للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّقَّالِينَ وَالْحَافِظِينَ لَهَا. وَالثَّانِي، هُوَ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ بِحُضُورِ الْوَقْعَةِ، فَأَشْبَهَ سِهَامَ الْغَانِمِينَ.

وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَهَذَيْنِ.

[فَصْل أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ فِي قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ]

(٧٥١١) أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ فِي قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ بِالْأَسْلَابِ، فَيَدْفَعُهَا إلَى أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا مُعَيَّنُ، ثُمَّ بِمُؤْنَةِ الْغَنِيمَةِ؛ مِنْ أُجْرَةِ النَّقَّالِ وَالْحَمَّالِ وَالْحَافِظِ وَالْمُخَزِّنِ، ثُمَّ بِالرَّضْخِ، عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ بِالْخُمُسِ، ثُمَّ بِالْأَنْفَالِ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ، ثُمَّ يَقْسِمُ بَقِيَّةَ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ. وَإِنَّمَا قَدَّمْنَا قِسْمَةَ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ عَلَى قِسْمَةِ الْخُمُسِ، لِسِتَّةِ مَعَانٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّ أَهْلَهَا حَاضِرُونَ، وَأَهْلُ الْخُمْسِ غَائِبُونَ.

الثَّانِي؛ أَنَّ رُجُوعَ الْغَانِمِينَ إلَى أَوْطَانِهِمْ يَقِفُ عَلَى قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، وَأَهْلُ الْخُمُسِ فِي أَوْطَانِهِمْ، فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِقَسْمِ نَصِيبِهِمْ لِيَعُودُوا إلَى أَوْطَانِهِمْ أَوْلَى. الثَّالِثُ، أَنَّ الْغَنِيمَةَ حَصَلَتْ بِتَحْصِيلِ الْغَانِمِينَ وَتَعَبِهِمْ، فَصَارُوا بِمَنْزِلَةِ مَنْ اسْتَحَقَّهَا بِعِوَضٍ، وَأَهْلُ الْخَمْسِ بِخِلَافِهِ، فَكَانَ أَهْلُ الْغَنِيمَةِ أَوْلَى. الرَّابِعُ، أَنَّهُ إذَا قَسَمَ الْغَنِيمَةَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، أَخَذَ كُلُّ إنْسَانٍ نَصِيبَهُ، فَحَمَلَهُ، وَاهْتَمَّ بِهِ، وَكَفَى الْإِمَامَ مُؤْنَتَهُ، وَالْخُمُسُ إذَا قُسِمَ لَيْسَ لَهُ مَنْ يَكْفِي الْإِمَامَ مُؤْنَتَهُ، فَلَا تَحْصُلُ الْفَائِدَةُ بِقِسْمَتِهِ، بَلْ كَانَ يَحْمِلُهُ مُجْتَمِعًا، فَصَارَ يَحْمِلُهُ مُتَفَرِّقًا، فَكَانَ تَأْخِيرُ قِسْمَتِهِ أَوْلَى.

الْخَامِسُ، أَنَّ الْخُمُسَ لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ كُلِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِمْ وَعَدَدِهِمْ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ غَيْبَتِهِمْ. السَّادِسُ؛ أَنَّ الْغَانِمِينَ يَنْتَفِعُونَ بِسِهَامِهِمْ، وَيَتَمَكَّنُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا لِحُضُورِهِمْ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْخَمْسِ.

[مَسْأَلَة غَزَا الْعَبْدُ عَلَى فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ]

(٧٥١٢) قَالَ: (وَإِذَا غَزَا الْعَبْدُ عَلَى فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ، قُسِمَ لِلْفَرَسِ، فَكَانَ لِسَيِّدِهِ، وَيُرْضَخُ لِلْعَبْدِ) . أَمَّا الرَّضْخُ لِلْعَبْدِ، فَكَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْفَرَسُ الَّتِي تَحْتَهُ، فَيَسْتَحِقُّ مَالِكُهَا سَهْمَهَا، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ فَرَسَانِ أَوْ أَكْثَرُ، أُسْهِمَ لِفَرَسَيْنِ، وَيُرْضَخُ لِلْعَبْدِ. نَصَّ عَلَى هَذَا أَحْمَدُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ تَحْتَ مَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ، فَلَمْ يُسْهَمْ لَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ تَحْتَ مُخَذِّلٍ. وَلَنَا، أَنَّهُ فَرَسٌ حَضَرَ الْوَقْعَةَ، وَقُوتِلَ عَلَيْهِ، فَاسْتَحَقَّ السَّهْمَ، كَمَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ رَاكِبَهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ سَهْمَ الْفَرَسِ وَرَضَخَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُهُ وَمَالِكُ فَرَسِهِ، وَسَوَاءٌ حَضَرَ السَّيِّدُ الْقِتَالَ أَوْ غَابَ عَنْهُ. وَفَارَقَ فَرَسَ الْمُخَذِّلِ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ لَهُ فَإِذًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا بِحُضُورِهِ، فَلَأَنْ لَا يَسْتَحِقَّ بِحُضُورِ فَرَسِهِ أَوْلَى.

[فَصْل غَزَا الصَّبِيُّ عَلَى فَرَسٍ أَوْ الْمَرْأَةُ أَوْ الْكَافِرُ]

(٧٥١٣) وَإِنْ غَزَا الصَّبِيُّ عَلَى فَرَسٍ، أَوْ الْمَرْأَةُ أَوْ الْكَافِرُ إذَا قُلْنَا: لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الرَّضْخَ. لَمْ يُسْهَمْ لِلْفَرَسِ، فِي ظَاهِرِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَبْلُغُ بِالرَّضْخِ لِلْفَارِسِ سَهْمَ فَارِسٍ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يُرْضَخُ لَهُ وَلِفَرَسِهِ مَا لَا يَبْلُغُ سَهْمَ الْفَارِسِ. وَلِأَنَّ سَهْمَ الْفَرَسِ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّهْمَ بِحُضُورِهِ، فَبِفَرَسِهِ أَوْلَى، بِخِلَافِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْفَرَسَ لِغَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>