عَلَى الْأُنْثَى فِي الْمِيرَاثِ عَلَى وَفْقِ هَذَا الْمَعْنَى، فَيَصِحُّ تَعْلِيلُهُ بِهِ
وَيَتَعَدَّى إلَى الْوَقْفِ وَإِلَى غَيْرِهِ مِنْ الْعَطَايَا وَالصِّلَاتِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ مُلْغًى بِالْمِيرَاثِ وَالْعَطِيَّةِ. فَإِنْ خَالَفَ فَسَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، أَوْ فَضَّلَهَا عَلَيْهِ، أَوْ فَضَّلَ بَعْضَ الْبَنِينَ أَوْ بَعْضَ الْبَنَاتِ عَلَى بَعْضٍ، أَوْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِالْوَقْفِ دُونَ بَعْضٍ، فَقَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ: إِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْأَثَرَةِ، فَأَكْرَهُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ لَهُ عِيَالٌ وَبِهِ حَاجَةٌ. يَعْنِي فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الزُّبَيْرَ خَصَّ الْمَرْدُودَةَ مِنْ بَنَاتِهِ دُونَ الْمُسْتَغْنِيَةِ مِنْهُنَّ بِصَدَقَتِهِ. وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَحْمَدَ، لَوْ خَصَّ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ مِنْ أَوْلَادِهِ بِوَقْفِهِ، تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، أَوْ ذَا الدِّينِ دُونَ الْفُسَّاقِ، أَوْ الْمَرِيضَ أَوْ مَنْ لَهُ فَضْلٌ مِنْ أَجْلِ فَضِيلَتِهِ، فَلَا بَأْسَ
وَقَدْ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَحَلَ عَائِشَةَ جُذَاذَ عِشْرِينَ وَسْقًا دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ، وَحَدِيثُ عُمَرَ، أَنَّهُ كَتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ، أَنَّ ثَمْغًا وَصِرْمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ، وَالْعَبْدَ الَّذِي فِيهِ، وَالْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي بِخَيْبَرَ، وَرَقِيقَهُ الَّذِي فِيهِ، الَّذِي أَطْعَمَهُ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَادِي، تَلِيه حَفْصَةُ مَا عَاشَتْ، ثُمَّ يَلِيهِ ذُو الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا، أَنْ لَا يُبَاعَ وَلَا يُشْتَرَى، يُنْفِقُهُ حَيْثُ رَأَى مِنْ السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَذَوِي الْقُرْبَى، لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ إنْ أَكَلَ أَوْ آكَلَ أَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَخْصِيصِ حَفْصَةَ دُونَ إخْوَتِهَا وَأَخَوَاتهَا.
[مَسْأَلَة وَقَفَ عَلَى قَوْمٍ وَنَسْلِهِمْ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ]
(٤٣٩٥) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، رَجَعَ إلَى الْمَسَاكِينِ) يَعْنِي إذَا وَقَفَ عَلَى قَوْمٍ وَنَسْلِهِمْ، ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَانْقَرَضَ الْقَوْمُ وَنَسْلُهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، رَجَعَ إلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَمْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ الْقَوْمِ أَوْ مِنْ نَسْلِهِمْ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ رَتَّبَهُ لِلْمَسَاكِينِ بَعْدَهُمْ. وَالْمَسَاكِينُ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ السَّهْمَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَالْفُقَرَاءُ يَدْخُلُونَ فِيهِمْ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْفُقَرَاءِ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَسَاكِينُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا.
وَالْمَعْنَى الَّذِي يُسَمَّيَانِ بِهِ شَامِلٌ لَهُمَا، وَهُوَ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ، وَلِهَذَا لَمَّا سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَسَاكِينَ، فِي مَصْرِفِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَفِدْيَةِ الْأَذَى، تَنَاوَلَهُمَا جَمِيعًا، وَجَازَ الصَّرْفُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَمَّا ذَكَرَ الْفُقَرَاءَ فِي قَوْلِهِ: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٧٣] . وَفِي قَوْلِهِ: {وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢٧١] . تَنَاوَلَ الْقِسْمَيْنِ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute