بِعْتُكَهُ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ. صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا قَدْرَ ذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الصُّبْرَةِ، وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك مِنْ الثَّوْبِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ مِنْ الْقَطِيعِ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ.
وَإِنْ بَاعَهُ شَاةٍ مِنْ الْقَطِيعِ. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ شِيَاهَ الْقَطِيعِ غَيْرُ مُتَسَاوِيَةِ الْقِيَمِ، فَيُفْضِي ذَلِكَ إلَيَّ التَّنَازُعِ، بِخِلَافِ الْقَفِيزِ مِنْ الصُّبْرَةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَهَا مُتَسَاوِيَةٌ. وَإِنْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مِنْ الدَّارِ، أَوْ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْهَا، يُرِيدَانِ بِذَلِكَ قَدْرًا غَيْرَ مُشَاعٍ، لَمْ يَصِحَّ؛ كَذَلِكَ. وَإِنْ أَرَادَا مُشَاعًا مِنْهَا، وَهُمَا يَعْلَمَانِ عَدَدَ ذُرْعَانِهَا صَحَّ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الذِّرَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ بُقْعَةٍ بِعَيْنِهَا، وَمَوْضِعُهُ مَجْهُولٌ. وَلَنَا أَنَّ عَشَرَةً مِنْ مِائَةٍ عُشْرُهَا، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك عُشْرَهَا. صَحَّ. فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: بِعْتُك عَشْرَةً مِنْ مِائَةٍ.
وَمَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ مُسْلَمٍ، بَلْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قَدْرٍ، كَمَا أَنَّ الْمِكْيَالَ عِبَارَةٌ عَنْ قَدْرٍ، فَإِذَا أَضَافَهُ إلَى جُمْلَةٍ كَانَ ذَلِكَ جُزْءًا مِنْهَا. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا أَرَادَا قَدْرًا مِنْهَا غَيْرَ مُشَاعٍ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ. وَإِنْ كَانَا لَا يَعْلَمَانِ ذُرْعَانَ الدَّارِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَأَجْزَاءَ الْأَرْضِ مُخْتَلِفَةٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً وَلَا مُشَاعَةً. وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك مِنْ الدَّارِ مِنْ هَاهُنَا إلَى هَاهُنَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ.
وَإِنْ قَالَ: عَشَرَةَ أَذْرُعٍ، ابْتِدَاؤُهَا مِنْ هَاهُنَا إلَى هَاهُنَا إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي الذِّرَاعُ. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الذَّرْعَ يَخْتَلِفُ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْتَهِي إلَيْهِ لَا يُعْلَمُ حَالَ الْعَقْدِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك نَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ. وَلَا يُعْلَمُ قَدْرُ نَصِيبِهِ مِنْهَا، أَوْ قَالَ: نَصِيبًا مِنْهَا أَوْ سَهْمًا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ.
وَإِنْ عَلِمَا ذَلِكَ صَحَّ. وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك نِصْفَ دَارِي مِمَّا يَلِي دَارَكَ. لَمْ يَصِحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إلَى أَيْنَ يَنْتَهِي، فَيَكُونُ مَجْهُولًا.
[فَصْلٌ بَاعَهُ عَبْدًا مِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ]
(٢٩٧٨) فَصْلٌ: وَلَوْ بَاعَهُ عَبْدًا مِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، لَمْ يَصِحَّ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا بَاعَهُ عَبْدًا مِنْ عِيدَيْنِ أَوْ مِنْ ثَلَاثَةٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ. صَحَّ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ الْغَرَرُ.
وَلَنَا أَنَّ مَا تَخْتَلِفُ أَجْزَاؤُهُ وَقِيمَتُهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ بَعْضِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَا مُشَاعًا، كَالْأَرْبَعَةِ، وَمَا لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ شَرْطِ الْخِيَارِ، لَا يَصِحُّ بِشَرْطِهِ، كَالْأَرْبَعَةِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا، فَإِنَّ الِاخْتِيَارَ يُمْكِنُ قَبْلَ الْعَقْدِ، ثُمَّ مَا قَالُوهُ يَبْطُلُ بِالْأَرْبَعَةِ.
[فَصْلٌ قَالَ بِعْتُك مِنْ هَذَا الثَّوْب مِنْ هَذَا الْمَوْضِع إلَى هَذَا الْمَوْضِع]
(٢٩٧٩) فَصْلٌ: وَحُكْمُ الثَّوْبِ حُكْمُ الْأَرْضِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ: بِعْتُك مِنْ هَذَا الثَّوْبِ، مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ. صَحَّ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْقُصُهُ الْقَطْعُ، قَطَعَاهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْقُصُهُ الْقَطْعُ، وَشَرْطَ الْبَائِعُ أَنْ يَقْطَعَهُ لَهُ، أَوْ رَضِيَ بِقَطْعِهِ هُوَ وَالْمُشْتَرِي، جَازَ. وَإِنْ تَشَاحَّا فِي ذَلِكَ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ، كَمَا يَشْتَرِكَانِ