للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا الْخُفَّاشَ. وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَخْبَثَةٌ، لَا تَسْتَطِيبُهَا الْعَرَبُ، وَلَا تَأْكُلُهَا. وَيَحْرُمُ الزَّنَابِيرُ، وَالْيَعَاسِيبُ، وَالنَّحْلُ، وَأَشْبَاهُهَا؛ لِأَنَّهَا مُسْتَخْبَثَةٌ، غَيْرُ مُسْتَطَابَةٍ.

(٧٧٩٤) فَصْلٌ: وَمَا عَدَا مَا ذَكَرْنَاهُ، فَهُوَ مُبَاحٌ؛ لِعُمُومِ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى الْإِبَاحَةِ، مِنْ ذَلِكَ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ، وَهِيَ الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: ١] .

وَمِنْ الصُّيُودِ الظِّبَاءُ، وَحُمُرُ الْوَحْشِ. وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا قَتَادَةَ وَأَصْحَابَهُ بِأَكْلِ الْحِمَارِ الَّذِي صَادَهُ. وَكَذَلِكَ بَقَرُ الْوَحْشِ كُلُّهَا مُبَاحَةٌ، عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، مِنْ الْإِبِلِ، وَالتَّيْتَلِ، وَالْوَعْلِ، وَالْمَهَا، وَغَيْرِهَا مِنْ الصُّيُودِ، كُلُّهَا مُبَاحَةٌ، وَتُفْدَى فِي الْإِحْرَامِ. وَيُبَاحُ النَّعَامُ، وَقَدْ قَضَى الصَّحَابَةُ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ. وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا مَا يُرْوَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ إنَّ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ إذَا أَنِسَ وَاعْتَلَفَ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَهْلِيِّ. قَالَ أَحْمَدُ: وَمَا ظَنَنْت أَنَّهُ رُوِيَ فِي هَذَا شَيْءٌ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدِي كَمَا قَالَ.

وَأَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ الظِّبَاءَ إذَا تَأَنَّسَتْ لَمْ تَحْرُمْ، وَالْأَهْلِيُّ إذَا تَوَحَّشَ لَمْ يَحِلَّ، وَلَا يَتَغَيَّرُ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ أَصْلِهِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ. قَالَ عَطَاءٌ، فِي حِمَارِ الْوَحْشِ: إذَا تَنَاسَلَ فِي الْبُيُوتِ، لَا تَزُولُ عَنْهُ أَسْمَاءُ الْوَحْشِ. وَسَأَلُوا أَحْمَدَ عَنْ الزَّرَافَةِ تُؤْكَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَهِيَ دَابَّةٌ تُشْبِهُ الْبَعِيرَ، إلَّا أَنَّ عُنُقَهَا أَطُولُ مِنْ عُنُقِهِ، وَجِسْمَهَا أَلْطَفُ مِنْ جِسْمِهِ، وَأَعْلَى مِنْهُ، وَيَدَاهَا أَطْوَلُ مِنْ رِجْلَيْهَا.

[فَصْلٌ حُكْمُ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ]

(٧٧٩٥) فَصْلٌ: وَتُبَاحُ لُحُومُ الْخَيْلِ كُلُّهَا عِرَابُهَا وَبَرَاذِينُهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ. وَبِهِ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَا أَكَلْت شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ مَعْرَفَةِ بِرْذَوْنٍ. وَحَرَّمَهَا أَبُو حَنِيفَةَ.

وَكَرِهَهُ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: ٨] وَعَنْ خَالِدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حَرَامٌ عَلَيْكُمْ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ، وَخَيْلُهَا، وَبِغَالُهَا. وَلِأَنَّهُ دُونِ حَافِرٍ، فَأَشْبَهَ الْحِمَارَ.» وَلَنَا، قَوْلُ جَابِرٍ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ» . وَقَالَتْ أَسْمَاءُ: «نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكَلْنَاهُ، وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>