لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَلِأَهْلِ الْفَتْحِ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ: بِمَنْ أَبْدَأُ؟ قِيلَ لَهُ: بِنَفْسِك. قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَبْدَأُ بِقَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَبَدَأَ بِبَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ بِبَنِي الْمُطَّلِبِ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» . ثُمَّ بِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ؛ لِأَنَّهُ أَخُو هَاشِمٍ لِأَبَوَيْهِ، ثُمَّ بِبَنِي نَوْفَلٍ؛ لِأَنَّهُ أَخُوهُمَا لِأَبِيهِمَا، ثُمَّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ الْإِمَامُ دِيوَانًا، وَهُوَ دَفْتَرٌ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَذِكْرُ أَعْطِيَاتِهِمْ، وَيَجْعَلَ لِكُلِّ قَبِيلَةٍ عَرِيفًا. فَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّفَ عَامَ حُنَيْنٍ عَلَى كُلِّ عَشْرَةٍ عَرِيفًا. وَإِذَا أَرَادَ إعْطَاءَهُمْ بَدَأَ بِقَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيُقَدِّمُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ
وَيُقَدِّمُ بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ أَصْهَارَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ خَدِيجَةَ مِنْهُمْ، حَتَّى يَنْقَضِيَ قُرَيْشٌ، وَهُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ قُرَيْشٍ الْأَنْصَارُ، ثُمَّ سَائِرُ الْعَرَبِ، ثُمَّ الْعَجَمُ وَالْمَوَالِي، ثُمَّ تُفْرَضُ الْأَرْزَاقُ لِمَنْ يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهِمْ، مِنْ الْقُضَاةِ، وَالْمُؤَذِّنِينَ، وَالْأَئِمَّةِ، وَالْفُقَهَاءِ، وَالْقُرَّاءِ، وَالْبُرْدِ، وَالْعُيُونِ، وَمَنْ لَا غِنَى لِلْمُسْلِمِينَ عَنْهُ، ثُمَّ فِي إصْلَاحِ الْحُصُونِ، وَالْكُرَاعِ، وَالسِّلَاحِ، ثُمَّ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ بِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ، وَإِصْلَاحِ الطُّرُقِ
وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَسَدِّ بُثُوقِهَا، وَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ، ثُمَّ مَا فَضَلَ قَسَّمَهُ عَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَخُصُّ ذَا الْحَاجَةِ.
[فَصْلٌ يَعْرِفُ فِي الْغَنِيمَة قَدْرَ حَاجَات أَهْلَ الْعَطَاءِ وَكِفَايَتِهِمْ]
(٥٠٩٣) فَصْلٌ: قَالَ الْقَاضِي: وَيَعْرِفُ قَدْرَ حَاجَتِهِمْ - يَعْنِي أَهْلَ الْعَطَاءِ - وَكِفَايَتِهِمْ، وَيَزْدَادُ ذُو الْوَلَدِ مِنْ أَجْلِ وَلَدِهِ، وَذُو الْفَرَسِ مِنْ أَجْلِ فَرَسِهِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ لِمَصَالِحِ الْحَرْبِ حَسْبَ مَئُونَتِهِمْ فِي كِفَايَتِهِ، وَإِنْ كَانُوا لَزِينَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ، لَمْ يَدْخُلُوا فِي مَئُونَتِهِ. وَيَنْظُرُ فِي أَسْعَارِهِمْ فِي بُلْدَانِهِمْ؛ لِأَنَّ أَسْعَارَ الْبُلْدَانِ تَخْتَلِفُ، وَالْغَرَضُ الْكِفَايَةُ، وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ الذُّرِّيَّةُ وَالْوَلَدُ، فَيَخْتَلِفُ عَطَاؤُهُمْ لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فِي الْكِفَايَةِ، لَا يُفَضِّلُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنَّمَا تَتَفَاضَلُ كِفَايَتُهُمْ، وَيُعْطُونَ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ، فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً.
وَهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى قَوْلِ مَنْ رَأَى التَّسْوِيَةَ. فَأَمَّا مِنْ يَرَى التَّفْضِيلَ، فَإِنَّهُ يُفَضِّلُ أَهْلَ السَّوَابِقِ وَالْغَنَاءِ فِي الْإِسْلَامِ، عَلَى غَيْرِهِمْ، بِحَسْبِ مَا يَرَاهُ، كَمَا أَنَّ عُمَرَ، فَضَّلَ أَهْلَ السَّوَابِقِ، فَقَسَمَ لَقَوْمٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَلِآخَرِينَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَلِآخَرِينَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَلِآخَرِينَ أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ، وَلَمْ يُقَدِّرْ ذَلِكَ بِالْكِفَايَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute