وَلَمْ يَرِثْ. وَهَذَا فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَوَارِثٍ غَيْرُ مَقْبُولٍ، فَمَنَعْنَا مِيرَاثَهُ لِيُقْبَلَ إقْرَارُهُ لَهُ بِالْإِعْتَاقِ.
[فَصْلٌ مَرِيضٌ اشْتَرَى أَبَاهُ بِأَلْفٍ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ]
(٤٦٠٠) فَصْلٌ: مَرِيضٌ اشْتَرَى أَبَاهُ بِأَلْفٍ، لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، فَعَلَى رِوَايَةِ الْخَبْرِيِّ، يُعْتَقُ كُلُّهُ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَيُعْتَقُ بَاقِيهِ عَلَى ابْنِهِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْتَقُ ثُلُثُهُ، وَيَسْعَى لِلِابْنِ فِي ثُلُثَيْهِ. وَعَلَى قَوْلِ صَاحِبَيْهِ، يُعْتَقُ سُدُسُهُ، وَيَسْعَى فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ. وَقِيلَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: يُفْسَخُ الشِّرَاءُ، إلَّا أَنْ يُجِيزَ الِابْنُ عِتْقَهُ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ ثُلُثُهُ. وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي ثُلُثَيْهِ. وَإِنْ خَلَّفَ أَلْفَيْنِ سِوَاهُ، عَتَقَ، وَوَرِثَ سُدُسَهُمَا. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَفِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ، يُعْتَقُ نِصْفُهُ، وَيَسْعَى فِي قِيمَةِ نِصْفِهِ.
[فَصْل وَهَبَ الْإِنْسَانَ أَبُوهُ أَوْ وُصِّيَ لَهُ بِهِ]
(٤٦٠١) فَصْل: وَإِذَا وَهَبَ الْإِنْسَانَ أَبُوهُ، أَوْ وَصَّى لَهُ بِهِ، اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ، وَلَمْ يَجِبْ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعْتَاقًا لِأَبِيهِ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ مَالٍ. وَلَنَا، أَنَّهُ اسْتِجْلَابُ مِلْكٍ عَلَى الْأَبِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَمَا لَوْ بُذِلَ لَهُ بِعِوَضٍ، أَوْ كَمَا لَوْ بَذَلَ لَهُ ابْنُهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَقَارِبِهِ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ضَرَرٌ بِلُحُوقِ الْمِنَّةِ بِهِ، وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ.
[فَصْلٌ وَصَّى لِوَارِثِهِ وَأَجْنَبِيٍّ بِثُلُثِهِ فَأَجَازَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ وَصِيَّةَ الْوَارِثِ]
(٤٦٠٢) فَصْلٌ: إذَا وَصَّى لِوَارِثِهِ وَأَجْنَبِيٍّ بِثُلُثِهِ، فَأَجَازَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ وَصِيَّةَ الْوَارِثِ، فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ وَصَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمُعَيَّنٍ قِيمَتُهُمَا الثُّلُثُ، فَأَجَازَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ وَصِيَّةَ الْوَارِثِ، جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا. وَإِنْ رَدُّوا بَطَلَتْ وَصِيَّةُ الْوَارِثِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلِلْأَجْنَبِيِّ السُّدُسُ فِي الْأُولَى، وَالْمُعَيَّنُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَغَيْرِهِمْ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّتَانِ بِثُلُثَيْ مَالِهِ، فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ لَهُمَا. جَازَتْ لَهُمَا. وَإِنْ عَيَّنُوا نَصِيبَ الْوَارِثِ بِالرَّدِّ وَحْدَهُ، فَلِلْأَجْنَبِيِّ الثُّلُثُ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُمْ خَصُّوا الْوَارِثَ بِالْإِبْطَالِ، فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَسَقَطَتْ وَصِيَّةُ الْوَارِثِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُوصِ لَهُ. وَإِنْ أَبْطَلُوا الزَّائِدَ عَنْ الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، فَالثُّلُثُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَصِيَّيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ. هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَارِثَ يُزَاحِمُ الْأَجْنَبِيَّ، إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّتَيْنِ، فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الثُّلُثُ، فَإِذَا أَبْطَلُوا نِصْفَهُمَا بِالرَّدِّ، كَانَ الْبُطْلَانُ رَاجِعًا إلَيْهِمَا، وَمَا بَقِيَ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ تَلِفَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الرَّدِّ. وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ الثُّلُثَ جَمِيعَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ. وَحُكِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إبْطَالِ الثُّلُثِ فَمَا دُونَ إذَا كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ جَعَلْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute