فَإِنْ عَدِمُوا فَالْأَقَارِبُ حِينَئِذٍ يَعْقِلُونَ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ فِي الْأُعْطِيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ وَلِأَنَّهُ مَعْنًى لَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْمِيرَاثُ، فَلَمْ يُحْمَلْ بِهِ الْعَقْلُ كَالْجِوَارِ وَاتِّفَاقُ الْمَذَاهِبِ، وَقَضَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ، عَلَى أَنَّهُ إنْ صَحَّ مَا ذُكِرَ عَنْهُ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَشِيرَةَ الْقَاتِلِ.
[فَصْلٌ يَشْتَرِك فِي الْعَقْل الْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ]
(٦٨٢١) فَصْلٌ: وَيَشْتَرِكُ فِي الْعَقْلِ الْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَخْتَصُّ بِهِ الْحَاضِرُ؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ بِالنُّصْرَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ بَيْن الْحَاضِرِينَ، وَلِأَنَّ فِي قِسْمَتِهِ عَلَى الْجَمِيعِ مَشَقَّةٌ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ كَالْمَذْهَبَيْنِ. وَلَنَا، الْخَبَرُ، وَأَنَّهُمْ اسْتَوَوْا فِي التَّعْصِيبِ وَالْإِرْثِ، فَاسْتَوَوْا فِي تَحَمُّلِ الْعَقْلِ، كَالْحَاضِرِينَ، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَتَعَلَّقُ بِالتَّعْصِيبِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ، كَالْمِيرَاثِ وَالْوِلَايَةِ.
[فَصْل الْقِسْمَة بَيْنَ الْعَاقِلَة]
(٦٨٢٢) فَصْلٌ: وَيَبْدَأُ فِي قِسْمَتِهِ بَيْن الْعَاقِلَةِ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، يُقْسَمُ عَلَى الْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ، وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ، ثُمَّ أَعْمَامِ الْأَبِ ثُمَّ بَنِيهِمْ، ثُمَّ أَعْمَامِ الْجَدِّ، ثُمَّ بَنِيهِمْ، كَذَلِكَ أَبَدًا، حَتَّى إذَا انْقَرَضَ الْمُنَاسِبُونَ، فَعَلَى الْمَوْلَى الْمُعْتِقِ، ثُمَّ عَلَى عَصَبَاته، ثُمَّ عَلَى مَوْلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ عَلَى عَصَبَاته، الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، كَالْمِيرَاثِ سَوَاءً. وَإِنْ قُلْنَا: الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ مِنْ الْعَاقِلَةِ، بُدِئَ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ.
وَمَتَى اتَّسَعَتْ أَمْوَالُ قَوْمٍ لِلْعَقْلِ، لَمْ يَعْدُهُمْ إلَى مَنْ بَعْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ، فَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، كَالْمِيرَاثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ. وَهَلْ يُقَدَّمُ مَنْ يُدْلِي بِالْأَبَوَيْنِ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِالْأَبِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي الْمِيرَاثِ، فَقُدِّمَ فِي الْعَقْلِ، كَتَقْدِيمِ الْأَخِ عَلَى ابْنِهِ. وَالثَّانِي، يَسْتَوِيَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ بِالتَّعْصِيبِ، وَلَا أَثَرَ لِلْأُمِّ فِي التَّعْصِيبِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ تُؤَثِّرُ فِي التَّرْجِيحِ وَالتَّقْدِيمِ وَقُوَّةِ التَّعْصِيبِ، لِاجْتِمَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute