للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَنُو إسْرَائِيلَ مَاشِيَتُهُمْ الْبَقَرُ، فَأُمِرُوا بِالذَّبْحِ.

«وَثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ بَدَنَةً، وَضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَمَعْنَى النَّحْرِ، أَنْ يَضْرِبَهَا بِحَرْبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فِي الْوَهْدَةِ الَّتِي بَيْنَ أَصْلِ عُنُقِهَا وَصَدْرِهَا.

(٧٧٦١) فَصْلٌ: وَيُسَنُّ الذَّبْحُ بِسِكِّينٍ حَادٍّ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: «خَصْلَتَانِ سَمِعْتُهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» .

وَيُكْرَه أَنْ يَسُنَّ السِّكِّينَ وَالْحَيَوَانُ يُبْصِرُهُ. وَرَأَى عُمَرُ رَجُلًا قَدْ وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى شَاةٍ، وَهُوَ يَحُدُّ السِّكِّينَ، فَضَرَبَهُ حَتَّى أَفْلَتَ الشَّاةَ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَذْبَحَ شَاةً وَالْأُخْرَى تَنْظُرُ إلَيْهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا الْقِبْلَةَ. وَاسْتَحَبَّ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَكَرِهَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ سِيرِينَ أَكْلَ مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. وَقَالَ سَائِرُهُمْ: لَيْسَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَذْبَحُونَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ ذَبَائِحَهُمْ.

[فَصْلٌ لَا تُؤْكَل الْمَصْبُورَةُ وَلَا الْمُجَثَّمَةُ]

(٧٧٦٢) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: لَا تُؤْكَلُ الْمَصْبُورَةُ، وَلَا الْمُجَثَّمَةُ. وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. وَالْمُجَثَّمَةُ: هِيَ الطَّائِرُ أَوْ الْأَرْنَبُ يُجْعَلُ غَرَضًا، ثُمَّ يُرْمَى حَتَّى يُقْتَلَ. وَالْمَصْبُورَةُ مِثْلُهُ، إلَّا أَنَّ الْمُجَثَّمَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الطَّائِرِ وَالْأَرْنَبِ وَأَشْبَاهِهَا، وَالْمَصْبُورَةُ كُلُّ حَيَوَانٍ. وَأَصْلُ الصَّبْرِ الْحَبْسُ. وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صَبْرِ الْبَهَائِمِ، وَقَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا.

» وَرَوَى سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ مُجَثَّمَةٍ» . وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُجَثَّمَةِ وَعَنْ أَكْلِهَا، وَنَهَى عَنْ الْمَصْبُورَةِ وَعَنْ أَكْلِهَا» وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُبَحْ بِغَيْرِ الذَّكَاةِ، كَالْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ.

[مَسْأَلَةٌ مَا حُكْم ذبح مَا يُنْحَرُ أَوْ نحر مَا يُذْبَحُ]

(٧٧٦٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَإِنْ ذَبَحَ مَا يُنْحَرُ، أَوْ نَحَرَ مَا يُذْبَحُ فَجَائِزٌ) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَحُكِيَ عَنْ دَاوُد، أَنَّ الْإِبِلَ لَا تُبَاحُ إلَّا بِالنَّحْرِ، وَلَا يُبَاحُ غَيْرُهَا إلَّا بِالذَّبْحِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>