وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ وَجْهًا ثَالِثًا، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الثَّانِي شَاةٌ كَامِلَةٌ، وَفِي الثَّالِثِ شَاةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّهُ نِصَابٌ كَامِلٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ بِنَفْسِهِ، فَوَجَبَتْ فِيهِ شَاةٌ كَامِلَةٌ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ. وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ لِلثَّانِي وَالثَّالِثِ أَجْنَبِيَّيْنِ، مَلَكَاهُمَا مُخْتَلِطَيْنِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا إلَّا زَكَاةُ خُلْطَةٍ، فَإِذَا كَانَ لِمَالِكِ الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى، فَإِنْ ضَمَّ بَعْضَ مَالِهِ إلَى بَعْضٍ أَوْلَى مِنْ ضَمِّ مِلْكِ الْخَلِيطِ إلَى خَلِيطِهِ.
وَإِنْ مَلَكَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي مَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ، مِثْلُ أَنْ مَلَكَ مِائَةَ شَاةٍ، فَعَلَيْهِ فِيهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ شَاةٌ ثَانِيَةٌ، عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ؛ لِأَنَّنَا نَجْعَلُ مِلْكَهُ فِي الْإِيجَابِ، كَمِلْكِهِ لِلْكُلِّ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مَلَكَ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ كُلِّ مَالٍ شَاةٌ.
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي حِصَّتُهُ مِنْ فَرْضِ الْمَالَيْنِ مَعًا، وَهُوَ شَاةٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ شَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْمَالَيْنِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، كَانَ عَلَيْهِ فِيهِمَا شَاتَانِ، حِصَّةُ الْمِائَةِ مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْبَاعِهِمَا، وَهُوَ شَاةٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ شَاةٍ، وَعَلَيْهِ فِي الثَّالِثِ شَاةٌ وَرُبْعٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْجَمِيعَ دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ شَاةً، لَكَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، حِصَّةُ الثَّالِثِ مِنْهُنَّ رُبْعُهُنَّ وَسُدْسُهُنَّ، وَهُوَ شَاةٌ وَرُبْعٌ. وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ لِلْأَمْوَالِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةَ أَشْخَاصٍ، وَمَلَكَ الثَّانِي سَائِمَتَهُ مُخْتَلِطَةً بِسَائِمَةِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ مَلَكَ الثَّالِثُ سَائِمَتَهُ مُخْتَلِطَةً بِغَنَمِهِمَا، لَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ كَالْوَاجِبِ عَلَى الْمَالِكِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، لَا غَيْرُ.
[فَصْل مِلْك عِشْرِينَ مِنْ الْإِبِل فِي الْمُحْرِم وَخَمْسًا فِي صَفَر]
(١٧٣٤) فَصْلٌ: فَإِنْ مَلَكَ عِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فِي الْمُحَرَّمِ، وَخَمْسًا فِي صَفَرٍ، فَعَلَيْهِ فِي الْعِشْرِينَ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا، أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي الْخَمْسِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا خُمْسُ بِنْتِ مَخَاضٍ. عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ، عَلَيْهِ شَاةٌ. وَإِنْ مَلَكَ فِي الْمُحَرَّمِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَفِي صَفَرٍ خَمْسًا، فَعَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْخَمْسِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَعَلَى الثَّانِي: عَلَيْهِ سُدْسُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وَعَلَى الثَّالِثِ عَلَيْهِ فِيهَا شَاةٌ.
فَإِنْ مَلَكَ مَعَ ذَلِكَ فِي رَبِيعٍ شَيْئًا، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْخَمْسِ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُ السِّتِّ، فَيَجِبُ فِيهِمَا رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ وَنِصْفُ تُسْعِهَا. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي، عَلَيْهِ فِي الْخَمْسِ سُدْسُ بِنْتِ مَخَاضٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا، وَفِي السِّتِّ سُدْسُ بِنْتِ لَبُونٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا. وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ، عَلَيْهِ فِي الْخَمْسِ الثَّانِيَةِ شَاةٌ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا، وَفِي السِّتِّ شَاةٌ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا.
[فَصْل كَانَتْ سَائِمَة الرَّجُل فِي بَلَدَانِ شَتَّى وَبَيْنَهُمَا مَسَافَة لَا تُقَصِّر فِيهَا الصَّلَاة]
(١٧٣٥) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ فِي بُلْدَانٍ شَتَّى، وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ، أَوْ كَانَتْ مُجْتَمِعَةً، ضُمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَكَانَتْ زَكَاتُهَا كَزَكَاةِ الْمُخْتَلِطَةِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْبُلْدَانِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّ لِكُلِّ مَالٍ حُكْمَ نَفْسِهِ، يُعْتَبَرُ عَلَى حِدَتِهِ، إنْ كَانَ نِصَابًا فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute