للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي، يُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ، لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ مُخْتَلَفٌ فِيهِمَا، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ، وَالْبَيِّنَةَ الْكَامِلَةَ شَهَادَةُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، فَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا، كَتَقْدِيمِهَا عَلَى يَمِينِ الْمُنْكِرِ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَصَحُّ، إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالْوَجْهَيْنِ.

[فَصْل فِي أَيْدِيهِمَا دَارٌ فَادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا كُلَّهَا وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا]

(٨٥١١) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا دَارٌ، فَادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا كُلَّهَا وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَعَلَى مُدَّعِي النِّصْفِ الْيَمِينُ لِصَاحِبِهِ، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْمَحْكُومَ لَهُ بِهِ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ. وَلَا نَعْلَم فِي هَذَا خِلَافًا. إلَّا أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ، أَنَّ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا، لِأَنَّ النِّصْفَ لَهُ لَا مُنَازِعَ فِيهِ، وَالنِّصْفَ الْآخَرَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ دَعْوَاهُمَا فِيهِ. وَلَنَا أَنَّ يَدَ مُدَّعِي النِّصْفِ عَلَى مَا يَدَّعِيه، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيهِ مَعَ يَمِينِهِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى. فَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ بِمَا يَدَّعِيه، فَقَدْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا فَالنِّصْفُ، لِمُدَّعِي الْكُلِّ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي أَيِّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُقَدَّمُ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي، فَتَكُونُ الدَّارُ كُلُّهَا لِمُدَّعِي الْكُلِّ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَيْهِ.

فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ثَالِثٍ لَا يَدَّعِيهَا، فَالنِّصْفُ لِصَاحِبِ الْكُلِّ، لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، حَلَفَ، وَكَانَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ، تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا، وَصَارَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا. وَإِنْ قُلْنَا: تُسْتَعْمَلُ الْبَيِّنَتَانِ. أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَقُدِّمَ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَالثَّانِي، يُقْسَمُ النِّصْفُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بَيْنَهُمَا، فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا.

[فَصْل الدَّارِ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى أَحَدُهُمْ نِصْفَهَا وَادَّعَى الْآخَرُ ثُلُثَهَا وَادَّعَى الْآخَرُ سُدُسَهَا]

(٨٥١٢) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ، ادَّعَى أَحَدُهُمْ نِصْفَهَا، وَادَّعَى الْآخَرُ ثُلُثَهَا، وَادَّعَى الْآخَرُ سُدُسَهَا، فَهَذَا اتِّفَاقٌ مِنْهُمْ عَلَى كَيْفِيَّةِ مِلْكِهِمْ، وَلَيْسَ هَاهُنَا اخْتِلَافٌ وَلَا تَجَاحُدٌ، فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ بَاقِيَ الدَّارِ وَدِيعَةٌ، أَوْ عَارِيَّةٌ مَعِي، وَكَانَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْمِلْكِ بَيِّنَةٌ، قُضِيَ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ، وَلَا مُعَارِضَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَأُقِرَّ فِي يَدِهِ ثُلُثُهَا. (٨٥١٣) فَصْلٌ: فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَهَا، وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا، وَالْآخَرُ ثُلُثَهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةٌ، قُسِمَتْ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْيَمِينُ عَلَى مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى ثُلُثِهَا. وَإِنْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمْ بَيِّنَةٌ، نَظَرْت؛ فَإِنْ كَانَتْ لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ، فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لِمُدَّعِي النِّصْفِ، أَخَذَهُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ، لِمُدَّعِي الْكُلِّ السُّدُسُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَيَحْلِفُ عَلَى نِصْفِ السُّدُسِ، وَيَحْلِفُ الْآخَرُ عَلَى الرُّبْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>