وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِي أَخْذِهَا إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَلَمْسِهَا، وَهَتْكِ الْمَيِّتِ، وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ لَا يُفْعَلُ لِغَيْرِ وَاجِبٍ، وَلِأَنَّ الْعَوْرَةَ مَسْتُورَةٌ يُسْتَغْنَى بِسَتْرِهَا عَنْ إزَالَتِهَا. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ أَخْذَهَا مَسْنُونٌ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، وَإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ جَزَّ عَانَةَ مَيِّتٍ. وَلِأَنَّهُ شَعْرٌ إزَالَتُهُ مِنْ السُّنَّةِ، فَأَشْبَهَ الشَّارِبَ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَيُفَارِقُ الشَّارِبُ الْعَانَةَ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُتَفَاحَشُ لِرُؤْيَتِهِ، وَلَا يُحْتَاجُ فِي أَخْذِهِ إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَلَا مَسِّهَا. فَإِذَا قُلْنَا بِأَخْذِهَا، فَإِنَّ حَنْبَلًا رَوَى أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ: تَرَى أَنْ تُسْتَعْمَلَ النُّورَةُ؟ قَالَ: الْمُوسَى، أَوْ مِقْرَاضٌ يُؤْخَذُ بِهِ الشَّعْرُ مِنْ عَانَتِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: تُزَالُ بِالنُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ، وَلَا يَمَسُّهَا. وَوَجْهُ قَوْلِ أَحْمَدَ أَنَّهُ فِعْلُ سَعْدٍ، وَالنُّورَةُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تُتْلِفَ جِلْدَ الْمَيِّتِ. (١٦٤٧) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْخِتَانُ فَلَا يُشْرَعُ؛ لِأَنَّهُ إبَانَةُ جُزْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ.
وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ يُخْتَنُ. حَكَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَلَا يُحْلَقُ رَأْسُ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ السُّنَّةِ فِي الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ لِزِينَةِ أَوْ نُسُكٍ، وَلَا يُطْلَبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ هَاهُنَا.
[فَصْلٌ جُبِرَ عَظْمُهُ بِعَظْمِ فَجَبَرَ ثُمَّ مَاتَ]
(١٦٤٨) فَصْلٌ: وَإِنْ جُبِرَ عَظْمُهُ بِعَظْمٍ فَجَبَرَ، ثُمَّ مَاتَ، لَمْ يُنْزَعْ إنْ كَانَ طَاهِرًا. وَإِنْ كَانَ نَجِسًا فَأَمْكَنَ إزَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ مُثْلَةٍ أُزِيلَ؛ لِأَنَّهُ نَجَاسَةٌ مَقْدُورٌ عَلَى إزَالَتِهَا مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ. وَإِنْ أَفْضَى إلَى الْمُثْلَةِ لَمْ يُقْلَعْ، وَصَارَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ، كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا. وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ جَبِيرَةٌ يُفْضِي نَزْعُهَا إلَى مُثْلَةٍ، مُسِحَتْ كَمَسْحِ جَبِيرَةِ الْحَيِّ. وَإِنْ لَمْ يُفْضِ إلَى مُثْلَةٍ، نُزِعَتْ فَغُسِلَ مَا تَحْتَهَا. قَالَ أَحْمَدُ، فِي الْمَيِّتِ تَكُونُ أَسْنَانُهُ مَرْبُوطَةً بِذَهَبٍ: إنْ قَدَرَ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْقُطَ بَعْضُ أَسْنَانِهِ نَزَعَهُ، وَإِنْ خَافَ أَنْ يَسْقُطَ بَعْضُهَا تَرَكَهُ.
(١٦٤٩) فَصْلٌ: وَمَنْ كَانَ مُشَنَّجًا، أَوْ بِهِ حُدْبٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَأَمْكَنَ تَمْدِيدُهُ بِالتَّلْيِينِ وَالْمَاءِ الْحَارِّ، فُعِلَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِعُنْفٍ، تَرَكَهُ بِحَالِهِ. فَإِنْ كَانَ عَلَى صِفَةٍ لَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ عَلَى النَّعْشِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يَشْتَهِرُ بِالْمُثْلَةِ، تُرِكَ فِي تَابُوتٍ، أَوْ تَحْتَ مُكِبَّةٍ، مِثْلُ مَا يُصْنَعُ بِالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ أَصْوَنُ لَهُ، وَأَسْتَرُ لِحَالِهِ. (١٦٥٠) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُتْرَكَ فَوْقَ سَرِيرِ الْمَرْأَةِ شَيْءٌ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ الْجَرِيدِ، مِثْلُ الْقُبَّةِ، يُتْرَكُ فَوْقَهُ ثَوْبٌ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute