(٧٧٧٢) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ سَلْخُ الْحَيَوَانِ قَبْلَ أَنْ يَبْرُدَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لِلْحَيَوَانِ، فَهُوَ كَقَطْعِ الْعُضْوِ. وَيُكْرَهُ النَّفْخُ فِي اللَّحْمِ الَّذِي يُرِيدُهُ لِلْبَيْعِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغِشِّ.
(٧٧٧٣) فَصْلٌ: وَإِنْ قُطِعَ مِنْ الْحَيَوَانِ شَيْءٌ، وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَهُوَ مَيْتَةٌ؛ لِمَا رَوَى أَبُو وَاقِدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ، وَهِيَ حَيَّةٌ، فَهُوَ مَيْتَةٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَلِأَنَّ إبَاحَتَهُ إنَّمَا تَكُونُ بِالذَّبْحِ، وَلَيْسَ هَذَا بِذَبْحٍ.
[مَسْأَلَةٌ ذَبِيحَةُ مَنْ أَطَاقَ الذَّبْحَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ]
(٧٧٧٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَذَبِيحَةُ مَنْ أَطَاقَ الذَّبْحَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ حَلَالٌ، إذَا سَمَّوْا، أَوْ نَسُوا التَّسْمِيَةَ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَمْكَنَهُ الذَّبْحُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، إذَا ذَبَحَ، حَلَّ أَكْلُ ذَبِيحَتِهِ، رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً، بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى إبَاحَةِ ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ. وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسِلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهَا فَذَكَّتْهَا بِحَجَرٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: كُلُوهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ سَبْعٌ؛ أَحَدُهَا، إبَاحَةُ ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ وَالثَّانِيَةُ، إبَاحَةُ ذَبِيحَةِ الْأَمَةِ. وَالثَّالِثَةُ إبَاحَةُ ذَبِيحَةِ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَفْصِلْ. وَالرَّابِعَةُ، إبَاحَةُ الذَّبْحِ بِالْحَجَرِ. وَالْخَامِسَةُ، إبَاحَةُ ذَبْحِ مَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ. وَالسَّادِسَةُ، حِلُّ مَا يَذْبَحُهُ غَيْرُ مَالِكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَالسَّابِعَةُ، إبَاحَةُ ذَبْحِهِ لِغَيْرِ مَالِكِهِ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ. وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، فَإِنْ كَانَ طِفْلًا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ سَكْرَانَ لَا يَعْقِلُ، لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ الذَّبْحُ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُعْتَبَرُ الْعَقْلُ. وَلَهُ فِيمَا إذَا أَرْسَلَ الْمَجْنُونُ الْكَلْبَ عَلَى صَيْدٍ وَجْهَانِ. وَلَنَا، أَنَّ الذَّكَاةَ يُعْتَبَرُ لَهَا الْقَصْدُ، فَيُعْتَبَرُ لَهَا الْعَقْلُ، كَالْعِبَادَةِ، فَإِنَّ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْقَصْدُ، فَيَصِيرُ ذَبْحُهُ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ الْحَدِيدَةُ بِنَفْسِهَا عَلَى حَلْقِ شَاةٍ فَذَبَحَتْهَا. وَقَوْلُهُ: إذَا سَمَّوْا أَوْ نَسُوا التَّسْمِيَةَ. فَالتَّسْمِيَةُ مُشْتَرَطَةٌ فِي كُلِّ ذَابِحٍ مَعَ الْعَمْدِ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا، فَإِنْ تَرَكَ الْكِتَابِيُّ التَّسْمِيَةَ عَنْ عَمْدٍ، أَوْ ذَكَرَ اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ، لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ.
وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَحَمَّادٌ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَكْحُولٌ: إذَا ذَبَحَ النَّصْرَانِيُّ بِاسْمِ الْمَسِيحِ حَلَّ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ لَنَا ذَبِيحَتَهُ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَقُولُ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute