للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ، فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا مِنْ الْأَقَارِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ، كَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا.

[مَسْأَلَةٌ السِّقْطُ إذَا وُلِدَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ]

(١٦١٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَالسِّقْطُ إذَا وُلِدَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، غُسِّلَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ. السِّقْطُ: الْوَلَدُ تَضَعُهُ الْمَرْأَةُ مَيِّتًا، أَوْ لِغَيْرِ تَمَامٍ، فَأَمَّا إنْ خَرَجَ حَيًّا وَاسْتَهَلَّ، فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ إذَا عُرِفَتْ حَيَاتُهُ وَاسْتَهَلَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، فَقَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَتَى لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ.

وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَإِسْحَاقَ، وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنٍ لِابْنَتِهِ وُلِدَ مَيِّتًا. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ، حَتَّى يَسْتَهِلَّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْحَيَاةِ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، كَمَنْ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

وَلَنَا، مَا رَوَى الْمُغِيرَةُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَفِي لَفْظِ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: (وَالطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ،

وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ، وَبِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: مَا أَحَدٌ أَحَقَّ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ مِنْ الطِّفْلِ، وَلِأَنَّهُ نَسَمَةٌ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهِلِّ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ فِي حَدِيثِهِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، أَنَّهُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَحَدِيثُهُمْ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَدْ اضْطَرَبَ النَّاسُ فِيهِ، فَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ مَوْقُوفًا. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: كَأَنَّ هَذَا أَصَحُّ مِنْ الْمَرْفُوعِ.

وَأَمَّا الْإِرْثُ فَلِأَنَّهُ لَا تُعْلَمُ حَيَاتُهُ حَالَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ، وَذَلِكَ مِنْ شَرْطِ الْإِرْثِ. وَالصَّلَاةُ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ تُصَادِفَ مَنْ كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ، وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ دُعَاءٌ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ، وَخَيْرٌ، فَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الِاحْتِيَاطِ وَالْيَقِينِ؛ لِوُجُودِ الْحَيَاةِ، بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ. فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَأْتِ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ، وَيُدْفَنُ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، فَإِنَّهُ قَالَ: يُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ وَحَدِيثُ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ نَسَمَةً، فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، كَالْجَمَادَاتِ وَالدَّمِ.

[مَسْأَلَةٌ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ السِّقْطُ أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى سُمِّيَ اسْمًا يَصْلُحُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى]

(١٦١٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ، أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى، سُمِّيَ اسْمًا يَصْلُحُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) هَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «سَمُّوا أَسْقَاطَكُمْ، فَإِنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>