أَبَوَيْهِ، أَوْ يَمُوتَ، أَوْ يُسْبَى مُنْفَرِدًا مِنْ أَبَوَيْهِ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو ثَوْرٍ مَنْ سُبِيَ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، حَتَّى يَخْتَارَ الْإِسْلَامَ. وَلَنَا، أَنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِالْإِسْلَامِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ سُبِيَ مُنْفَرِدًا مِنْهُمَا.
[فَصْلٌ يُصَلَّى عَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَالْمَرْجُومِ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِمْ]
(١٦٧٣) فَصْلٌ: وَيُصَلَّى عَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ، وَالْمَرْجُومِ فِي الزِّنَا، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَصَلَّى بِصَلَاتِنَا، نُصَلِّي عَلَيْهِ وَنَدْفِنُهُ. وَيُصَلَّى عَلَى وَلَدِ الزِّنَا، وَالزَّانِيَةِ، وَاَلَّذِي يُقَادُ مِنْهُ بِالْقِصَاصِ، أَوْ يُقْتَلُ فِي حَدٍّ. وَسُئِلَ عَمَّنْ لَا يُعْطِي زَكَاةَ مَالِهِ، فَقَالَ: يُصَلَّى عَلَيْهِ، مَا يُعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدٍ، إلَّا عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَالْغَالِّ.
وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، قَالَ: لَا يُصَلَّى عَلَى الْبُغَاةِ، وَلَا الْمُحَارِبِينَ؛ لِأَنَّهُمْ بَايَنُوا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَأَشْبَهُوا أَهْلَ دَارِ الْحَرْبِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ؛ لِأَنَّ أَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ قَالَ: «لَمْ يُصَلِّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ
، وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي شُمَيْلَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إلَى قُبَاءَ، فَاسْتَقْبَلَهُ رَهْطٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، يَحْمِلُونَ جِنَازَةً عَلَى بَابٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا هَذَا؟ قَالُوا: مَمْلُوكٌ لِآلِ فُلَانٍ. قَالَ: أَكَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، وَلَكِنَّهُ كَانَ وَكَانَ. فَقَالَ: أَكَانَ يُصَلِّي؟ قَالُوا: قَدْ كَانَ يُصَلِّي وَيَدَعُ. فَقَالَ لَهُمْ: ارْجِعُوا بِهِ، فَغَسِّلُوهُ، وَكَفِّنُوهُ، وَصَلُّوا عَلَيْهِ، وَادْفِنُوهُ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ كَادَتْ الْمَلَائِكَةُ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ» .
وَأَمَّا أَهْلُ الْحَرْبِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ، وَلَا يُقْبَلُ فِيهِمْ شَفَاعَةٌ، وَلَا يُسْتَجَابُ فِيهِمْ دُعَاءٌ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: ٨٤] وَقَالَ: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠] . وَأَمَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ عَلَى مَاعِزٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ لِعُذْرٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَجَمَ الْغَامِدِيَّةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute