقْصًا بِأَلْفٍ، فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ أَلْفَيْنِ، فَإِنْ جَاءَ الشَّفِيعُ أَخَذَهُ بِأَلْفٍ، لِأَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا يَأْخُذُ بِالثَّمَنِ لَا بِالْقِيمَةِ، وَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ. وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ الشَّفِيعُ، لَكِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ أَلْفًا. وَلَوْ انْعَكَسَتْ الْمَسْأَلَةُ، فَاشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ، وَحَالَ الْحَوْلُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ أَلْفٍ، وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ إنْ أَخَذَهُ، وَيَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ بِأَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ.
(١٩٢٩) فَصْلٌ: وَإِنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا مُضَارَبَةً، عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَحَالَ الْحَوْلُ وَقَدْ صَارَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ أَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ رِبْحَ التِّجَارَةِ حَوْلُهُ حَوْلُ أَصْلِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute