وَقْفًا مَعَهَا. وَإِنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةِ يَعْتَقِدُهَا حُرَّةً، فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَلَوْ كَانَ الْوَاطِئُ عَبْدًا، وَتَجِبُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ سَبِيلِهِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا، فَمَنَعَهُ اعْتِقَادُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الرِّقِّ، فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ يَكُونُ وَقْفًا، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَضَعُهُ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنْ تَقْوِيمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ وَطْءُ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ]
(٤٤٢٠) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ؛ لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ حَبَلَهَا، فَتَنْقُصُ أَوْ تَتْلَفُ أَوْ تَخْرُجُ مِنْ الْوَقْفِ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ نَاقِصٌ، فَإِنْ وَطِئَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِلشُّبْهَةِ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ لَهُ، وَلَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ شَيْءٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ. وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ، يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ مَكَانَهُ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ. فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ، وَوَجَبَتْ قِيمَتُهَا فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْبُطُونِ، فَيُشْتَرَى بِهَا جَارِيَةٌ تَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهَا
وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُهَا. لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ.
[فَصْل عِتْقُ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ]
(٤٤٢١) فَصْلٌ: وَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ، لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الْوَقْفَ لَازِمٌ، فَلَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ. وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَقْفًا، وَنِصْفُهُ طَلْقًا، فَأَعْتَقَ صَاحِبُ الطَّلْقِ، لَمْ يَسْرِ عِتْقُهُ إلَى الْوَقْفِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتِقْ بِالْمُبَاشَرَةِ فَبِالسَّرَايَةِ أَوْلَى.
[مَسْأَلَةٌ حَصَلَ فِي يَدِ بَعْضِ أَهْلِ الْوَقْفِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ]
(٤٤٢٢) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا حَصَلَ فِي يَدِ بَعْضِ أَهْلِ الْوَقْفِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ. وَإِذَا صَارَ الْوَقْفُ لِلْمَسَاكِينِ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ شَجَرًا فَأَثْمَرَ، أَوْ أَرْضًا فَزُرِعَتْ، وَكَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، فَحَصَلَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ الثَّمَرَةِ أَوْ الْحَبِّ نِصَابٌ فَفِيهِ الزَّكَاةُ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ
وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَمَكْحُولٍ لَا زَكَاةَ فِيهِ، لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمْ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ زَكَاةٌ فِي الْخَارِجِ مِنْهَا كَالْمَسَاكِينِ. وَلَنَا أَنَّهُ اسْتَغَلَّ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ شَجَرِهِ نِصَابًا، فَلَزِمَتْهُ زَكَاتُهُ، كَغَيْرِ الْوَقْفِ. يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْوَقْفَ الْأَصْلُ، وَالثَّمَرَةَ طَلْقٌ، وَالْمِلْكُ فِيهَا تَامٌّ، لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَتُورَثُ عَنْهُ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، كَالْحَاصِلَةِ مِنْ أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُ
وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْأَرْضَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ. مَمْنُوعٌ. وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ، فَهُوَ مَالِكٌ لِمَنْفَعَتِهَا؛ وَيَكْفِي ذَلِكَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، بِدَلِيلِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ. أَمَّا الْمَسَاكِينُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَحْصُلُ فِي أَيْدِيهِمْ، سَوَاءٌ حَصَلَ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ نِصَابٌ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، أَوْ لَمْ يَحْصُلْ،